قلنسوة: هدم أحلام العشرات

تخوض العائلات الـ11 التي هُدمت منازلها في مدينة قلنسوة، صباح أمس، الثلاثاء، صراعًا مريرًا، دون أن يمنحوا حق الدفاع عن أنفسهم

قلنسوة: هدم أحلام العشرات

جاءت الجرافات مصحوبة بقوات مدججة بالأسلحة، كان الأمر أشبه بحملة عسكرية، وكأنه إعلان حرب. وبإشارة من أحد الضُباط إلى البيوت المستهدفة، هدمت البيوت، لتدفن أحلام وآمال 11 عائلة تحت الركام.

تخوض العائلات الـ11 التي هُدمت منازلها في مدينة قلنسوة، صباح أمس، الثلاثاء، صراعًا مريرًا، دون أن يمنحوا حق الدفاع عن أنفسهم.

ورغم محاولاتهم للحصول على تجميد مؤقت للهدم أو على ترخيص، دفعت العائلات، التي هدمت منازلها، غرامات باهظة في مخالفات البناء. وبالرغم من وجودهم على أرضهم الخاصة، لم يتمكنوا من الحصول على رخص قانونية، رغم محاولتهم بشتى الطرق.

وفي ظل شح موارد العائلات المنكوبة، والأوضاع الاقتصادية المتدنيّة، تضررت العائلات كذلك من التكاليف الباهظة التي اضطروا لدفعها كأجرة للمحامين.

لم تتوقع العائلات المنكوبة أن تنفذ السلطات الإسرائيلية أوامر الهدم خلال 24 ساعة من تلقيهم البلاغ، ورغم قلقهم البالغ حيال تسارع وتيرة هدم بيوتهم، توجهوا للمحامي الذي طالبهم بدفع مبلغ فوري يفوق قدرتهم المادية، لأخذ إجراءات تجميد الأوامر.

وحاول أحد الأشخاص الذين هدمت بيوتهم، أبو عميد مخلوف، تحصيل المبلغ الباهظ في وقت ضيق من ساعات مساء، الإثنين، ولم يتمكن من توفير جزء من المطلوب دفعه، ووقع ضحية للتشريد والمبيت على أنقاض مأواه الذي يضم أسرته الكبيرة.

دينا مخلوف

التقى موقع 'عرب 48' بعض العائلات المنكوبة جراء الهدم الذي تعرضت له منازلها عنوة، وتحت تهديد وحماية الشرطة، وتحدثوا عن شدة معاناتهم.

وقالت الحاجة دينا مخلوف، أم فهد،  بلهجتها 'ابني دفع دمه من أجل بناء هذا البيت، الذي كان من المفروض أن يأويه وزوجته بعد 4 شهور'، وأشارت إلى أنه كان من المقرر أن يتزوج في شهر أيار/ مايو المقبل، لكن جريمة الهدم سلبت منه أحلامه في لحظة.

وأضافت أم فهد، 'عند دخول عناصر الشرطة ضربوا زوجي المريض، ودخلوا فجأة بصورة وحشية، حتى الأطفال الصغار ضربوهم، وطرحوا وامرأة حامل أرضا. لقد جاؤوا بصورة خاطفة، وأخرجونا من البيوت، وها نحن الآن في عداد المشردين'.

وتابعت أم فهد بحرقة: 'أين نذهب بأولادنا؟ لم يعد لنا بيت نأوي إليه، سوف ننام هنا على ركام البيت، بنينا بيوتنا بالديون. لن نستسلم رغم كل ما حل بنا'.

حسونة مخلوف

وقال مالك أحد البيوت المهدومة، حسونة مخلوف: 'لا رئيس قام بمساعدتنا، ولا حتى لجنة التنظيم ساعدتنا، لا أحد. ماذا عسانا أن نقول غير حسبي الله ونعم الوكيل، بما فعلوه بنا'.

وتابع، 'أريد أن أقدم شكوى للسلطات المسؤولة ضد لجنة التنظيم في البلد وأحملها المسؤولية'.

وأكد مخلوف عدم علمه بقرارات الهدم إلا قبل التنفيذ بيومين، وأنه 'لم نتلق أي إخطار. لدي رخصة بناء على مساحة 40 مترًا، والبناء مرتبط بشبكة الكهرباء، ولم يصلني إنذار إلا يوم الأحد الماضي، جاؤوا ووسموا البيوت بإخطار كتب عليه (بيوت للهدم)، وبدورنا توجهنا إلى لجنة التنظيم في قلنسوة، كما توجهنا للمختصين كي يساعدوننا في الحصول على مهلة لبعض الوقت، لكن دون جدوى، لم نستطيع أن نفعل شيئا، وها هو البيت تحول لركام. حسبي الله ونعم الوكيل، الحمد لله ربنا يعوض بالمال'.

وقال عميد خديجة، 'هذا عمل انتقامي. لقد هدموا بيتي، حتى الأشجار التي يفوق عمرها الـ20 عامًا لم تسلم من إجرامهم. ما الحكمة من الاستعجال بالقرار والتنفيذ؟ لا أعلم من هو المسؤول الحقيقي، نحن أصحاب البيوت أم البلدية أم الحكومة؟

عميد خديجة

وتابع، 'حتى لجنة التنظيم لم تعلمنا أن هناك مشكلة في الأوراق والتراخيص، كنت في صباح ذلك اليوم المشؤوم ذاهبا إلى المحامي بعد ما وصل أمر الهدم، لكن الوقت كان متأخرا جدا، ويبدو أنهم اتخذوا قرار الهدم منذ البداية، لم يمهلونا بتاتًا'.

وشرح ضياء مخلوف لـ'عرب 48' تفاصيل ما حصل قبيل تنفيذ القرار، وقال: 'أخرجونا من البيوت ودخلوا إليها وضربوا كل من تواجد فيها، لا يوجد لنا مكان نذهب إليه الآن، بيوتنا التي تعبنا في بنائها وكلفتنا كثيرا هدمت. ذهب تعبنا سدى'.

وأضاف، 'عشرة أعوام من عمري هدمت بلحظة، أنا عن نفسي، خرجت من المدرسة منذ صغري، فقط من أجل بناء مستقبلي، وها هم هدموا مستقبلي أمامي'.

التعليقات