د. مصطفى لـ"عرب 48": مصلحة المشتركة تنفيذ اتفاق التناوب

"سؤال التناوب هو إفراز للمسألة الأكبر التي تميز القائمة المشتركة، وهي غياب العمل الجماعي المشترك والتنسيق المتبادل على المستوى البرلماني، وهو ما يؤكد أن القائمة المشتركة كانت سفينة عبور ليس أكثر. لذلك فهناك أهمية لتنفيذ اتفاق التناوب".

د. مصطفى لـ"عرب 48": مصلحة المشتركة تنفيذ اتفاق التناوب

المهرجان الافتتاحي للقائمة المشتركة بالناصرة، 14.2.2015(عرب 48)

* يمكن إعادة بناء القائمة المشتركة، فالوقت لا يزال مواتيا لذلك

* لو أن الأجواء في القائمة المشتركة أجواء تعاون وتنسيق لما كان هذا النقاش المتواصل حول موضوع التناوب، ولتم التناوب بدون حرب كلامية على شبكات التواصل الاجتماعي

* المشتركة تحتاج إلى إعادة النظر في عملها ومكانتها ودورها في إنتاج حراك سياسي كان يُعول عليها في إنتاجه أو دفعه ولم تفعل ذلك


أكدت قيادات مركبات القائمة المشتركة ولجنة الوفاق الوطني على ضرورة وأهمية تنفيذ استحقاق التناوب في المشتركة الذي يحل في منتصف تموز/ يوليو الجاري، والحفاظ على المشتركة التي تعتبر إنجازا سياسيا للعرب الفلسطينيين في إطار العمل البرلماني، وتطوير عملها الجماعي.

وحذرت القيادات السياسية من محاولة خرق الاتفاقيات أو عدم تنفيذها، مؤكدة أن من ينقض ما اتفق عليه عند تشكيل القائمة سيتحمّل لوحده المسؤولية ونتائجها الوخيمة أمام الناخبين العرب.

د. مهند مصطفى

وينص الاتفاق الذي وقع بين الأحزاب المشكلة للقائمة المشتركة في 22.1.2015 على التناوب بين الجبهة والتجمع في المقعدين 13 (د. عبد الله أبو معروف) و14 (جمعة الزبارقة)، وبين الحركة الإسلامية والعربية للتغيير في المقعدين 12 (أسامة سعدي) و15 (سعيد الخرومي)، فيما يحل مرشح الإسلامية بالمقعد الـ16 (إبراهيم حجازي)، ثم الجبهة (يوسف عطاونة) في المقعد الـ17 والعربية للتغيير (وائل يونس) في المقعد الـ18 والتجمع (نيفين أبو رحمون) في المقعد الـ19.

وأجرى موقع 'عرب 48' حوارا حول هذه القضية مع مدير البرامج الأكاديمية والبحثية في مركز مدى الكرمل، د. مهند مصطفى:

كيف ترى احتمالات تنفيذ اتفاقيات التناوب التي اتفق عليها بين مركبات المشتركة؟ بمعنى هل ستُحترم وتُنفذ في موعدها وفقا للاستحقاقات المذكورة في الاتفاق؟

د. مصطفى: أنا أرى اتفاق التناوب كجزء من ثقافة العمل السائدة في القائمة المشتركة، وأرى النقاش حول التناوب كجزء من الحالة العامة للقائمة المشتركة. لو أن الأجواء في القائمة المشتركة أجواء تعاون وتنسيق لما كان هذا النقاش المتواصل حول موضوع التناوب، ولتم التناوب بدون حرب كلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، وغياب مواقف واضحة وصريحة وشفافة من طرف مركبات القائمة المشتركة أو جزء منها من هذا الملف. أنا أفهم التناوب بين مركبات سياسية حزبية تشكل القائمة المشتركة ولا أراه تناوبا بين أشخاص، وفي اعتقادي هذا هو المبدأ الذي انطلقت منه فكرة التناوب، تناوب بين أحزاب وحركات سياسية وليس تناوب بين أشخاص، فالأشخاص في المشتركة يمثلون أحزابهم في القائمة، ولا يمثلون أنفسهم، ولكن مرة أخرى كما قلت لك، فسؤال التناوب هو إفراز للمسألة الأكبر التي تميز القائمة المشتركة، وهي غياب العمل الجماعي المشترك والتنسيق المتبادل على المستوى البرلماني، وهو ما يؤكد أن القائمة المشتركة كانت سفينة عبور ليس أكثر. لذلك فهناك أهمية لتنفيذ اتفاق التناوب، لأن عدم تنفيذ اتفاق التناوب سيظهر القائمة المشتركة بأنها لم تغير حتى الثقافة السياسية التي تتأسس على احترام الاتفاقيات وسيعيد للذاكرة حالات سابقة من عدم احترام اتفاقيات تناوب، وكلنا نعرف كيف تأطرت هذه الحالات بشكل سلبي في الوعي العام، لذلك أرى أنه من مصلحة القائمة المشتركة تنفيذ اتفاق التناوب. وهنا يجب أن تكمل لجنة الوفاق دورها من خلال المكاشفة الجماهيرية لموضوع التناوب، فهو شأن عام وليس شأن خاص.

