قلنسوة: 9 وفيات بالسرطان في 6 أعوام بنفس الحي

تعصف مشاعر الغضب والقلق بسكان الحي الجنوبي المحاذي للمركز الجماهيري في مدينة قلنسوة، كلُما سمعوا نبأ وفاة نتيجة الإصابة بمرض السرطان.

قلنسوة: 9 وفيات بالسرطان في 6 أعوام بنفس الحي

قلنسوة آذار 2017 (عرب 48)

تعصف مشاعر الغضب والقلق بسكان الحي الجنوبي المحاذي للمركز الجماهيري في مدينة قلنسوة، كلُما سمعوا نبأ وفاة نتيجة الإصابة بمرض السرطان.

يعاني سكان الحي منذ أعوام، من مكاره بيئية خطيرة، في ظل انتشار مكبات النفايات المحيطة به والتي تنبعث منها الروائح الكريهة والهواء الملوث الذي هيمن على البيئة المحيطة.

يؤكد أهالي الحي أنه منذ العام 2011 توفي في الحي 9 أشخاص نتيجة الإصابة بمرض السرطان الفتّاك، فيما يعاني 14 شخصا من المرض الخبيث.

سُرّ أهالي الحي حين أعلنت بلدية الطيبة، الأسبوع الماضي، إغلاق مكب 'شارونيم' للنفايات، لكن الفرحة تبددت بعد اليوم الأول من إغلاق المكب، مع انبعاث الروائح الكريهة مرة أخرى، علمًا أن مكب 'ك.ح' المجاور لمكب 'شارونيم' ومكبات أخرى تواصل عملها.

محمد تكروري 'أبو فادي' من سكان الحي الجنوبي في قلنسوة، توفيت شقيقته الأسبوع الماضي عن عمر ناهز الـ50 عاما بعد صراع مع مرض السرطان الذي لم يمهلها طويلا، سبق أن فقد شقيقه بسبب نفس المرض قبل 5 أعوام، قال لـ'عرب 48' إنه 'منذ اليوم الأول الذي سكنا فيه الحي ونحن نعاني من المكاره البيئية ومن الهواء الملوث نتيجة الحرائق في المكبات المجاورة. شقيقتي توفيت الأسبوع الماضي نتيجة الإصابة بالسرطان الذي لم يترك مكانا في جسدها إلا ونهشه، عانت المرحومة والعائلة بشكل كبير ومؤلم'.

وأضاف أن 'إعلان إغلاق المكب كان ذرا للرماد في العيون، ومجرد كلام في الهواء، ما الفائدة من إغلاق مكب 'شارونيم' ومكب 'ك.ح' لا زال يعمل وبكثافة؟ أكبر دليل على ذلك 'جبل النفايات' الذي ترونه خلفي، لا تزال السيارات تعمل في مكب 'شارونيم' ما يدل بأنه لم يغلق نهائيًا. قبل أسبوع اتصل شقيقي وقال إن هناك رائحة لا تطاق في المكان، وبعد بحث عن مكان الرائحة تبين لي أنهم يحرقون مخلفات للجيش، وكان ذلك في ساعات الليل، وما الليل إلا ستار على المجرمين'.

وأكد أنه 'توجهنا للكثير من المسؤولين، ولم ندع أي مسؤول إلا وتوسلنا إليه من أجل إيجاد حل لنا. ألوم اللجان في قلنسوة، صحيح أنه من الواجب التضامن مع أصحاب البيوت المهدمة، لكن ماذا عن حياة الإنسان التي تهدم يوميا في هذا الحي؟ أليس من الواجب أن نؤمن على حياة الإنسان ومن ثم على مسكنه؟ أين اللجان الشعبية والأحزاب والحركات السياسية في قلنسوة من المزابل والمكبات؟ حتى وإن لم تسبب المكبات الأمراض الخبيثة ألا يحق لنا استنشاق الهواء النقي في ساحات بيوتنا؟ لا مكان آخر لنا سوى منازلنا بهذا الحي. أتوجه لوزارة البيئة، إذ هناك بند يقضي بعدم دفن مخلفات النفايات الصلبة وغيرها من النفايات في أحياء مأهولة بالسكان، لكن على بعد 100 متر من الحي ومن منزلي بشكل خاص هناك هرم من النفايات بلغ ارتفاعه نحو 50 مترا فوق وتحت سطح الأرض، أتلف المزروعات ولوث الهواء وسمم الإنسان'.

وعن الحل الجذري لهذه المشكلة، قال تكروري إن 'هذا الحي لو كان اسمه بالعبري وسكانه يهود لاختلف الأمر وأزيلت المكبات خلال شهر، لكن حياة المواطن العربي ليست ذات أهمية عند المسؤولين. لا يعقل أن وجود مصاب أو أكثر بالسرطان في كل بيت في حي لا يتعدى عدد سكانه الألف نسمة. لقد بلغ السيل الزبى وسبق السيف العدل، الوضع تجاوز كل الخطوط الحمراء، نصرخ ولا أذان صاغية، تركنا وحدنا وسط هذا الوباء'.

وقال عبد الرحيم عودة من الحراك الشبابي في قلنسوة، لـ'عرب 48' إنه 'بعد ازدياد حالات الوفاة في الحي خاصة وفي قلنسوة عامة، وبعد المسرحية التي أطل بها علينا أصحاب المكبات وأعوانهم، رأينا أنه من الواجب أن نأتي إلى الحي الذي يعاني من الروائح الكريهة والمكاره البيئية الخطيرة، ولنبين أن المكاره لا زالت وأن المعاناة مستمرة، وأنه لم يتغير أي شيء بالحي، وأن الأهالي يفقدون في كل عام قريب بسبب الأورام السرطانية'.

وأضاف أنه 'يجب علينا أن نبين كل المآسي هنا، 500 حالة سرطان وأكثر في قلنسوة، وفي هذا الحي وحده عدة حالات، سوف نتخذ الإجراءات اللازمة على أمل أن نخرج بخطوات نضالية جديدة مع أهالي الحي'.

وقال الشاب يوسف شريف من سكان الحي، لـ'عرب 48' إننا 'منذ سنوات نعاني من نفس القضية ولا شيء يتحرك على أرض الواقع، الروائح لا زالت والمكاره تضرب بنا والسرطان يهددنا، ولا يوجد أحد من المسؤولين يمد يد العون لنا، الكل يختار الطريقة الأسهل وهي التنصل من المسؤولية'.

وأشار إلى أنه 'قبل فترة قصيرة استفاقت طفلتي من النوم مذهولة من الرائحة، بالكاد كانت تتنفس، ما شكل خطرا على حياتها حتى وضعت لها التنفس الاصطناعي واستمرت بالبكاء حتى الصباح، هذه الحالة تمر بها الطفلة بين الفترة والأخرى، بسبب المكاره البيئية. كم من الصرخات يجب علينا أن نطلق من أجل أن يسمعنا أحد المسؤولين ويضع لنا حلا لهذا الوباء الذي نعاني منه، وكم من الضحايا علينا أن نشيع كي تنته هذه المعاناة؟'.

التعليقات