لفتا: عبق التاريخ الفلسطيني في مواجهة التهويد

أحد مؤسسي جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، محمد كيال، لـ"عرب 48"، إن "هذه الزيارة للفتا تأتي ضمن سلسلة جولات للتعرف على تاريخ بلداتنا الفلسطينية المهجرة وما جرى في النكبة، والمأساة التي بدأت في العام 1948 وبقيت مستمرة حتى اليوم".

لفتا: عبق التاريخ الفلسطيني في مواجهة التهويد

قرية لفتا المهجرة (تصوير عرب 48)

نظمت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين جولة إلى قرية لفتا الفلسطينية المهجرة، البوابة الغربيّة لمدينة القدس، أمس السبت، بمشاركة نحو 50 ناشطا وحقوقيا وإعلاميا من مختلف البلاد.

هدفت الجولة إلى لفتا، وهي من أوائل القرى التي هُجرت في النكبة، إلى التعريف عن القرية وموقعها الجغرافي وتاريخها ومعالمها، وكذلك الالتقاء مع أهالي القرية الذين هُجّروا منها في العام 1948، وهي جولات هادفة للتعرف على تاريخنا الفلسطيني وخاصة في بلداتنا المهجرة.

 

لفتا الباقية

لفتا التي احتلت موقعًا إستراتيجيًا مميزًا على الطريق العام بين القدس ويافا، كانت اختيار منظمي الجولة الثانية ضمن سلسلة جولات تهدف إلى التعرف على المدن والقرى الفلسطينيّة المهجرة عن كثب، وتوثيق معلوماتٍ عنها في كتيّب.

وفي هذا السياق، قال أحد مؤسسي جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، محمد كيال، لـ'عرب 48'، وهو يعمل حاليًا في تركيز مشاريع الجمعيّة، إنّ 'هذه الزيارة هي جزء من جولات تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين للتعرف على تاريخ قرانا ومدننا المهجرة وما جرى في النكبة، والمأساة التي بدأت في العام 1948 وبقيت مستمرة حتى اليوم. هذه هي الجولة الثانية بعد أن كانت الأولى في قرية عين حوض المهجرة، قضاء حيفا'.

وتابعَ أنّه 'منذ أواخر عام 1947 حتى صدور قرار التقسيم بالنصف الأول من عام 1949، خلال هذه الفترة تم تدمير وتهجير 531 قرية فلسطينيّة و11 مدينة فلسطينيّة كعكا وحيفا واللد والرملة وطبريا وصفد'، مشيرًا إلى أنّ 'لفتا كانت قرية عامرة ملاصقة للقدس، وعلى أراضي هذه القرية بنت إسرائيل مبانيها الرسميّة كالكنيست والمحكمة العليا ومكاتب الوزارات الحكوميّة، ولا زال بعض منازلها صامدا وموجودا، قسم منها خالٍ والقسم الآخر استولى عليه مستوطنون أو تستخدمه مؤسسات إسرائيليّة، خاصةً لفتا الفوقى المبنية في الثلاثينيّات والأربعينيّات من القرن الماضي، وهي مجاورة جدًا لقرية دير ياسين التي شهدت المجزرة الوحشية في 9 نيسان/ إبريل 1948، وهي أصغر من قرية لفتا'.

وأشار كيال إلى أن 'لفتا، القرية المزدهرة الخضراء، اشتهرت بالزيتون والحبوب والمعاصر والمصانع والمدارس وشركات الباصات، خرّجت الأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين، كانت قرية متطورة ثقافيًا وليست قرية بدائية، رعاة وسقاة ماء وفلاحين وحطابين، احتُلت القرية وهُجّر أهلها قبل نحو شهر من النكبة ولم يتبق منهم أحد بعد ارتكاب مجزرة دير ياسين في 9 نيسان/ إبريل، أي أن التهجير تم في ظل الاحتلال البريطاني لفلسطين دون أن يحرك الطرف البريطاني أي شيء إزاء هذا التهجير، وليس صحيحا أنّ المدن والقرى العربيّة هجرت بعد أن شنت الجيوش العربيّة هجومها على اسرائيل كما تدعي الحركة الصهيونيّة'.

