05/11/2016 - 18:39

مهرجان الزيتون في شفاعمرو: من جيل إلى جيل

أحيت شفاعمرو هذا العام، كما الأعوام السابقة مهرجان الزيتون، بمشاركة طلاب المدارس من شفاعمرو، بالإضافة إلى مجموعة نسائية عملت على تحضير كل ما يتعلق بالزيت والزيتون، عدا عن بيع الملابس للأطفال لدعم العائلات المحتاجة

مهرجان الزيتون في شفاعمرو: من جيل إلى جيل

صور من مهرجان الزيتون في شفاعمرو "عدسة عرب 48"

أحيت شفاعمرو هذا العام، كما الأعوام السابقة مهرجان الزيتون، بمشاركة طلاب المدارس من شفاعمرو، بالإضافة إلى مجموعة نسائية عملت على تحضير كل ما يتعلق بالزيت والزيتون، ناهيك عن بيع الملابس للأطفال لدعم العائلات المحتاجة، إضافة إلى اختيار عدد من الطعمات، من الزيت والزيتون والحلوى، إضافة إلى بيع زيت هذا العام، وأيضًا كل ما يمت بِصلة بالزيت، مثل: الصناعات الخشبية وغيرها.

وجرى اختيار سوق شفاعمرو، لما يربط هذا السوق بأهالي شفاعمرو ليس اليوم فقط، وإنما منذ النكبة، ففي حواري وزوايا السوق قصص الأخوة والمحبة التي جمعت أبناء الشعب الواحد.

وفي زقاقات هذه المدينة تعاهد الأهالي على ألا يكون هنالك فرق بين الديانات، وما يجمعهم هو الحُب والبلد والإنسانية.

ومن هنا جاءت مبادرة بلدية شفاعمرو لتعزيز الانتماء والألفة بين الشفاعمريين، ليلتقوا من جديد في سوق شفاعمرو، الذي أنهكه التغيير الاجتماعي الاقتصادي، فانتقلت عدد من المحال التجارية إلى أماكن أخرى، ليظلّ السوق يشتاق إلى العابرين من المكان.

واختارت بلدية شفاعمرو يومي الجمعة والسبت لإحياء المهرجان بمرافقة ثلاثة من الحكواتيين المعروفين والمميزين وهم لطف نويصر، الذي تواجد في في المركز الثقافي الأسقفي، الفنان الشفاعمري سعيد سلامة الذي تواجد في منزل المرحوم أبو لبيب حنا عموري والحكواتية حنان أبو الزلف التي تواجدت في مقر 'بيت الأمل' قرب الكنيس، كما رافقت الأطفال والضيوف لتحكي لهم قصة المكان وعشق الحواري في أفياء البيوت القريبة من المكان.

وفي السوق التاريخي الجميل، بجدرانه المرتبطة بزمن الماضي الجميل، الذي يعود إلى سنين طويلة عاش فيها الشفاعمريين بحبٍ وانتماء.

يهدف مهرجان الزيتون الذي ينظم للسنة السادسة على التوالي إلى تعريف ضيوف المدينة والجيل الناشئ من أبنائها على السوق القديم وتاريخ شفاعمرو، ومن بين الفعاليات التي جرت زيارة لمعصرة الزيتون القديمة لعائلة الدر، جولات سياسية في البلدة القديمة ودرب الأديان لأهالي بلدة شفاعمرو وعرض مسرحية 'صدى الصمت' للفنانتين ربيكا تلحمي ونهاد رضى قرب المقهى الوحيد وسط السوق العتيق.

يُشار إلى أنّ الفكرة من وراء هذا المهرجان ليست فقط موسم الزيت والزيتون وإنما علاقة الإنسان بالعراقة والأصالة والذاكرة الجمعية وإحياء السوق القديم وتفاصيل المدينة التاريخية والمواقع الأثرية المهمة التي تميز شفاعمرو، على أمل أن يتم الحفاظ على ما تبقى من إرث وآثار وتاريخ، إضافة إلى ضرورة تعزيز التجارة والصناعة والاقتصاد في المدينة.

أنيسة أشقر البائعة التي رحلت عنّا ولا تزال شفاعمرو تشتاقها

غابت سيدةُ المكان، أنيسة أشقر العام الماضي، لكنّ مكانها لم يعد مثيرًا للاهتمام، لم تكن مجرد صاحبة حانوت، بل كانت السيِّدة الجميلة المضيافة، التي وقفت أمام حانوتها الصغيرة، وجمعت كل السكاكر لتوزعه على أطفال السوق القديم، فصارت معلمًا تاريخيًا هامًا، وحين غادرت الدنيا، تركت المكان خاويًا، وجاءَ غيابها قاسيًا وموجعًا، ورحيلُها لَهُ أثرٌ رجعيٌ مؤلّم على أهلِ المدينة، وخصوصا كبارُها وشبابها الذين عرفوها، ورأوا في حانوتها الصغير في السوق العتيق عامودًا أساسيًا لأهلِ المكانِ.

السوق اليوم في ظل الغياب!

هل يعود السوق الذي فرغ من تجاره؟! سؤال يُلحُ على أهالي شفاعمرو ويصعُب عليهم استيعاب أنّ الماضي العريق والجميل لسوق الناصرة تحوّل إلى مكانٍ موحِش خاصةً ما بعد العصاري، صحيح أنّ الجيران في السوق لا يزالون يبتسمون لبعضهم البعض صباحًا ومساءً، لكن شيئًا مهمًا غاب من المكان، ربما الروح الحلوة والعلاقات الاجتماعية التي خفت مع رحيل معظم الذين سكنوا في الماضي في قلب السوق القديم.

ومع ذلك يتمنى كثيرون أن يبقى السوق كما سابق عهده، منتعشًا بناسه، لا تزال جدران السوق تحكي قصة الجيران الذين جمعتهم المحبة والصداقة، على اختلاف الديانات، لا تزال الجدران تفتقد للغائبين عن السوق، ولا تزال الزوايا تستقبل المارين الذين لا يربطهم بالمكان سوى الممر المتعرِّج يمينًا ويسارًا، ولا يزال المقهى الوحيد في السوق يسكنه  تُشابِه السوق بجدرانه، بزواياه، بمدخله الضيّق، بأقواسه، وحتى بالعشبِ النامي فوق الأحجارِ القديمة، وحتى سلسلة المفاتيح التي كانت تفتح المكان وتغلقه من خلاله.

في السوق أيضًا كانت حياةٌ كاملة، كانت ملحمة كركبي تحاذي مدرسة الكاثوليك الأهليّة، ومقهى مشيعل يقابله حنا الديك، ومقهى كريم راجي الوحيد الذي كان يُشعل جهاز الراديو فيلتمّ الشفاعمريون حوله ليستمعوا لخطابات الراحل جمال عبد الناصر، ولاحقًا صار يجتمع المعارف حول لعبة 'الشيش بيش' وسط طقطقة الأكواب.

وفي السوق كانت محددة لصناعة سكة الحراثة ومعدات الزراعة، وفي مشهدٍ من الزمن الجميل، كان الباعة يلبسون الطرابيش في شفاعمرو. لكن رحل كثيرون مَن أقاموا في السوق، وبقي منهم قلّة، سكنوا السوق حنينًا وعشقًا للمكان.

اقرأ/ي أيضًا | الزيتون في الثقافة الفلسطينية: فوائده وطريقة عصره

التعليقات