النقب: صمدت العراقيب وانسحبت آليات التدمير

انسحبت آليات وبلدوزرات التجريف والتدمير الإسرائيلية اليوم، الثلاثاء، من أراضي العراقيب، مسلوبة الاعتراف، في منطقة النقب، جنوب البلاد، بعد 7 أيام قامت خلالها بتنفيذ جرائم التجريف والتحريش في أراضي القرية، بحماية الشرطة ووحدة يوآب والأمن العام (الشاباك).

النقب: صمدت العراقيب وانسحبت آليات التدمير

انسحاب الآليات من أراضي العراقيب اليوم

انسحبت آليات وبلدوزرات التجريف والتدمير الإسرائيلية اليوم، الثلاثاء، من أراضي العراقيب، مسلوبة الاعتراف، في منطقة النقب، جنوب البلاد، بعد 7 أيام قامت خلالها بتنفيذ جرائم التجريف والتحريش في أراضي القرية، بحماية الشرطة ووحدة يوآب والأمن العام (الشاباك).

وأكد أحد سكان العراقيب، عزيز صياح الطوري، لـ'عرب 48'، أن "آليات (الكيرن كييمت) انسحبت اليوم بعد أن اقتحمت لمدة 7 أيام أراضي العراقيب تحت حراسة قوات الشرطة ووحدة يوآب والأمن العام (الشاباك)، حيث اعتقلت القوات عددا من أهالي القرية والنساء والقاصرين، واعتدت على آخرين عند تصديهم لجرائم التجريف والتحريش لأراضيهم التي نفذتها الآليات والجرافات، بهدف تحريشها ومصادرتها وفرض الأمر الواقع بالقوة".

وأضاف أن 'قوات الشرطة قامت خلال الأيام القليلة الماضية، بمطاردة الأطفال والفتيان لتتيح لآليات التدمير كعادتها بتجريف وتحريش أراضي العراقيب، بهدف السيطرة على ما تبقى لنا من أرض وهي نحو 1300 دونم، كانوا قد فشلوا بالسيطرة عليها في العام 2011 بعد أن صدتهم الجماهير العربية الغاضبة دفاعا عن العراقيب. نحن نؤكد أن كل هذه الجرائم لا تخيفنا ولن تثنينا عن التمسك بأرضنا ووطننا'.

ووجه الشكر باسم لجنة الدفاع عن أراضي العراقيب لقيادات وكوادر الحركات والأحزاب الوطنية والقائمة المشتركة ولجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة التوجيه العليا للعرب في النقب وكل أصحاب الضمائر الحية الذين وقفوا إلى جانب أهل العراقيب في معركتهم العادلة ضد سلب الأرض ومصادرتها.

وكانت قوات التدمير قد شنت هجومها على العراقيب، التي جرى تدميرها أكثر من مائة مرة خلال السنوات الست الأخيرة، وهاجمت الأهالي من النساء والأطفال والشيوخ والرجال، الصامدين على أراضيهم المهددة، واعتدت على الأطفال والنساء، إذ أصيب عدة أطفال بإغماء كامل، وتم نقل بعضهم إلى المستشفى للعلاج، واعتدت الشرطة بوحشية على عدد من المتواجدين، وأسفر الاعتداء عن عدة إصابات لأبناء القرية، ونفذت اعتقالات لعدد من الأهالي ثم أطلقت سراحهم.

وتواصل السلطات الإسرائيلية منذ سنوات محاولات تحريش ما تبقى من أراضي العراقيب التي تقدر مساحتها بنحو 1300 دونم في محيط القرية، رغم أن هذه الأراضي تخضع لإجراءات تسجيل الملكية ومسألة ملكيتها لم تُحسم بعد.

وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل غياب تسجيل رسمي لملكية غالبية الأراضي في منطقة النقب، قامت السلطات الإسرائيلية في بداية سبعينات القرن الماضي بفتح المجال أمام المواطنين في النقب لتقديم طلبات لتسجيل ملكيتهم على أراضيهم وفقًا لقانون تسوية الأراضي الذي سن عام 1969.

