كفر كنا: رفض شعبي لإقامة مركز شرطة‎

أثيرت في الأيام الأخيرة ردود فعل واسعة في أعقاب استدعاء عدد من الناشطين من كفر كنا للتحقيق بسبب رفضهم لإقامة مركز شرطة في القرية، في أعقاب الكشف عن تخصيص أرض لبناء مركز شرطة مقابل المدرسة الثانوية.

كفر كنا: رفض شعبي لإقامة مركز شرطة‎

من الموقع المزمع فيه إقامة مركز الشرطة في كفركنا

أثيرت في الأيام الأخيرة ردود فعل واسعة في أعقاب استدعاء عدد من الناشطين من كفر كنا للتحقيق بسبب رفضهم لإقامة مركز شرطة في القرية، إثر الكشف عن تخصيص أرض لبناء مركز شرطة مقابل المدرسة الثانوية.

وتشهد كفر كنا في الآونة الأخيرة حراكا شعبيا واسعا رافِضا لإقامة مركز الشرطة، وذلك نتيجة لانعدام الثقة بين المواطن العربي والشرطة في ظل تقاعسها بمحاربة آفة العنف والجريمة بالمجتمع العربي، ناهيك عن تعاملها مع المواطنين العرب كأعداء، والتي ترجمت، في الكثير من الأحيان، لحالات قتل مواطنين عرب برصاص أفرادها.

د. عمر سعيد

وبهذا الصدد، قال عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، د. عمر سعيد، في حديث لـ'عرب 48': 'لا شك أن الجميع معني بمكافحة العنف والجريمة ومحاصرة ذيولها وأخطارها الداهمة، إلا أن الحماس اللافت الذي تبديه إدارة المجلس وجهات محلية مشبوهة إلى جانب أوساط شعبية انطلت عليها ألاعيب السلطة لتبرير استضافة مركز مناطقي للشرطة في قريتنا، يوحي بالكثير عن طبيعة هذا المخطط وأهدافه الحقيقية الكبيرة، وحجم الماكينة الإعلامية الضالعة في تسيير وتيسير إنجاز هذه المهمة'.

وتساءل سعيد 'لماذا كفر كنا بالذات؟، ذلك لأن كفر كنا بلدة وطنية فعالة وعصية على محاولات الإذلال والتركيع، كما أنها تلعب دورا مؤثرا وهاما على محيطها، ولذلك باتت رمزيتها مستهدفة وشبابها النقي ملاحق ورصيده الكفاحي غاية المتربصين'.

وأشار إلى أن 'التجربة علمتنا بأن هذه المراكز تشكل قاعدة ومنطلقا لتجنيد العملاء والتجسس والإسقاط ومحو الوعي الوطني عند شبابنا ليس إلا، ومن هذا المنطلق ينبغي علينا التذكير بأن شرطة إسرائيل لا تتحلى بنفس المواصفات والأدوار المتعارف عليها في العالم المتحضر، لأنها في السياق العربي المحلي تشكل جهازا عنصريا للقمع والتنكيل بشرفاء الناس، بل هي أقرب ما تكون لعصابة عنصرية تتمم وظيفة المؤسسة الإسرائيلية العنصرية من أجل تهميش مجتمعنا وإفساده، لا سيما وأن أيديها ملطخة بدماء أبنائنا في كل مكان، حيث كان آخر ضحاياها في بلدتنا الشهيد خير حمدان'.

وختم سعيد بالقول إن 'المعطيات الإحصائية حول انتشار الجريمة في البلدات العربية التي تحتضن مراكز للشرطة تؤكد ما سبق ذكره، وتفضح على نحو قاطع ذلك الادعاء حول دورها الإيجابي في تخليص مجتمعاتنا من أمراض العنف والجريمة، حيث إن العكس هو الصحيح'.

منصور دهامشة

وعن موقف اللجنة الشعبية في كفر كنا، قال رئيسها، منصور دهامشة، لـ'عرب 48'، إن 'موقفنا واضح منذ البداية، ألا وهو أننا نرفض إقامة مركز شرطة بكفر كنا بشكل قاطع وبدون أي تأتأة، باعتبار أن الشرطة تجلب الفساد والضرر لأهالي القرية والمنطقة بشكل عام'.

