الإنترنت اللاسلكي: قلق وهمي من الإشعاع أم آفة تكنولوجية؟

تشهد المدارس والمؤسّسات التّعليميّة في مدينة حيفا بالآونة الأخيرة، قلقًا متزايدًا من الإشعاعات النّاجمة عن الإنترنت اللاسلكيّ، ما حدا بالبلديّة إعلانها نيّة تثبيت الانترنيت السلكيّ بدلًا من اللاسلكيّ (WiFi) المتّبع، بشكل تدريجيّ

الإنترنت اللاسلكي: قلق وهمي من الإشعاع أم آفة تكنولوجية؟

تشهد المدارس والمؤسّسات التّعليميّة في مدينة حيفا بالآونة الأخيرة، قلقًا متزايدًا من الإشعاعات النّاجمة عن الإنترنت اللاسلكيّ، ما حدا بالبلديّة إعلانها نيّة تثبيت الانترنيت السلكيّ بدلًا من اللاسلكيّ (WiFi) المتّبع، بشكل تدريجيّ في المؤسّسات التّعليميّة. وحاليًّا، تمّ ايقاف خدمة الواي فاي لغاية إجراء فحص شامل عن مدى التّأثير السّلبيّ للإنترنت اللا-سلكيّ على الطّلّاب.

قام موقع عرب48 بفحص مدى إجراءات الوقاية من الإشعاعات الصّادرة عن الإنترنت اللاسلكيّ، الواي فاي، في المدارس العربيّة، حيث أخذنا النّاصرة، أكبر مدينة عربيّة في البلاد نموذجًا، لنتساءل هل حقًّا يشكّل الواي فاي خطرًا حقيقيًّا؟ ولنختبر ماذا يقول المختصّون والمسؤولون في هذا الشّأن؟

الإشعاع ليس نور علم!

وفي هذا الصّدد صرّح مسؤول قسم الصّحّة والتّفتيش وترخيص المهن في بلديّة النّاصرة، عدوان كريّم، إنّه لا يوجد هناك أيّ قانون يمنع استعمال الهواتف الذّكيّة في المؤسّسات التّعليميّة التّابعة لبلديّة النّاصرة، وهي قضيّة يجب أن يكون لها تعميم إلزاميّ من قبل الحكومة ووزارة المعارف بشكل خاصّ، ليتمّ استعمال الهواتف بعد حملة توعيّة ومحاضرات، وذلك لخطورة استعمال عدد كبير من الطلاب، 35-40 طالب في الصّفّ للواي فاي، وعلى الرّغم من هذا تهتمّ جميع المدارس بتوفير شبكة تغطية جيّدة وقويّة قريبة منها.

ومن جهة أخرى، قال مفتّش وفاحص أشعّة في بلدية النّاصرة، جمال أبو تايه 'من خلال مجال عملي أعرّف الإشعاعات على أنّها كثيرة المصادر، لا تعني فقط واي فاي، فهي الكهرباء في الشّوارع والبيوت كذلك، استعمال الواي فاي موجود في المدينة ومدارسها. الفحص يتمّ عن طريق وزارة البيئة والسّلطات المحليّة، ومنذ بدايتي في الفحوصات عملت على فحص الهوائيّات والواي فاي والكهرباء في مؤسّسات البلديّة كافّة ممّا يشمل المدارس والرّوضات والبستان والمدارس الخاصّة الأهليّة، وقد قمت بجولة لجميع المدارس والرّوضات ومؤسّسات البلديّة، ليتّضح أنّ نسبة الإشعاعات أقلّ بكثير ممّا مسموح به، وكأنّها غير موجودة'.

وبالمقابل أشار رئيس الاتّحاد القطريّ للجان أولياء أمور الطّلّاب العرب، المحامي فؤاد سلطاني، إنّه قبل عدّة سنوات أقيمت لجنة فحص وزاريّة من قبل الحكومة، وبعد فحصها للمخاطر النّاتجة عن استعمال الانترنت اللاسلكي أوصت بعدم ربط المدارس بإنترنت لا سلكيّ، وهي خطوة اتّخذت منذ سنوات، ورغم ذلك يوجد الآن ما يقارب 75% من المدارس في إسرائيل تحوي شبكات إنترنت لا سلكيّ، بعلم ومصادقة وزارة المعارف في إسرائيل، هذه المعلومة قدّمت للمحكمة العليا مؤخّرًا ، خلال القضيّة التي تقدّم بها الأهالي ضدّ وزارة المعارف والدّولة، مطالبين بها بتنفيذ توصيات اللجنة وإزالة التّردّدات اللاسلكيّة في المدارس واستبدالها بإنترنت سلكيّ.

وواصل سلطاني 'في السّنوات الأخيرة يقع الإنسان في مطبّ حاجة الاستخدام التّكنلوجيّ والماديّ بالرّغم من كل ما يحيط بها من مخاطر وسلبيّات، يتواجد الطّلّاب بشكل خاصّ بغرف مغلقة وبشبكة إنترنت تحتوي الكثير من المخارج التي تصل إلى خطوط هواتف كثيرة، تصل إلى 40 مشتركًا في مساحة لا تتعدّى 30 مترًا، ممّا يزيد الخطر على الطّلّاب صغار السّنّ'.

