الاعتداءات على المعلمين: تغييب القيم وتجهيل المجتمع

يرى المختص في علم الإجرام، د. صالح نجيدات، من قرية عيلبون أن تفاقم ظاهرة الاعتداءات على المعلمين والمعلمات في المدارس العربية تعود إلى عدة أسباب، أهمهما تهشيم القيم الاجتماعية، وغياب الردع والعقاب، وسياسة التجهيل التي تتبعها المؤسسة الرسمية.

الاعتداءات على المعلمين: تغييب القيم وتجهيل المجتمع

د. صالح نجيدات

يرى المختص في علم الإجرام، د. صالح نجيدات، من قرية عيلبون أن تفاقم ظاهرة الاعتداءات على المعلمين والمعلمات في المدارس العربية تعود إلى عدة أسباب، أهمهما تهشيم القيم الاجتماعية، وغياب الردع والعقاب، وسياسة التجهيل التي تتبعها المؤسسة الرسمية في التعامل مع المجتمع العربي، الذي يعاني الفقر الاجتماعي، الاقتصادي والتربوي.

وقال د. نجيدات لـ"عرب 48" إن العنف ضد المعلمين يعكس الوضع الخطير الذي آل إليه المجتمع العربي في البلاد.

*الاعتداءات على المعلمين تتكرر في الآونة الأخيرة، كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟

نجيدات: كما هو معروف فإن مجتمعنا موبوء في الجريمة، وهذه الظاهرة كظاهرة العنف بصورة عامة هي ظاهرة مقلقة ويجب أن تشعل أضواء حمراء أمام الجميع.

الجريمة في المجتمع العربي لم تولد من فراغ، فالأبناء يتلقون التربية من شاشات التلفزيون وشبكة الإنترنت ثقافات ومفاهيم غريبة تؤثر سلبا عليهم وعلى سلوكياتهم، إضافة إلى تغييب القيم وفقدان الأخلاق، ونحن كآباء تعثرنا في نقل الموروث الحضاري لأبنائنا.

وللأسف أولادنا لا يلقون الرعاية والاهتمام والتربية الملائمة، نحن نعيش حالة رديئة حتى على المستوى الصحي، خلال تجربة في الحقل على مدار 33 عاما، عايشت آباء غابت عنهم الثقافة الحقيقية لتربية الأبناء وهذا الإهمال يؤدي بكل تأكيد إلى مظاهر العنف والجريمة عند سن الرشد.

*هل ضعُفت إلى هذا الحد مكانة المعلم في مجتمعنا؟

نجيدات: للأسف، هذا واقع نعيشه وهناك خلل كبير في عملية التربية، فمكانة المعلم تتحطم عندما نسمح لأنفسنا بالتهكم على المعلم في مجالسنا، وهذا الحوار يسمعه الأبناء، ومن الطبيعي أن ينعكس سلبا على المسار اليومي في التربية والتعليم، بالإضافة إلى سياسة، نقولها بوضوح، إنها سياسة تجهيل متبعة من قبل المؤسسات المختصة، جهاز التربية والتعليم تكثر فيه العيوب، بعض المعلمين غير مؤهلين جلبوا على أنفسهم وبال عدم الاحترام، عندما يتبعون بأنفسهم هذا الأسلوب مع الطالب، وهو ما يؤثر على الجهاز بأكمله.

أشدد على أن من يقترف جريمة الاعتداء على المعلم هو إنسان فاقد لكافة المثل الأخلاقية، وما يفاقم الظاهرة هو غياب الردع وهو ما يحتاج إلى تغليظ العقوبة، وعلاج الظاهرة من جذورها عبر عملية إعادة بناء المثل والقيم الأخلاقية والتربوية.

*ما تشير إليه يعكس أزمة جهاز تعليم وأيضا أزمة أجيال؟

نجيدات: نعم، للأسف هناك فراغ قيمي وروحي لدى هذا الجيل، إضافة لكون البيئة التعليمية لا تتناسب مع احتياجات الطلاب، بل هناك نقص في هذه القيم لدى بعض الطلاب.

مجتمعنا فقد الكثير من القيم خلال السنوات الماضية، وجهاز التعليم بحاجة إلى تطوير والأهم تحديث أساليب التعليم لتتناسب مع العصر وإحداث التفاعل مع هذا الجيل.

هناك تحديات كبيرة أمام هذا الجيل، ومنها آفات المخدرات والكحول وغيرها التي تؤدي بهذا الجيل لظاهرة العنف، وهذا الطالب يحتاج إلى الاحترام والاستماع.

*تتحدث عن ظاهرة عايشتها حول إهانة الطالب، أين جهاز الرقابة على سلوك المعلم؟

نجيدات: النظام يحدد هذه الأمور عبر مدير المدرسة والمفتش، ولكن كما نعرف الواقع يفرز عدة أشكال مختلفة ومنها ظاهرة المعلمين غير المؤهلين وهذه سياسة تجهيل تتبعها الوزارة في المجتمع العربي، إضافة إلى تقصير الأجهزة الأخرى التي تتابع العملية التربوية، مثل الاستشارة التربوية والخدمات النفسية وغيرها، تضاف إليها التعقيدات الاجتماعية التي نعيشها كمجتمع له خصوصيته العائلية.

التعليقات