موسم الزيتون: عشق الفلسطيني للأرض والوطن

"رائحةُ الأرضِ الفلسطينيّة تفوحُ هنا" هذه هي إحدى أوّل العبارات التي يمكن للإنسان العربي الفلسطينيّ أن يقولها حين يشمّ رائحة موسم قطف الزيتون وعصرهِ في شهرِ تشرين الأوّل/ أكتوبر، هذه المرّة في قرية الرّينة، قرب مدينة النّاصرة، التي بها "معصرة الرينة" لزيت الزيتون.

موسم الزيتون: عشق الفلسطيني للأرض والوطن

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

'رائحةُ الأرضِ الفلسطينيّة تفوحُ هنا' هذه هي إحدى أوّل العبارات التي يمكن للإنسان العربي الفلسطينيّ أن يقولها حين يشمّ رائحة موسم قطف الزيتون وعصرهِ في شهرِ تشرين الأوّل/ أكتوبر، هذه المرّة في قرية الرّينة، قرب مدينة النّاصرة، التي بها 'معصرة الرينة' لزيت الزيتون.

تمتلك الرينة معصرة لزيت الزيتون، وهي لا تزال محافظةً على عهدِ قطف الزينون، بينما مدينة النّاصرة لا تملكُ أيّة معصرة، وعلى الرغم من هذا، احتشدت عدّة عائلات من الرينة والبلاد لعصرِ ما قطفته أيديهم هذا الموسم، تنتظرُ بشغفٍ أن تتحوّل هذه الثمار إلى زيتٍ سائل.

عرس شعبي

قال صاحب معصرة الزيتون في الرينة، أمين طاطور، الذي يملك هذه المعصرة منذ العام 2000، إن 'موسم الزيتون جميل جدًا، حيث يجمع الصغار والكبار حوله كمناسبةٍ اجتماعيّة'.

وأكد طاطور، لموقع 'عرب 48'، أن 'موسم قطف ثمار الزيتون يجمعُ العائلة، في عملٍ مشترك، لكن الأجيال المتقدمة بالسن هي التي تحافظ بشكل أكبر على قطف الزيتون وعصرهِ، أما الأجيال الصاعدة فهي لا تُقبل كما يقبل الأجداد على زيت الزيتون، أي أنّ علاقة الأجداد مع الزيتون والأرض أقوى'.

وتابعَ أنّ 'الجيل الشاب نزح عن التفكير بالأرض وقطف الزيتون وعصرهِ، وبهذا سيتحوّل موسم قطف الزيتون بعد سنوات طوال إلى مناسبة بعيدة وسنسمع عنها فقط'، وعن افتتاحه للمعصرة، قال إنّ 'امتلاك معصرة كان حلم والدي الدائم منذ 25 عامًا، وبهذا قمتُ بتحقيقِ حلمهِ وافتتحت هذه المعصرة'.

من الثمرة إلى الزيت

مراحل عصر الزيتون، كما أفاد طاطور، هي 'ستّ مراحل ضمن ستّ ماكينات، أوّلا وضع الزيتون بعد قطفه، ثانيًا سحب ورق الزيتون، ثالثًا عمليّة الغسيل والتنظيف، رابعًا مرحلة الطحن ويتم بها طحن الزيتون مع العجم، وخامسًا يدخل الزيتون المطحون إلى خلّاط لمدّة 20 دقيقة، وسادسًا إلى مرحلة تصفية الزيت عن الماء عن العجم، فنسبة الزيتون هي 25% من الكميّة بينما الباقي هو ماء، ويتم هناك تنقية الزيت بشكل نهائيّ واستخراجه للاستعمال'.