ثمة من يخشى على مستقبل القائمة المشتركة، هل ترى أنها مهددة بالتفكك إذا ما لم تنفذ اتفاقيات التناوب؟

د. مصطفى: كما قلت لك فإن عدم احترام اتفاق التناوب سوف يُعبر عن مأزق كبير وصلت إليه القائمة المشتركة، وعدم احترام الاتفاق يعبر أيضا أن أعضاء المشتركة لم يروا هذا المأزق أو أنه لا يهمهم وجوده، لذلك فأنا لا أرى في عدم احترام التناوب خطرا على وجود القائمة المشتركة في صيغتها الحالية بل أرى أنه في عدم احترام التناوب تعبير عن حالة المأزق الذي وصلت إليه القائمة، ولا شك أنه سيستفحل إذا لم يتم احترام اتفاق التناوب، ولكن حتى لو تم احترام اتفاق التناوب وتم تنفيذه، فإن المشتركة تحتاج إلى إعادة النظر في عملها ومكانتها ودورها في إنتاج حراك سياسي كان يُعول عليها في إنتاجه أو دفعه ولم تفعل ذلك. وبحاجة أن تفسر للجمهور الفجوات بين خطاب المشتركة في بداية طريقها وبين ما وصلت إليه في خطابها السياسي وأدائها البرلماني وغياب العمل الجماعي. ادعاء البعض أنه يتم تحميل المشتركة أكثر مما تحمل لم يعد مجديا، فمن جهة أعضاء في المشتركة من تحدثوا عن قائمة تشكل جبهة وطنية وهناك من اعتبرها نتاج صيرورة تاريخية للفكر السياسي الفلسطيني وغيرها من المقولات التي تعاملت مع المشتركة بأنها أكثر من مجرد قائمة انتخابية، مع التأكيد أنه كان يمكن أن تكون كذلك ولا شك، ومن جهة أخرى لم يعد مجديا طلب المزيد من الوقت من أجل تذويت العمل الجماعي بعد عقود من العمل الحزبي والبرلماني المنفرد، فعامان كان يجب أن يكونا كافيين لذلك لا سيما وأن الحديث ليس عن إقامة حزب مشترك بل قائمة انتخابية مشتركة. لا شك أنه كان هناك ثلاثة توجهات في التعامل مع القائمة المشتركة مع بداية تشكيلها وانطلاقتها، توجه يرى فيها جزء من عملية تنظيم الجماهير العربية العامة، لذلك نظرها إليها وبنى عليها آمالا على هذا الأساس، لذلك اعتبرها أو أراد أن يعتبرها إطارا قوميا، وجزء نظر إليها كحالة مدنية صرفة، وآخر نظر إليها كإطار انتخابي ناجح في ظل رفع نسبة الحسم. وكانت مسألة وقت حدوث حالة الصدام بين هذه التوجهات.

ما هو تقييمك لأداء القائمة المشتركة لغاية الآن؟ وهل من فرصة لتطوير آليات عمل المشتركة؟

د. مصطفى: طبعا، يمكن تطوير عمل القائمة المشتركة، إذا تم التعامل معها كإطار يهف إلى تطوير العمل البرلماني، لذلك أنا لا اتفق مع توجهين حول القائمة المشتركة، وهما توجهان ظهرا من داخل القائمة نفسها، لا أوافق على أن القائمة المشتركة هي سفينة انقاذ ولا أوافق على كونها سفينة عبور. ليست القائمة المشتركة ولا يمكن أن تكون بديلا للعمل السياسي والفكر السياسي الذي تطور في صفوف الفلسطينيين في إسرائيل على اختلاف المشارب السياسية والإيديولوجية، ولا يمكن أن تكون إطارا قوميا للفلسطينيين في إسرائيل، وفي نفس الوقت لا أوافق على اعتبارها مجرد إطار تنسيقي بين الكتل البرلمانية العربية التي تكونها، أو إطار لضمان التمثيل البرلماني، فهي يمكن أن تكون رافعة للعمل البرلماني بلا شك إذا ساد فيها التنسيق والعمل الجماعي، لذلك يجب التعامل مع القائمة المشتركة كإطار برلماني يهدف إلى تنجيع العمل البرلماني، دون الاستهانة بدورها في تعزيز الثقافة السياسية في الشارع العربي وإرجاع الناس للاهتمام بالشأن العام والسياسي.  

نرى أن العمل الفردي من قبل بعض النواب، من مختلف مركبات المشتركة، يؤثر سلبا على سيرورة العمل فيها ويمس العمل الجماعي، ومن المفترض أن تعمل المشتركة ضمن استراتيحية سياسية واحدة وموحدة وهذا غير ملاحظ، لماذا؟ وكيف بالإمكان تفادي تكرار ما حصل؟

د. مصطفى: كما ذكرت سابقا، هناك عمل فردي بارز في القائمة المشتركة، وهو لا يحتاج لتنقيب لاكتشاف ذلك، فالناس ترى ذلك، وأبعد من ذلك. وأحيانا ترى بيانات مختلفة صادرة من نواب عرب عن نفس المسألة، وتحول الأمر في بعض الأحيان إلى حالة هزلية. ومع ذلك يمكن إعادة بناء القائمة المشتركة، فالوقت لا يزال مواتيا لذلك، ويحتاج إلى تعزيز العلاقة بين كوادر مهنية وبين القائمة المشتركة، وتعزيز العلاقة بين القائمة المشتركة والعمل النضالي والشعبي، وتعزيز التنسيق والعمل الجماعي في أغلب الوقت. أعرف صعوبة ذلك في كل الوقت، ولكن في العمل البرلماني هناك حاجة لتعزيز العمل والتنسيق، وبناء مواقف سياسية تعبر عن القائمة المشتركة وليس عن أفراد، إذا أرادت القائمة التعاطي كقائمة مع قضايا سياسية تتميز بتباين وجهات النظر بين مركباتها. 

اقرأ/ي أيضًا | المشتركة إلى أين؟

التعليقات