وسط الإشعاع

في حين عبّر سلطاني من جهته عن خطر حقيقيّ 'بحسب معلوماتنا وفحوصاتنا، وجدنا أنّ المدارس العربيّة تفوق بمجملها  نسبة استعمال 75%  للواي فاي، فاستعمال المدارس العربيّة للواي فاي يفوق الاستعمال في المدارس اليهوديّة، ونعرف بحسب الفحوصات والأبحاث حول هذا الموضوع أنّ تواجد الطّلّاب في غرفة مع هذه الكميّة الكبيرة من مصادر الإشعاعات يشكّل خطرًا ويسبّب أوجاع رأس ودوخة وتعب وأعراض أخرى لدى بعض الطّلّاب، فهناك بعض الأجساد التي تحمل حساسيّة تجاه الإشعاعات اللاسلكيّة، ولذلك نحن نطالب المدارس الالتزام بتوصيات اللجنة الوزاريّة والكفّ عن الاستعمال المكثّف لهذه الشّبكات واستبدالها بشبكات عاديّة لمنع الخطر '.

وأردف سلطاني إنّه ما من قرار نهائيّ أصدرته المحكمة العليا حول القضيّة 'نحن بانتظار حسم المحكمة في القضيّة، وسنجدّد توجّهنا لوزارة المعارف بتزويدنا بمعلومات دقيقة حول استعمال شبكات الإنترنت في المدارس وعن الخطوات التي ستتّخذها الوزارة، وفي أعقاب ردّ الوزارة سنفحص ما هي الخطوات المتوجّب اتّخاذها على المستوى القطريّ'.

ويفيد جمال أبو تايه أنّ وزارة البيئة تضع مقاييس ومواصفات الإشعاعات المسموح بها في البلاد، المستقاة من التّدريج العالميّ 'عادةً نأخذ تحت المستوى المسموح به بكثير في قياسنا للأشعة، والكهرباء بشكل خاصّ، لأنّها أخطر نوع من أنواع الإشعاعات، فالحدّ المسموح به هو 2 ميليغاوس لإشعاع الكهرباء. في الدّول الأوروبيّة ما يسمح به في الخطوط الرّئيسيّة للكهرباء هو 100 ميليغاوس مقارنة بالبلاد فهو 2 ميليغاوس، أما الواي فاي فالحدّ المسموح به في البلاد هو 45 ميكرفات للسنتميتر المربّع'

وأضاف أبو تايه 'من خلال تجربتي، فتقديري لإشعاع الواي فاي منخفض جدًا جدًا في النّاصرة، والإشعاعات في المدارس لا تقتصر على الواي فاي، ففي حال وقوع مشكلة أخرى، نسارع لحلّها، كما جرى على سبيل المصال بإحدى المدارس التي واجهت إشكاليّة في الكهرباء، والتي لاقت علاجًا سريعًا من قبلنا'.

وتابع أبو تايه أنّ الإشعاع غير مرئيّ وغير ملموس ولكن إذا كان موجّه باتّجاه شخص ما لعدد ساعات كبير، وبمستوى أعلى ممّا مسموح به 'فإنّه يشكّل مصدرًا حراريًّا على جسم الإنسان، يعمل على تحويل الخلايا العاديّة في جسم الإنسان إلى خلايا سرطانيّة'.

بين الإثبات والشّكّ

وأوضح أبو تايه، أنّ مسألة تأثير الواي فاي السّلبيّ على جسد الإنسان هي قضيّة غير محسومة، فهناك أطراف تقول إنّه خطر، وأطراف تجد العكس، وقد نشرت مؤخّرًا القناة الإسرائيليّة الثّانية تقريرًا عن أنّ وجود الواي فاي أفضل من عدمه، فإذا دخل الطّلّاب إلى غرفة الحاسوب فمن المفترض أن يكون هناك شبكة واي فاي، وإن لم تكن فالإشعاعات المنبعثة من كلّ الأجهزة ستكون أعلى لأنّها تبذل جهدًا أكبر، فحتّى الهواتف إن لم تحصل على شبكة ستبذل جهدًا أكبر وستشكّل خطرًا أعلى'.

وصرّح أبو تايه أنّ الواي فاي بناءً على الاختبارات التي تمّت في النّاصرة كان أقلّ ضررًا من أشعّة الشّمس التي نتعرّض لها، وأضاف 'لديّ تقارير تشير ألّا أضرار يتسبّب بها الواي فاي'.

واعتبر فؤاد سلطاني ألّا أبحاث تؤكّد المخاطر بشكل جازم، ولكن شكوكًا تدور بتسبّبها لأضرار للطّلّاب 'فإزالة هذا الخطر لا يقتصر على الشّبكات فهنالك أيضًا خطر آخر على الطّلّاب تكمن في الإشعاعات من الهوائيّات المتواجدة بالقرب من المدارس'.

اقرأ أيضا: المتقدمون العرب للسكن في العفولة: قرار عنصري وسنلتمس للعليا
وأوضح جمال أبو تايه عدّة نقاط هامّة لعموم النّاس، إذ قال إنّ 'الكثير من العادات الخطرة نمارسها دون الانتباه لمضارّها، مثل استعمال الهاتف دون تغطية الشّبكة بشكل كافٍ، ما يزيد من خطر الإشعاع بسبب الجهود التي يبذلها الجهاز، إضافةً إلى حمل الهاتف بحقيبة الخصر لدى النساء لفترات طويلة، ووضع الهاتف في جيب القميص، قريبًا من القلب، وكلّ هذه المخاطر تفوق مخاطر الواي فاي'.

التعليقات