وأضاف أننا 'أعربنا عن موقفنا للمجلس المحلي، الذي بدوره أبدى هو الآخر معارضته لإقامة مركز شرطة بالقرية، وكلنا أمل بأن يستمر هذا الموقف بنفس الروح والقوة من أجل منع إقامة مركز الشرطة، وفي حال لم يكن ذلك سنقوم باتخاذ خطوات نضالية حاشدة على الصعيد الجماهيري دون أي تردد أو تراجع عن موقفنا، علمًا بأن هناك وعي والتفاف شعبي منقطع النظير بين صفوف المواطنين'.

وأشاد قائلا إن 'استدعاء عدد من الناشطين وأعضاء اللجنة الشعبية للتحقيق ما هو إلا شهادة شرف، ونحن فخورون بأن شبابنا لن يتراجعوا عن موقفهم المناهض لإقامة مركز شرطة مهما جرت ملاحقهم، كما أننا نشد على أياديهم من أجل تقديم الغالي والنفيس لمصلحة كفر كنا'.

وليد حكروش

واعتبر عضو مجلس محلي كفر كنا عن التجمع الوطني الديمقراطي، وليد حكروش، في حديث لـ'عرب 48'، أنه 'لا يمكن أن تكون إدارة المجلس ومهندسها ليسوا على دراية بإقامة مركز الشرطة، فإن كانوا ليسوا على دراية كما يدعون فهذه مصيبة لا سيما وأن الحديث يدور عن أرض تقع داخل نفوذ القرية'.

وأوضح أنه 'إذا كانوا على دراية بهذا المخطط الخبيث ولم يقوموا باتخاذ الإجراءات القانونية والجماهيرية المطلوبة فهذه مصيبة أكبر، ولذلك أعتقد بأنهم على دراية بهذا المخطط'.

وأشار إلى أن 'محاولات المجلس المحلي الاختباء وراء حجج واهية والتملص بادعاء أن وزارة الأمن الداخلي هي صاحبة القرار وبأن ما يدور خارج عن سلطتها، فهذا عذر أقبح من ذنب إن دلّ على شيء فهو يدل على اعترافهم بشكل واضح بأنهم لا يقوموا بمسؤولياتهم تجاه المواطن الكناوي وتجاه أبناء شعبهم'.

وشدد على أن 'هذه الأرض موجودة منذ سنوات تحت سلم أولويات المجلس المحلي بعدة مقترحات، من بينها سوق بلدي أو تتمة للمنشآت الرياضية باعتبار أنها موجودة بين ملعبين بلديين، كما أن الأرض تبعد بضعة أمتار عن المدرسة الثانوية وبالتالي فإن المجلس يخاطر بمستقبل أولادنا'.

وتابع أن 'المجلس المحلي يتماشى مع خطة سياسية عليا لتشويه الهوية وضرب البوصلة، خصوصًا أن كفر كنا معروفة بتاريخها وبصماتها الوطنية، وبالتالي فإن هذا الإصرار غير المسبوق على تنفيذ مثل هذه الخطة لم يأت محض صدفة من قبل ما يسمى بوزارة الأمن الداخلي التي يرأسها شخص فاشي وكذاب، مع التشديد على أنه لا يمكن أن تمر خطة كهذه بدون مساعدة وتواطئ من أبناء جلدتنا، ومن هنا أقول لهم إن كل من ساهم وسيساهم حتى من رأى وصمت في تنفيذ هذا المخطط سيتحمل مسؤولية وتبعات هذا العار والتاريخ لن يرحم أحدا منكم'.

وختم حكروش بالقول إننا 'في الفترة الحالية نقوم بالعمل على كافة الأصعدة من أجل منع إقامة مركز شرطة بكفر كنا، إلى جانب توجهي وعدد من أعضاء المجلس برسالة خطية لرئيس المجلس من أجل عقد جلسة طارئة بهذا الخصوص'.

هشام سعيد

وقال عضو 'شباب كفر كنا لغد أفضل'، هشام سعيد، لـ'عرب 48'، إن 'ثقتنا بالشرطة باتت معدومة كونها تتعامل مع المواطنين العرب كأعداء دون أي اعتبار للديمقراطية التي تدعيها المؤسسة الإسرائيلية، ومن أجل ذلك نعارض إقامة مراكز شرطة في كفر كنا وباقي البلدات العربية'.

وأشار إلى أننا 'قمنا في الأشهر الأخيرة بتأسيس حراك شبابي وتواصلنا مع إدارة وأعضاء المجلس المحلي وشخصيات اعتبارية على صعيد القرية، حيث نجحنا في الحصول على تواقيع غالبية الأعضاء ضمن وثيقة شرف حتى يصوتوا ضد تخصيص أرض لإقامة مركز شرطة في حال عقدت جلسة مجلس بهذا الخصوص'.