وبحسب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1947، كان من المفترض أن تكون لفتا جزءا من الدولة العربيّة الفلسطينية التي كانت أعلن أنها ستقوم بعد صدور هذا القرار، لكن العصابات الصهيونيّة احتلت القرية على مرحلتين، الأولى في النكبة، والثانية في حرب العام 1967.

يبلغ عدد سكان لفتا اليوم ما يقارب 40 ألف نسمة، نصفهم يسكن في الأردن، والنصف الآخر تشتت في بقاع مختلفة، كالقدس ورام الله والبيرة وبيت لحم وأريحا وأماكن أخرى في الضفة الغربية المحتلة.

زيارة القرى المهجرة

عن زيارة القرى المهجرة، قالت العضوة الإداريّة في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، رلى نصر مزاوي، لـ'عرب 48'، إنّ 'هناك جولات لقرى مهجرة كل شهر بهدف التعرف على أهلها وتحضير كتيّب عنها باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، هادفين في الجمعيّة إلى رفع الوعي نحو القرى المهجرة قاصدين تفاعل الجيل الثاني والثالث للنكبة مع النكبة'.

مزاوي التي اشتركت في الجولة مع ابنها الصغير رجا، أكدت أنّ 'الجيل الصاعد مستهدف من خلال الفعاليّة للتعرف على القرية ودمج الجيلين الأول للنكبة والثاني والثالث، كي يحكي الأوّل تفاصيل حكايته الإنسانيّة الفلسطينيّة للثاني والثالث'، مشيرةً إلى أنّها لم تعش التهجير، لكن عايشت مرارته عن طريق رواية والدتها التي هُجّرت من بيسان، وبقيت في قلبها غصّة رغم صغر سنها، والألم الذي شعرت به والدتها نتيجة فقدان المنزل والعذاب ببناء حياة جديدة، وهناك حنين يعود بهم دومًا إلى بيسان، مفيدةً أنّ تربيتها الوطنيّة والثقافيّة لأبنائها لا تقتصر فقط على ما تقدمه لهم في المنزل من معلومات بل اصطحابهم إلى القرى المهجرة، ومن هنا يطرح الأطفال أسئلة صعبة للغاية، ويُصدمون من الظلم وغياب الحق.

أمّا المرشد المختص بزيارات القرى العربيّة المهجرة، وجيه خطيب، فلاحظ في الآونة الأخيرة أنّ 'هناك ازديادا في وعي العائلات السياسي تُجاه زيارة القرى والمدن العربيّة المهجرة، وليس فقط رحلات الاستجمام'.

واستنادًا إلى خطيب، فإن 'سبب الازدياد في هذا الوعي الذي نتج عنه ارتفاع في عدد زيارات القرى والمدن المهجرة هو اقتصاديّ كون الدخول مجانيّ للعائلات، فالأب يقوم باصطحاب أبنائه إلى القرى العربيّة المهجرة وعيون الماء والمساجد والكنائس والبيوت مجانًا، إلى جانب العامل السياسي الوطني بأنّ هذه هي بلادنا وعلينا معرفتها وزيارتها وخاصةً القرى المهجرة'.

وأكد خطيب، لـ'عرب 48'، أنه 'في الآونة الأخيرة هناك توجه كبير من العائلات لنا كمرشدين ومنظمي دورات لتنظيم جولات في القرى العربيّة المهجرة لأنّ اليهود بالمقابل يزورون ويتجولون في بلادنا بادّعاء أن بلادهم. هذه بلادنا وقرانا المهجرة شاهدة على عروبتها وهناك شواهد حيّة كالمساجد والكنائس والمنازل وبيت المختار والصبر والتين والزيتون وغيرها'.

وعن سؤالنا عن كيفيّة التنسيق ما بين العائلات والمرشدين للقرى العربيّة المهجرة، أجاب خطيب أنّ 'المرشدين بأغلبيتهم لا توجد لديهم مشكلة في مساعدة العائلات، ويمكن للجميع التواصل معهم عبر الهاتف أو المرافقة، وهناك الكثير من المرشدين في المجتمع العربيّ جاهزين لدعم هذه القضيّة'.

يذكر أنّ ابن قرية لفتا، يعقوب عودة، المولود في العام 1940، قام بمرافقة المشاركين في الجولة وقدّم نبذة عن قريته وتاريخها.

اقرأ/ي أيضًا| يافا: أخطبوط التهويد في حي 'العرقتنجي'

التعليقات