كتاب المدنيات يعتبر العرب طوائف لها حقوق مجزوءة ومشروطة

د. أيمن إغبارية: لو لم أكن أعلم أن هذا هو كتاب المدنيات من تقديم وزارة التعليم، لاعتقدت أن الحديث يدور عن كتاب أعدته وزارة الخارجية

كتاب المدنيات يعتبر العرب طوائف لها حقوق مجزوءة ومشروطة

صورة من إحياء يوم الأرض في النقب (أ.ف.ب)

* يطرح الكتاب المشترك بين اليهود فقط، لكنه يرى بالعرب طوائف ومجموعات لها حقوق مجزوءة مشروطة بالواجبات.

* يقدم الكتاب المواطنة على أنها مواطنة في أرض إسرائيل أكثر منها في دولة إسرائيل


في أعقاب صدور الطبعة الجديدة من كتاب المدنيات لطلاب المدارس الثانويّة، أمس الإثنين، ثارت موجة من الانتقادات والرفض للمضامين وما ترمي إليها من استهداف وعي الطالب العربي، وتكريس عملية التشويه وعلاقة القوة بين الأقلية والأكثرية، واستعرض المتخصص في السياسات التربوية، د. أيمن إغبارية، بعض المفاصل الهامة في الكتاب.

يقول إغبارية ' يوجد في كتاب المدنيات الجديد انتقال من عرض الدولة اليهودية الديمقراطية إلى الدولة اليهودية الصهيونية، ولا يؤكد هذا الانتقال جوهر الدولة اليهودي فحسب، إنما يؤكد، أيضًا، جوهرها اليهودي الصهيوني، بينما، في الكتاب السابق، كانت فيه محاولة للتوازن بين الجوهر اليهودي الديمقراطي وطرح تعقيداته، إلا أنه في الكتاب الجديد فالتوازن المذكور تم تجاوزه وغير موجود إطلاقًا، بحيث أن هذا لا يقتصر فقط على التأكيد على يهودية الدولة، إلا أنه على الطالب العربي الاعتراف بصهيونيتها، وهو مطالب، أيضًا، بالاقتناع وتذويت حالة الدونية والنقص كمواطن في دولة يهودية صهيونية'.

د. أيمن إغبارية
د. أيمن إغبارية

ويضيف إغبارية أن الكتاب يتبنى توجهًا بوجود جمهورية لليهود فقط، وإضعاف المعيار الليبرالي للمواطنة ولجميع المواطنين، وهذا التوجه يطرح المشترك بين اليهود فقط وجيد لهم، لكنه يرى بالعرب طوائف ومجموعات لها حقوق مجزوءة مشروطة بالواجبات، وعلى رأسها الخدمة العسكرية.

 وعن توجه الكتاب الجديد، أجاب إغبارية بالقول إن 'الكتاب هو صورة للمجتمع الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية، وصورة لدولة عنصرية، يسيطر عليها تيار سياسي ديني؛ كما  يطرح هذا التوجه، أيضًا، تمريرَ رؤيته إلى جهاز التعليم، وجعل الاحتلال أمرً طبيعيًا، بالإضافة إلى تكريس فوقية اليهود وتفوقهم، ليس فقط في المجال السياسي، بل في المجال التعليمي التربوي، أيضًا'.

ويقدم الكتاب المواطنة أيضا على أنها مواطنة في أرض إسرائيل أكثر منها في دولة إسرائيل، وفقًا لكلام إغبارية، الذي أضاف أن الكتاب 'يقدم العلاقة بين الأقلية والأكثرية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكذلك حياة الفلسطينيين في إسرائيل برؤية تخضع لاعتبارات أيديولوجية يمينية تعطي الأفضلية لأرض إسرائيل على دولة إسرائيل وتستخدم في النص لغة توراتية لأحقيّة وشرعية قيام دولة إسرائيل، وهي شرعية تعتمد المصدر التوراتي و’وعد الله للشعب المختار’'.

وأضاف إغبارية أن 'الكتاب غني في عرضه التاريخي إلى حد يمكن أن تشعر بأن الكتاب أقرب إلى المادة التاريخية منه لكتاب مدنيات ومواطنة، وأن العرض التاريخي الانتقائي في الكتاب هذا مطروح في دوائر النقاشات الأكاديمية وليس فقط بين عرب ويهود، بل بين اليهود أنفسهم. وعلى سبيل المثال فإن الفصول التي تتحدث  عن العرب في الكتاب 'الدروز والشركس في المجتمع الإسرائيلي'، وتحديات الحياة المشتركة في المجتمع الإسرائيلي 'هي قضايا إشكالية على وجه الخصوص، ولا يمثل هذا الطرح الصورة الأصلية والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسية والتربوية للأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وكذلك فإن الكتاب، عندما يستشهد بمثال من ألمانيا عشية الحرب العالمية الثانية، للتذكير بمن هو المعرف كأقلية، لم يذكر الأقلية التي يتعلم أبناؤها هذا الكتاب، كما يتنكر لوجود الفلسطينيين في المناطق المحتلة، زد على ذلك أن الكتاب لا يتطرق للحياة السياسية والجماهيرية والاجتماعية لفلسطينيي الداخل ولا يتطرق لقضايا مثل العنصرية والتمييز في مجالات الحياة المختلفة، كما أنه يتجاهل وجود مؤسساته، مثل لجنة المتابعة العليا وتطور المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل'.

ومضى إغبارية يقول إن 'موضوع التجنيد يحتل حيزًا مركزيًا في الكتاب وهو أمر جديد، حيث يظهر هناك الربط بين الخدمة العسكرية والخدمة المدنية الوطنية، بحيث يتناول رافضي الخدمة المدنية بشكل سطحي، كأن لا رفضَ جماهيريًا خلفها، يعزّزه موقف رجال التربية والمؤسسات، بل ‘نه مقتصر على رفض سياسيين فقط، كما يعرضها الكتاب، وكذلك يبقى شرح أسباب الرفض غير مفصلة بل متناولة بالمستوى الحسي مقابل التوضيح وبشكل منهجي أن الخدمة العسكرية تشكل أداةً للتمييز بين المجموعات المختلفة من المواطنين في المجتمع العربي، ومدى قربهم من المؤسسة وإخلاصهم للدولة، أي أن العربي الجيد هو العربي الذي يخدم بالجيش.

وخلص إغبارية إلى القول إنه 'لو لم أكن أعلم أن هذا هو كتاب المدنيات من تقديم وزارة التعليم، لاعتقدت أن الحديث يدور عن كتاب أعدته وزارة الخارجية'.

اقرأ/ي أيضًا | كتاب المدنيات الجديد: عرب وفق مقاييس اليمين الإسرائيلي

التعليقات