"اليوم العالمي": التردي العربي والتراجع الفلسطيني والضعف المحلي

بغض النظر عن حسن النوايا، فإن ما أصاب "اليوم العالمي لدعم الفلسطينيين في الداخل" في ذكراه الأولى يؤكد كم كان قرار الإعلان عنه ارتجاليًا وغير مدروس

"اليوم العالمي": التردي العربي والتراجع الفلسطيني والضعف المحلي

قلنسوة، نهاية الأسبوع (عرب 48)

بغض النظر عن حسن النوايا، فإن ما أصاب 'اليوم العالمي لدعم الفلسطينيين في الداخل' في ذكراه الأولى يؤكد كم كان قرار الإعلان عنه ارتجاليًا وغير مدروس، خاصةً في ضوء وجود قضية أكبر وأشمل مطروحة على البساط الدولي، نحن جزء منها شئنا أم أبينا هي القضية الفلسطينية، تحظى بيوم تضامن عالمي هو يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني.

القضية الفلسطينية ببعدها السياسي تطغى على الحيز الدولي الخاص بإسرائيل/ فلسطين وبالنزاع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي، فيما الحوامل العربية والفلسطينية التي تعاني المزيد من الوهن في هذه المرحلة مثقلة بهذه القضية وتبعاتها، الأمر الذي يتجلى أصلا بتراجع مستوى التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.

إعلان 'اليوم العالمي'

في هذه المرحلة بالذات، كان من المغامرة بمكان الإعلان عن 'اليوم العالمي لدعم الفلسطينيين في الداخل'، ليس لأن الجهود يجب أن تتركز جميعها في الحفاظ على ما هو قائم فقط في ضوء وهن الحوامل الذي سلف ذكره، بل لأن الجهد المبذول على الساحة الدولية من طرفنا لم ينجح في خلق الحد الأدنى من الأرضية القادرة على احتضان مثل هذا اليوم.

من جانب آخر، فإن هناك إشكالية في طرح قضيتنا أمام العالم كقضية أقلية أصلانية، كما يسعى البعض، طالما أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي لم يجد السبيل إلى الحل، بل في ضوء تعثر العملية السلمية التي كان من المفترض أن تؤدي إلى حل جزئي لهذه القضية، وهي العملية التي أنتجت بالتوازي طرح حلول جزئية لتجمعات أخرى من الشعب الفلسطيني في إطار المرحلة الراهنة، وبضمنها الجزء الواقع داخل الخط الأخضر.

لقد نجحت جمعيات المجتمع المدني الفلسطيني في طرح جوانب من قضايانا أمام بعض المحافل الدولية، إلا أن هذا الجهد ما زال جنينيا، والدفع به لا يتم من خلال إعلان يوم عالمي بل بواسطة المثابرة في تطوير هذه الجوانب وتكثيف هذا الجهد بغية الوصول إلى المزيد من المنابر والمؤسسات، حتى يتم إنضاج حالة تضامن دولي قادرة على احتضان مثل هذا اليوم.

فلا يعقل أن نعلن عن 'يوم تضامن عالمي' لنتضامن مع أنفسنا بقاعة في قلنسوة، ولو كنا اخطأنا أصلا في الإعلان عن هذا اليوم فمن غير المعقول القعود في انتظاره دون تحريك ساكن طيلة سنة كاملة، ونتأمل من العالم أن يهب للتضامن معنا في اليوم المأمول. كان يفترض بنا العمل على مدار العام لدى المؤسسات الدولية والعربية ومعها على الإعداد لإنشاء برامج ومنابر لإحياء هذا اليوم، فقد كنا نملك الكثير من الوقت للعمل على تنظيم برنامج مركزي في إحدى العواصم الأوروبية بمشاركة حقوقيين ومؤسسات مجتمع مدني ورجال سياسة من مختلف أرجاء العالم، وذلك إلى جانب بعض النشاطات الفرعية في الداخل والضفة والقطاع وبعض العواصم العربية.

حضور ضعيف في قلنسوة، السبت (عرب 48)

وكان من المفيد مثلا إعداد وثيقة جدية (وليست ركيكة كالوثيقة التي تم تعميمها مؤخرا بواسطة البريد الإلكتروني)، يتم توزيعها قبل اليوم التضامني بأسابيع على المؤسسات والهيئات الدولية عن هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها من مظاهر الظلم والتمييز العنصري التي تقع تحت طائلتها جماهيرنا والتي تفضح إسرائيل كنظام كولونيالي عنصري، هذا ناهيك عن الصور والملصقات التي يفترض أن تملأ عواصم العالم إذا أردناه فعلا يوما عالميا.

على أرض الواقع، ليس أن ذلك لم يحدث فقط، بل أن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة فضلت، ربما من باب التأكيد على السقف الإسرائيلي، القيام بمظاهرة عربية - يهودية في تل أبيب، والتجمع، الذي لم يستجمع قواه بعد من الضربات المتتالية التي تلقاها في الآونة الأخيرة، لم يفعل شيئا خلا المشاركة في اجتماع 'قلنسوة العالمي'، كذلك الأمر بالنسبة للتيارات الإسلامية.

'يهودا وعربا معا' في تل أبيب، السبت (أ ف ب)

ولم تردنا أخبار عن اجتماعات شعبية حاشدة في غزة وبيروت، التي كان يفترض أن تعقد بالتزامن مع 'مهرجان' قلنسوة، فيما لم نعرف لماذا لم تتحرك رام الله.

التعليقات