جرائم قتل النساء: الخلط بين العقاب والجريمة

قاتل المرأة مجرم بحق الإنسانية وكل من يصمت عن الجريمة هو شريك بها وصمته يساهم ويمهد للجريمة القادمة.

جرائم قتل النساء: الخلط بين العقاب والجريمة

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

في ظل تفشي جرائم القتل في مجتمعنا، ولاستذكار 104 نساء سلب حقهن بالحياة في السنوات العشر الأخيرة فقط لكونهن نساء، وللتأكيد على أن من قتل المرأة قتل المجتمع بأكمله، وأن قاتل المرأة مجرم بحق الإنسانية وأن كل من يصمت عن الجريمة هو شريك بها وصمته يساهم ويمهد للجريمة القادمة، يواصل ناشطون وناشطات في المجتمع العربي العمل لمناهضة العنف ضد النساء وجرائم القتل.

وقال الشاب خالد حبيب الله من عين ماهل لـ'عرب 48' إن 'مشاركة الرجل في فعاليات مناهضة لجرائم قتل النساء مهم جدا، أنا أصلاً ضد العنف بشكل عام، فكيف نريد أن يوجه العنف بشكل خاص ضد المرأة؟ المرأة هي أساس المجتمع، وبدونها لا نستطيع فعل أي شيء، هي الأساس لكل شيء في حياتنا والقرارات الأساسية يجب أن يكون للمرأة دور فيها.

وأكد أن 'كل من يفكر أنّ المرأة هي 'عبد' لدى أي شخص يؤذي نفسه أولا قبل المرأة التي يجب احترامها وتقدير دورها ومنحها اهتمامنا، لأنّها أهم ما في حياتنا وبدونها من الصعب إكمال المسيرة'.

وقالت النائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، حنين زعبي، لـ'عرب 48' إن 'المرأة تناضل طيلة أيام السنة، ونضال المرأة ليس للمرأة وحدها فهو نضال لسلامة المجتمع وللصحة الأخلاقية والنفسية للمجتمع عندما نقول أنّ المرأة تُظلم وأنّ المرأة معنّفة وأنّ هناك جرائم قتل ضد النساء. وللأسف أحيانًا يُعتبر قتل النساء عقاب وليس جريمة، والخلط بين العقاب والجريمة هو تخطي لحدود حمراء، لا تستطيعين أخلاقيًا بعدها محاسبة المجرم، والفرق بين العنف ضد النساء أنّ المجتمع يتسامح ويشرّع قتل المرأة ويلوم الضحية، فهي قيم نتربى عليها فيها إهانة للمرأة وتخفيض لمكانتها، وهذه هي المقدمة للعنف ضد المرأة، ولجرائم القتل، والتي تستند على منظومة قيم نتربى عليها دون وعي. فهل تعرفين أنّ 70% يتعرضن للعنف، ليس بالضرورة القتل، فالشتيمة هي عنف، والإهانة والإذلال، منع المرأة من الخروج من البيت، من اختيار أصدقائها، لباسها، اختيار شريك حياتها، عدا الضرب المبرح، وانتهاءً بالقتل. هل تعرفين أنّ 83% من المعتدى عليهن هن هم من المحيط القريب للمرأة، من العائلة أو العائلة الموسعة، أو الأصدقاء، لو لم نسكت ولو أنّ البيئة القريبة من النساء لم تصمت لما قُتلت النساء'.

وأضافت أن 'الإحصائيات تدل أنّ أكثر من 50% من الشباب يفهم أو يتسامح مع قتل النساء، ما الخلل؟ لماذا هذه الفجوة بين الخطاب السياسي والشارع، السبب لهذه الفجوة هي أنّ التيارات السياسية تنسحب عادة عن الهم الاجتماعي، تتراجع عن الحريات الشخصية وتعطي لوكلائها المحليين المحسوبين عليها أن يحملوا هذا الخطاب، بقيم لا تنادي بالمساواة وغير مؤمنة بكرامة المجتمع، لذا نحتاج لعقد اجتماع بين التيارات السياسية، الشيوعية والإسلامية والقومية، وننبذ القتل ونشدد على مكانة المرأة وأنها جزء من المجتمع، فالمرأة المعنّفة يعني أسرة معنفة، لذا علينا إسكات من يشرّع قتل النساء'.

