21/05/2017 - 17:06

رمضان على الأبواب: عكا بين الحنين للماضي والوضع الاقتصادي الصعب

تتقلّص أحلامُ تجار عكا وأهلها من حيثُ التطور الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي كما تمنوا، ويحزن كثيرون منهم أنّ عكا بدأت تضيق بأهلها، وما عادَ الجار في السوق رفيقًا لزملائه، ولم تعد المدينة القديمة تحتضن الجميع، بسبب شظف العيش وصعوبة تقبُل الواقع الجديد، ففي الماضي كانت عكا أهم مدينة يرتادها أهالي قرى الجليل في رمضان وكل أيام السنة.

رمضان على الأبواب: عكا بين الحنين للماضي والوضع الاقتصادي الصعب

سوق عكا، أيار 2017 (عرب 48)

تتقلّص أحلامُ تجار عكا وأهلها من حيثُ التطور الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي كما تمنوا، ويحزن كثيرون منهم أنّ عكا بدأت تضيق بأهلها، وما عادَ الجار في السوق رفيقًا لزملائه، ولم تعد المدينة القديمة تحتضن الجميع، بسبب شظف العيش وصعوبة تقبُل الواقع الجديد، ففي الماضي كانت عكا أهم مدينة يرتادها أهالي قرى الجليل في رمضان وكل أيام السنة.

لم يكن ربُ العائلة يكتفي بزيارة هامشية إلى عكا بين فترةٍ وأخرى، بل كان يُحمّل ربُ الأسرة مركبته بما طاب له من مشتريات وحلويات وأسماك وغيرها، أما اليوم فإنّ داخل كُلِ بلدةٍ عربية هناك ما طاب مِن المشتريات اليوميّة، التي لا تتوقف أبدًا، بينما يشكو أهلُ عكا من الصعوبات الاقتصادية الخانقة.

وقال عدد من التجار في عكا إن 'عدد زوار عكا انخفض بسبب التضييقات التي تقوم بها بلدية عكا، إذ تفرض مبالغ مرتفعة على التُجار، رغم أنّ الكساد مستمرٌ منذ سنواتٍ طويلة، ناهيك عن المخالفات التي تُحرر للزائرين، ما جعل كثيرون يتوقفون عن زيارة سوق عكا، رغم ما فيه من خدماتٍ وبضائع رخيصة نسبيًا، وما عاد رفاق الأمس يشعروا بطعم ورائحة المكان'.

حلاوة رمضان

وقال ابنُ مدينة عكا، محمود ناطور، لـ'عرب 48' عن حبه وانتظاره لأجواء شهر رمضان المبارك، إنّ 'حلاوة رمضان تظهر في ساعات ما بعد الإفطار، حيثُ تزدان البيوت ودرب السوق، والزقاقات المتعرجة، الجميلة، التي تترك خلفها تاريخًا من زمنٍ جميل'.

وأضاف أن 'عكا بالنسبة لي أجملُ مدينة في الكون، صحيح أننا في ضغطٍ مستمر، لكن هذا لا يمكن أن يكون سببًا في قلة التجارة وتردي الأحوال الماديّة، خاصةً لدى الشرائح الفقيرة والضعيفة'.

ولفت إلى أن 'تجار عكا يفتقرون إلى التطوير من كافة النواحي، بينما يشكو الزائرون نقص الساحات المعدة للسيارات، إذ إنّ موظفي البلدية يقفون للتجار وللزوار بالمرصاد، ويتم تحرير مخالفات لأماكن 'تابعة للبلدية' وهي غرامة باهظة، تصل لأكثر من 100 شيكل'.

وختم ناطور بالقول إنه 'في الماضي كانت عكا أجمل وأكرم على أهلها وأحبتها، إذ كان الزوار يتوافدون إليها بكثافة في كل يوم، وفي الماضي كان التاجر يقف إلى جانب رفيقه في السراء والضراء، ويأتي زوارٌ إلى البسطات في قلب سوق عكا القديم، ويهمهم تناول الحمص والكنافة العكاوية، ليعودوا إلى بيوتهم ولم يشتروا إلا القليل من الحلويات'.

وشعر التجار في سوق عكا بحنين إلى الماضي حين سألتهم عن سبب حبهم لعكا، فأجابوا أنّ 'الماضي كان أجمل، بينما لا تزال عكا تتجمّل إذ يفوق جمالها مدنًا أخرى، هي جزءٌ مهم من الوطن، إنها عكا بأهلها وناسها لم تؤذِ يومًا غريبًا أو زائرًا إلى السوق وزواريبه وتفاصيل المكان، التي تغيرت بعد نجاح اليهود بالاستيلاء على بيوتٍ عربية ليحجزوها مستقبلاً، آملين أن تعود جميع البيوت إلى اليهود'.

المجمعات التجارية أضرت بتجار عكا

كثيرون ممن صادفتهم في سوق عكا عبّروا عن امتعاضهم من تأثير المجمعات التجارية وشبكات البيع المنتشرة في البلدات العربية وفي عكا أيضًا.

وقال تاجر البهارات والعطارة، سعيد جارحي، الذي يعمل منذ 20 عامًا في سوق عكا: 'أنا راضٍ بما قسمه الله لي'، مشيرًا إلى 'وجود كل ما يطلبه الزائرون'، بينما انتقد جارحي 'التذمر المستمر لتجار السوق'.

وأوضح أنّ 'بعض الأيام قد لا تكون مربحة كما نتمنى، لكن هناك حركة بيع وشراء في السوق، ولو لم يكن الأمر كذلك، فلماذا يُبقي التجار على محالهم التجارية، لماذا لا يُغلقونها؟!'.

وأضاف أن 'قلّة من العكيين يلتفتون إلى السوق بسبب انشغال المجتمع بأمور أخرى، بينما يبقى الجرحُ الأكبر غياب بعض التجار الذين أسهموا من حيثُ لا يدرون في تعزيز مكانة عكا'.

وختم جارحي بالقول إنه 'بالنسبة لي شخصيًا ولأهلي في عكا، تميّز الماضي بهداة البال، بينما اليوم نتسابق بسرعة وراء رغيف الخبز والحياة الرغيدة، إلى جانب تقصير المواطنين قبل البلدية التي لا تدعم ولا تطور السوق منذ فترة طويلة'.

وقال التاجر في سوق عكا، نبيل هنداوي: 'الحمد لله على كل شيء، الأمور هنا تسير على ما يُرام، ففي بعض الأحيان تشعر بالكساد وبغياب زوار عكا الذين كانوا منذ سنواتٍ طويلة يرتادون المكان، ويختارون كُلُ جميلٍ فيه، لكنّنا كتجار راضون عن عملنا'.

وأضاف أنّ 'الزبائن يتذمرون ويوجهون أسئلة كثيرة، لكنّ قلّة منهم يشترون، إنهم يأتون كزوار مارّة لا أكثر'

وختم هنداوي بالقول: 'كُلنا نحبُ عكا، وهي مغروسة فينا، وإلا ما سِر تواجد التجار في السوق، إنه حبٌ لعكا ولأهلها وللمكان الذي عشنا فيه سنواتٍ طويلة، وسنحافِظ على المكان طالما بقينا على هذه الأرض التي نحبها'.

التعليقات