قتل النساء: ضحية أخرى ولا رادع يمنع الجريمة القادمة

​حصدت الجريمة والعنف والتخلف المجتمعي ضحية أخرى، وهي الفتاة الخامسة منذ مطلع العام الحالي، إذ قتلت الفتاة هنرييت قرا من مدينة الرملة بعد يوم واحد من تخرجها من المدرسة الثانوية طعنًا، دون إشارة أو بارقة أمل لمكافحة الجريمة ووقف ظاهرة قتل النساء.

قتل النساء: ضحية أخرى ولا رادع يمنع الجريمة القادمة

حصدت الجريمة والعنف والتخلف المجتمعي ضحية أخرى، وهي الفتاة الخامسة منذ مطلع العام الحالي، إذ قتلت الفتاة هنرييت قرا من مدينة الرملة بعد يوم واحد من تخرجها من المدرسة الثانوية طعنًا، دون إشارة أو بارقة أمل لمكافحة الجريمة ووقف ظاهرة قتل النساء.

وتتساءل الناشطات اللاتي يعملن بمجال التوعية المجتمعية وتمكين المرأة وحقوقها، كيف يمكن وقف الجريمة ومحوها من مجتمعنا؟

وعن خطورة ما يجري في مجتمعنا العربي في الداخل وضرورة رفع الصوت قبل أن تُقتل الضحية التالية، وقالت الناشطة آية زيناتي من اللد لـ'عرب 48' إنه 'علينا أن نبدأ بأنفسنا'، إذ أعربت عن شعورها بالعجز بسبب تكرار الجرائم، وتقترح البدء بالعمل، رغم الأسف على إزهاق الأرواح، ورغم أن ما بمقدور شخص أو مجموعة صغيرة أن تغير الواقع، وباتت اللد، الرملة، يافا، بين المدن الأكثر تشرشًا للجريمة فيها.

أضافت 'ينبع الإحباط من تكرار نفس الأشخاص من ناشطين وناشطات، والموضوع أكبر بكثير من محاولة التغيير، فالتغيير يحتاج لطاقتنا، لكننا أيضًا تعبنا، فما أن نحاول نسيان الجريمة السابقة، وإذ بالجريمة الثانية تداهمنا، فتمحو مِن قلوبنا الوجع السابق، ونعيش ربما أقل من أسبوع، آملين ألا تُرتكب جريمة أخرى'.

وتابعت زيناتي 'نحنُ بحاجة لجسمٍ يحمينا، وحان الوقت لنا كفلسطينيين أن نبدأ بالعمل، ولا ننتظر من الدولة ولا نتوقع أصلًا أن يكون هناك إطار يؤطر عملنا الاجتماعي والنسوي، بسبب الجرائم التي ترتكب بين فترةٍ وأخرى'.

واعتبرت أنه 'حان الوقت لبناء إطار يجمعنا ويحمينا ولا يُحصر على مؤسسات، وأساسًا، في اللد والرملة تغيب المؤسسات، لكن الناشطات/ الناشطين يحاولون/ تحاولن التغيير، فقد مللنا رسائل الاستنكار، مع ذلك نحنُ مستمرون بالتطوع في مراكز ضحايا العنف الجسدي، وعلينا أن نعمل في الشارع كأفراد، شرط ألا ننتظر فقد لا نستطيع منع الجريمة القادمة، لكن ربما من خلال أطر تجمع شباب وصبايا المجتمع من أجل التغيير للأفضل، كما أن قتل النساء يتمثل بالسيطرة الذكورية، وكأننا في غابة'.

وتطرقت الناشطة النسوية مها النقيب، من مدينة الرملة، إلى الجريمة الأخيرة في الرملة إن 'هذه الجريمة أوجعتني جدًا، فيها جميع مكونات الجريمة، الأكثر قسوة وبشاعة، وبما أن هذه الجريمة تكشف الضحية الخامسة، إذ تُقتل فتاة في بيتها والمفروض أن يكون بيتها الآمن والحامي لها، إلا أن الجريمة شوهت شباب القتيلة، وكأننا تعودنا على صور الدم والقتل، وهذا ما يزيد شعورنا باليأس وفقدان الأمل، وما يجري أمرٌ مخيف وموجِع، خاصةً أن الجريمة لم تعد تقتصر من حيثُ الأسباب على الفقر المدقع، بل إن هناك أسباب أخرى يجب معالجتها، إنها جريمة منظمة، قتلت خلالها صبية يوم تخرجها'.

وأضافت النقيب 'يؤلمني جدًا أن تقُتل صبية بعمر الورد، وليس هناك ما يُبرِر أو يحاول تحليل الأسباب. وقد شعرتُ بصعوبة ما جرى، وتساءلت حتى الجزء الأكثر بعدًا عن الجريمة ينجر وننجر معه دون أن نتمكن من محاربة الجريمة. الضحية الخامسة تُقتل على ما يبدو على خلفية شجار داخل البيت، ولم يكن مخططًا، وربما تنجح الشرطة في هذه الحالة بإيجاد القاتل، كون الجريمة انحصرت في البيت، لكن الضحايا الأربع اللواتي رحلن هذا العام دفعن ثمنًا باهظًا مقابل حياة ظنن أنها ستكون ملكهن وبين أيديهن"..

وتساءلت النقيب 'لماذا هذا التقصير من المجتمع كله؟ ماذا يجب أن نفعل الآن؟ كيف نحمي فتياتنا ونسائنا من الجريمة القادمة؟ وهل يمكننا أن نضمن لهن حياة طبيعية بحرية وأخذ النساء القرارات دون التعرُض للأذى؟ وكيف يمكن للواقع الاجتماعي الاقتصادي أن يضع حدًا للجريمة'.

وعقبت مديرة قسم المدنيات في كلية أورانيم، د. ماري توتري، قائلة 'ما أعرفه أن فتاة أخرى تتحول إلى ضحية في جريمة ليسي لها ما يُبررها، وبما أن الطالبة خريجة جديدة، كان من المفترض أن تكون الحياة أمامها، وجاهزة في مرحلة ما إلى الذهاب للجامعة، وفيما يكون البيت هو مصدر الأمان، أصبح أكبر مكان خطر هو البيت، بين أفراد العائلة'.

وأضافت 'لا نزلنا نتحدث في شعارات ولا نطبق أيًا من الشعارات ولا نصنع شيئًا يمنع الجريمة. نتحدث عن الإجرام الذي يفتك بأبناء شعبنا، لكن علينا أن نبدأ بحل المشكلة، ولا زلنا في مكانٍ آخر لا نفعل شيء فيه، ولا زلنا عاجزين عن معرفة القاتل القادم، والضحية القادمة، فكيف نمنع الجريمة على المستوى العام والمرأة بشكلٍ خاص'.

وذكرت توتري أنه 'قبل أشهر قليلة اجتمعت مجموعة مثقفين وأكاديميين في مؤتمر يهدف لمحاربة العنف في المجتمع العربي، لكن المؤتمر لم يُجب عن التساؤلات التي كان من المفترض أن تُطرح في حينه، وما يحدث اليوم هو جزء من الشعارات التي لا تُطبق على أرض الواقع، حينها خرجنا غير متفائلين، ونحنُ اليوم لسنا في الطريق الصحيح، والمشكلة ليست بالمرأة، وإنما بالمجتمع وأبناؤه، كما أن عدم اكتشاف منفذ الجرائم، يزيدنا إحباطًا ويمنحنا شعور أن الصوت ليس مرتفعًا'.

 

التعليقات