وقدم المواطنون العرب في النقب طلبات لتسجيل مئات آلاف الدونمات، ولم تنظر السلطات في الطلبات منذ السبعينات إلى يومنا هذا، وقد أطلق على هذه الأراضي اسم 'أراضي تسوية'. وكان أبناء عائلة أبو مديغم قد قدموا طلبات لتسجيل أراضي قرية العراقيب وفقًا للقانون، لكن طلبهم كما باقي الطلبات، لم يبحث حتى الآن. وتصر السلطات الإسرائيلية على تنفيذ جرائم الهدم والترهيب حيث هدمت آلياتها وجرافاتها قرية العراقيب للمرة الـ100 على التوالي بتاريخ 29.6.2016، وتركت الأهالي تحت العراء قرب مقبرة القرية. وحاصرت قوات الهدم صباح ذلك اليوم القرية، بعد أن داهمتها معززة بآليات الهدم وبالقوات الخاصة، وهدمت الآليات كافة المنازل في القرية، وشمل الهدم المنازل المقامة داخل المقبرة التي يقيم معظم الأهالي فيها، مما تسبب بحالة من الهلع بين الأطفال والنساء. واقتحمت القوات القرية مرات عديدة، وقامت بتصوير كافة المنازل، في تمهيد لعمليات الهدم، في وقت داهمت فيه المقبرة الإسلامية بالقرية، وحاولت استفزاز الأهالي بجولة وحركات سريعة بالسيارات التي تقلها.

وكانت السلطات قد هدمت القرية في أواخر الشهر الماضي، قبل حلول عيد الفطر، وقبلها في بداية شهر رمضان، مخلفة دماراً وخراباً فيها، فيما يعيد أهلها بناء مساكنهم بعد كل عملية هدم في تحدٍ لممارسات الهدم العنصرية التي تحاول إجبارهم على الرحيل عن مكان سكناهم.

وتطالب إسرائيل أهالي القرية بدفع مبلغ 2 مليون شيقل مقابل مصاريف هدم العراقيب الأول بتاريخ 27.7.2010 وحتى الهدم الثامن. وكانت المحكمة في مدينة بئر السبع عقدت، مؤخرا، جلسة أخرى للنظر بالقضية بعدما ناقشتها بتاريخ 7.2.2016.

ولا تعترف الحكومة الإسرائيلية بنحو 51 قرية عربية في النقب، وتستهدفها بشكل مستمر بالهدم وتشريد أهلها، بينما تشرع بشكل مستمر ببناء تجمعات استيطانية لصالح اليهود في النقب.

وتتعرض قرى النقب في الآونة الأخيرة لحملات هدم كبيرة طالت مئات المنازل بحجة البناء بدون ترخيص. وتتعنت السلطات الإسرائيلية في سياستها الهدامة إذ تهدف من خلال هدم قرية العراقيب رغم حرمانها كأخواتها البلدات العربية من الخدمات الأساسية وسلب الاعتراف بها إلى إرغام العرب الفلسطينيين بالنقب على التخلي عن أراضيهم والانتقال للسكن في قرى قائمة من أجل استخدام الأرض لأهداف استيطانية، ولا يزال سكّانها يكافحون ويناضلون لتحصيل حقّهم في عيش كريم لا ينغّصه التّهديد الوجوديّ الدّائم، ما يقابل برفض إسرائيليّ متعنت ومتواصل.

ويبقى أهالي العراقيب في صمودهم وثباتهم على أرضهم رغم كل جرائم الهدم وتجريف الأرض وتحريشها والاعتداءات الشرسة، مؤكدين أنه لا يضيع حق خلفه مُطالب مهما طال الزمن، وأنهم باقون في أرض وطنهم ما بقي الزعتر والزيتون.

وسطّر أهل العراقيب أسطورة النضال والصمود والثبات والتمسك بأرض الآباء والأجداد، والتصدي لجرائم المطاردة والتجريف ومصادرة الأرض وتحريشها وتهويدها. وبرز دور النساء والأطفال في التصدي لقوات وجرافات التدمير.

التعليقات