بيسان... قصة عشق وحنين إلى الجذور

قالت ابنة بيسان، مارغو عودة صايغ، لـ"عرب 48"، بحزنٍ على الماضي، واشتياق يقلِّبُ المواجِع، "كنت في السادسة من عمري، يوم تلقّت العائلة أمرًا بإخلاء المنزل لأسبوع، مع وعدٍ أن نعود بسرعة".

بيسان... قصة عشق وحنين إلى الجذور

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

لا يكتمل حُب بيسان، بدون كلمات الأخوين رحبّاني، اللذيْن كتبا لبيسان من معرفة، بيسانُ- قصةُ عشقٍ وعشيقة غابت، فظلّ الحبيبُ يبكيها أبدَ الدهرِ، هي بيسان التي سكنها الفلسطينيون، وأحبوها لدرجة كبيرة؛ وعلى وقعِ كلمات الأخوين رحباني غنّت فيروز: 'كانت لنا من زمان، بيارةٌ جميلة، وضيعةٌ ظليلة ينامُ في أفيائها نيسان. ضيعتنا كان اسمها بيسان/ خذوني إلى بيسان، إلى ضيعتي الشتائية، هناك يشيع الحنان على الحفافي الرماديّة/ خذوني إلى الظهيرات، إلى غفوةٍ عند بابي، هناك مَدَت علاّت، أعانق صمت التراب/ أذكر يا بيسان، يا ملعب الطفولة، أفياءك الخجولة، وكل شيءٍ كان، بابٌ وشبّاكان، بيتنا في بيسان/ خذوني مع الحساسين، إلى الظلال التي تبكي رفوفٌ من العائدين على حنينٍ لها تحكي، خذوني إلى بيسان'.

 

وظلّت فيروز تردّد لسنوات هذه الكلمات: 'خذوني إلى بيسان'، على أمل أن تعود بيسان، ويعود أهلها إليها.

وقالت ابنة بيسان، مارغو عودة صايغ، لـ'عرب 48'، بحزنٍ على الماضي، واشتياق يقلِّبُ المواجِع، 'كنت في السادسة من عمري، يوم تلقّت العائلة أمرًا بإخلاء المنزل لأسبوع، مع وعدٍ أن نعود بسرعة'.

وأضافت: 'في بيسان ولدت، وعشقتها فسكنت أعماقي، كنتُ أرافق صديقاتي دومًا، نلتقي عند المشرع (مجرى الماء المتدفق) ولا زلتُ أسمع خرير الماء في أذني، وزقزقة العصافير فوق أشجار النخيل، ولا تزال أنفي تشتمُ رائحة الخُضرة، والأشجار المحيطة بها على مدِّ النظر، هدوءٌ ساحِرٌ، وصديقاتٍ يلهينَ ويسبحن ما شئن من الوقت، كنّا ننتظر بعضنا البعض، كي ننطلق إلى المدرسة، وبعد الدوام نلهو قليلا، في بيسان بلد الخيرات والكرم والجود، كنّا نعيشُ بطمأنينة وسعادة، تمنيتُ لو أنّنا بقينا في بيسان، في جنّة عدّن، قبل أن يُخرجونا منها'.

مارغو عودة صايغ

وأعربت صايغ عن سعادتها بلقائها مع صديقاتها في بلدها بيسان، قبل أن يفترقن: 'سعيدة جدًا بلقاء رفيقات دربي منذ الطفولة، أنا لا أصدِّق عودتي لبيسان، بيسان لا أجمل من هذه الكلمة، حين أسمعها أشعر أنني وُلدتُ من جديد وعُدتُ إلى حضن أمي فيخفق قلبي. إنها بيسان التي جعلت أهلها يبكونها اشتياقًا ووجعًا، ويعزعلى الأهل فراقها، فهي الحنين للماضي وهي الحُب الذي لا ينتهي'.

وقبل أن تنضم مارغو إلى مجموعة العائدين من أهالي بيسان، ممن كانوا صغارًا يومَ سُلِبت بيسان، قالت بصوتٍ منخفض، 'حين أسمع كلمة بيسان أشعُر أنني ملكتُ الكون. وخلال وقوفها بين أفياء المكان التراثي العريق، شعرت بالفرح الممزوج بالحزن، وكأنما تشعُر بما وصفه الشاعر الفلسطيني محمود درويش: بيسان الجميلة، وكأنها شوكةٌ في القلب توجعني وأعبدها، بيسان التي جعلت أبنائها العائدين، يلمسون بأيديهم ترابها وحجارتها، وذكريات الماضي، وجامعها وكنيستها، كُلُ شيءٍ هناك، يُذكرنا بالماضي البعيد، بالغياب وبالراحلين والحنين إلى الجذور، إلى بيسان التي جمعت شملَ الأحبّة من جديد'.

التعليقات