وتابعَ مفصلاً حديثه أنّ 'العمل يبدأ بقطف ثمار الزيتون مع ورقه، ليجلبه الزبون إلى المعصرة كما هو متّسخ بغبارهِ وتربته، وفي المعصرة نقوم بواسطة الآلات بتنظيف ثمار الزيتون من الشوائب والورق والغبار، ليتمّ بعدها طحنه، وخلال الطحن هناك عدّة طرق متّبعة في صنع الزيت، منها الباردة التي تعطي جودة زيت أفضل بسبب حموضة الزيت القليلة، أما الطريقة الأخرى فهي الساخنة، بدرجة 36 مئوية كما جسم الإنسان وهي مناسبة كذلك لزيت الزيتون، أما إذا كانت أعلى وتجاوزت 40 درجة وما فوق فهي تتسبب بحرق حموضة الزيت وجودته، ومن ثمّ يجري تصفية الزيت من الشوائب ليصبحَ جاهزًا'.

شجرة الزيتون من الأشجار المعمرة وتعتبر ثروة لما لها من فوائد اقتصادية وبيئية. ثمرتها ذات فوائد كثيرة فهي غذاء كامل ويستخرج منها زيت الزيتون ذو الفوائد الصحية والغذائية والتجميلية، ورد ذكره في الكثير من المراجع وبنيت حوله الكثير من الدراسات، له قدسية خاصة في جميع الديانات السماوية.

وعن أنواع الزيتون في الأرض الفلسطينيّة، قال طاطور، إنّ 'هناك السوريّ والنباليّ، والسوريّة هي الشجرة المفضّلة في فلسطين وسوريا ولبنان والأردن، لكن هناك من يزرع النبالي الذي يبدأ قطف ثماره متأخرًا في شهر كانون الأول/ ديسمبر، وفي منطقة الناصرة يتوفر الزيتون الصيفيّ والزيتون الشتويّ والمفضل هو الصيفيّ بسبب جودته الأفضل، لكن في مناطق أخرى كالمغار وعرابة وسخنين يقطفون ثمار الزيتون في شهر كانون الأول/ ديسمبر'.

الزيتون والإنسان الفلسطينيّ

موسم الزيتون الذي يبدأ منذ بداية شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر، يرى طاطور أنّ 'إقبال الناس على عصر الزيتون وعلاقتهم بثمرة الزيتون تغيّرت مع مرور الأعوام، ففي العام 2000 كنت أرى صاحب الزيتون الذي يأتي لعصره يظلّ واقفًا هنا منتظرًا بفارغ الصبر حتى يجري إخراج الزيت والانتهاء من العمليّة، من منطلق حفاظهِ على ما جمعت يداه وكأنّه كنز ثمين، لكن الجيل الصاعد لم يعد متفرغًا للبقاء هنا والشعور بشغفٍ نحو هذه الثمرة وما ستنتجه، فهم يضعون الزيتون ويغادرون إلى حين الانتهاء منه يعودون لأخذه'.

وعن تغيّر علاقة الأجيال مع الزيتون، علّق طاطور بأنّه 'من الممكن أن يكون السبب تغيّر النظام الحياتيّ وعدم التفرّغ في حياة الشباب قد أثّر على علاقتهم بالأرض مما أحدث تراجعا بعلاقة الجيل الشاب بثمرة الزيتون، وقد تغيّرت هذه العلاقة كثيرًا بسبب الظروف المعيشيّة والمتطلبات الكثيرة'.

اقرأ/ي أيضًا | بائع الصحف الوحيد في الناصرة: فتى في ربيع حياته

وبالرغم من هذا، أفاد أنّ 'الزبائن يتدفقون مع الزمن بشكلٍ متصاعد، فهناك عدد أكبر من الأشخاص الذين يأتون لعصر الزيتون اليوم عمّا كان في السابق، وهذا يعود لازدياد عدد السكان وربما لأنّ البعض تخلّى عن العصر في منزلهِ عدا عن احتياج هذه العمليّة إلى وقت إن جرت بطريقة يدويّة، لكن الآلات أسرع وهي تختزل الكثير من الوقت'.

التعليقات