وقال فهمي صبيح من كفر كنا لـ'عرب 48' إن 'المرأة جزءٌ من المجتمع وقتلها يعني قتل جزء كبير وأساسي في المجتمع، ونستطيع أن نقول أنها نصف المجتمع بل وأساسه، ودور الشباب والرجال في الوقفات الاحتجاجية مهم جدًا لنشر الوعي في المجتمع العربي'.

وقالت المستشارة النفسية والتربوية د. هالة إسبنيولي لـ'عرب 48' إنه 'في الواقع جرائم قتل النساء مستمرة، وهذا عمل غير شرعي، إذ لا يحق لأحد أن يقتل، والحجة التي يتذرعون بها 'شرف العائلة'، هذا بحد ذاته جريمة، فالقتل يقلل من شرف العائلة ويضعها في الحضيض، بينما تتحمل الشرطة مسؤولية ما يجري بسبب صمتها الذي يدمِّر المجتمع، إذ لا يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وفي الكثير من الأحيان تهمل الشرطة بلاغًا أو شكوى مقدمة من امرأة، رغم أنّ العنوان في هذه الحالات واضح، وفعلا يجري ارتكاب الجريمة، بدلا من منعها من خلال عدم قيامه بدورها بالتدخُل'.

وأضافت أنه 'من الواضح أنّ هناك مسؤولية مجتمعية أيضًا، إذ يجب أن يأخذ المجتمع دوره، ويجب أن نغيِّر التفكير البطريركي وكأنّ المرأة سلعة ويحق للآخرين التصرف كما يشاؤون تجاهها، وكأنها ملك للآخر'.

وقالت مديرة جمعية 'نساء ضد العنف' في الناصرة نائلة عواد لـ'عرب 48' إنه 'بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، جاءت المبادرة لتنظيم وقفة احتجاجية بالناصرة قبل أيام من قبل جمعيات نسوية وحقوقية وأحزاب وحركات سياسية، والمشاركة نسبة لضيق الوقت كانت جيِّدة، المهم أنّ صوتنا رُفع لنقول أنّ قتل المرأة هو قتل مجتمع، وأنّ قتلنا كنساء لن يمر. وها نحن جئنا لنرفع ونتذكر كافة النساء الـ 104، اللواتي قتلن خلال السنوات العشر الأخيرة'.

وأوضحت أنه 'في هذا العام سُلب حق 10 نساء بالحياة، ونحنُ نرفع صوتنا عاليًا لنقول لا للعنف، لا للتمييز ضد النساء، لا للتهميش، ولن نقبل بالمساومة على حقنا في الحياة بكرامة، حقنا أن نكون حرّات أن نقرر ما نريد، ولا أحد يفرض علينا ويهمش وجودنا وكياننا في كل المساحات وفي كافة الأدوار'.

وقالت الناشطة الاجتماعية سمر عزايزة لـ'عرب 48': 'أرى أنّ ظاهرة العنف عبارة عن تصرف يمكن أن يسبب الأذى لشخص آخر، وقد وصل العنف لمرحلة القتل، وكمجتمع يجب الأخذ بعين الاعتبار قضايا القتل، لكنّ صوتنا لا يزال خافتًا، وينعدم الوعي ضد قتل المرأة وهو قتل لمجتمعنا، وقتل لأجيال معيّنة فبتنا نفقد طوال الوقت شخصًا في البيت، من ناحية أخرى نتحدث عن دولة تشجعنا على التصرف بهذه الطريقة فهي لا تعطي الحكم المناسب للأشخاص الذين يقومون بهذه الجرائم'.

واستطردت أن 'هناك شرطة تتعامل بطريقة أنّ هذا ما نريده، لنحافظ على مفاهيم ما يسمى 'شرف العائلة' والهدف أن نمس بعضنا البعض، وللأسف مجتمعنا لا يتعامل وكأنه جزء من هذا الهم، هذا ما لمسناه، ويكفي أن نعرف أنّه خلال العام قتلت 10 نساء، و104 نساء في العشر السنوات الأخيرة، ولا نلمس مسؤولية من طرفنا من التربية في البيت وحتى المدارس وجمعيات المجتمع المدني، ومن المفترض لكل شخص من موقعه أن يأخذ دوره، لنوصِل صوتنا أكثر'.

التعليقات