وتابع أننا 'اعتقدنا للوهلة الأولى بأن الأمور قد انتهت هنا، إلى أن فوجئنا بالأيام الأخيرة بتخصيص أرض لبناء مركز شرطة، لا سيما وأن الأرض مجاورة بشكل مباشر للمدرسة الثانوية الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول ذلك، كون الشرطة لديها أجندة تسعى من خلالها لتجنيد الشبان والشابات وهذا ما نرفضه بشكل تام ونحذر منه أيضًا'.

وأوضح أننا 'لسنا ضد أن تقوم الشرطة بواجبها، بل على العكس نحن نطالبها بجمع السلاح غير المرخص من أيدي المجرمين لكن ليس من خلال إقامة مراكز لها في بلداتنا'.

وتابع أن 'الشرطة استدعت في الأيام الأخيرة عددا من الناشطين للتحقيق بسبب رفضهم لإقامة مركز شرطة بكفر كنا، وقد كنت أحد الذين تم استدعاؤهم أول من أمس، الأحد، حيث أعربنا خلال التحقيق عن عدم ثقتنا بالشرطة ولذلك لا نريد مركز شرطة بالقرية'.

وأنهى سعيد بالقول إننا 'نخوض حراكا سلميا، ومن هذا المنطلق لا نهاب ما سينتهجه عناصر الشرطة بحقنا، مع الإشارة إلى أن هنالك التفاف شعبي كبير مناهض لإقامة مركز شرطة بكفر كنا'.

عمر خمايسي

وأعرب عضو اللجنة الشعبية، المحامي عمر خمايسي، في حديث لـ'عرب 48'، عن 'استغرابه من العمل على إقامة مركز للشرطة دون علم المجلس المحلي، خصوصًا وأن الأرض المعدة لذلك تقع داخل مسطح كفر كنا'.

وأضاف أننا 'نرفض إقامة مركز شرطة ونقول بشكل واضح إن مشكلة المجتمع العربي ليست بإقامة مراكز شرطة، إنما المشكلة تكمن في تعامل الشرطة مع المواطنين العرب بالقمع والعنجهية والتمييز العنصري، ناهيك عن نظرتها إلينا كأعداء'.

ونوه إلى أننا 'نلاحظ بأن البلدات العربية التي تحتضن مراكز شرطة لم تعالج بها آفة العنف والجريمة بل على العكس، ومن هذا المنطلق نرى بأن مراكز الشرطة ليست إلا وكرا للعمالة والهدف من ورائها المساس بالنسيج الوطني وضرب الهوية الوطنية لفلسطينيي الداخل'.

وختم خمايسي بالقول إن 'كفر كنا بالذات عاشت تجربة مريرة نتيجة تصرفات الشرطة، وبالتالي فإن الشرطة غير مرحب بها في البلدة كونها هي من أعدمت شبانا من كقر كنا بدم بارد وهم خير الدين حمدان وصبري حمدان ومحمد خمايسي ومحمد خطيب ومحسن طه وآخرون، كما أنها هي من قتلت قبل أيام مهدي سعدي من مدينة يافا، ولذلك من الممكن أيضًا أن تعود لقتل أي مواطن آخر من كفر كنا'.

وعقب رئيس مجلس محلي كفر كنا، مجاهد عواودة، لـ'عرب 48'، بالقول إن 'هذا قرار حكومي ووزاري، ونحن بدورنا كمجلس محلي سنتباحث الأمور مساء غد، الأربعاء، في الجلسة التي ستعقد بهذا الخصوص'.

وأشار إلى أننا 'سنتخذ غدا قرارا بالإجماع ولن أسمح بغير ذلك، علمًا أن هناك إجماع في كفر كنا وبين صفوف المعارضة أيضًا من أجل إقامة مركز شرطة، إلا أن الجدال يدور حول مكان إقامته'.

وأوضح أنه 'لم يكن هناك أي تخطيط لإقامة سوق بلدي أو منشآت رياضية على الأرض ذاتها، علمًا أن الحديث يدور عن أرض تعود ملكيتها للدولة'.

وختم عواودة بالقول إن 'مصلحة كفر كنا فوق كل اعتبار وفوق الشرطة أيضًا، لكن مع ذلك علينا أن نعلم بأننا نعيش في دولة لها أنظمة تلزم كل مواطن احترامها'.

 

التعليقات