والد ضحية جريمة قتل من الطيبة: غادرنا الفرح واحتل الحزن قلوبنا

لا يدري الحاج رايق ياسين "أبو العبد" من مدينة الطيبة، كيف يلملم آلامه ويستجمع قواه بعد أن حرمته رصاصات قاتلة من نجله الشاب أحمد ياسين (34 عاما) وأسفرت عن إصابة شقيقيه بجروح خطيرة ومتوسطة.

والد ضحية جريمة قتل من الطيبة:  غادرنا الفرح واحتل الحزن قلوبنا

الحاج رايق ياسين

لا يدري الحاج رايق ياسين "أبو العبد" من مدينة الطيبة، كيف يلملم آلامه ويستجمع قواه بعد أن حرمته رصاصات قاتلة من نجله الشاب أحمد ياسين (34 عاما) وأسفرت عن إصابة شقيقيه بجروح خطيرة ومتوسطة.

سقط ياسين ضحية جريمة إطلاق نار في أم الفحم، مساء الأربعاء الموافق 23.8.2017، فيما أصيب شقيقاه بجروح بالغة ومتوسطة، أحيلا على أثرها لتلقي العلاج بالمستشفى.

جاء في لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة العامة بحق القاتل أن "الجريمة وقعت يوم 23 آب/ أغسطس الماضي في ساحة منزل المتهم، حيث، بحسب التحقيقات، قام المتهم بإطلاق النار على الأخوة ياسين وقتل أحمد، فيما أصيب الآخران بجراح متفاوتة وصفت الخطيرة والمتوسطة، واعتقل المشتبه به في نفس الليلة، وتم تمديد اعتقاله حتى تقديم لائحة الاتهام".

ترك ضحية جريمة القتل خلفه زوجة ثاكل وثلاثة أطفال، ولدان وبنتا واحدة، يبكونه بحرقة وألم ويدعون له بالرحمة والمغفرة.

يعيد والده شريط ذكريات الألم الأولى التي صعقته لحظة إبلاغه بنبأ مقتل ابنه المفجع، وتوسّله بأن يراه ويودعه للمرة الأخيرة.

نار الفراق

قال الوالد رايق ياسين لـ"عرب 48" إن "ابني أحمد كان عامود البيت بالنسبة لي، كان الشاب المعطاء، المتدين، الخلوق والشجاع الذي لا يترك واجبا، فهو الذي كان يرعى ظروفنا ويهوّن علينا ضيق دنيانا في مآسينا، كان الشاب المرابط في الأقصى وفي المساجد. ماذا أتحدث وماذا أقول، لقد أخذوا مني أعز ما كنت أملك".

المرحوم أحمد ياسين

وأضاف انه "لم أجد مفرا من الذكريات العابسة، البيت شاحب وقاتم والحزن كبير ولا يوصف، وكأن الفرحة هجرته منذ سنوات وهي مستمرة في هجرتنا. كل أهل البيت لا يعيشون بطيب الحال منذ ذلك الوقت، ليس من السهل تضميد الجراح بل إن هذا أصبح مستحيلا. كل التفكير الآن في أولاده وزوجته الذي كان بالنسبة لهم كل الحياة، وكيف سيتأقلمون مع الأوضاع، وماذا سنقول لأولاده الصغار عندما يكبرون؟".

وأكد الوالد الثاكل أنه "دائما كنت أشعر بغضب وحزن في داخلي عندما أسمع عن جريمة قتل، لكن لم أحس بتلك النار التي تكوي قلوب الأهالي على أبنائهم الضحايا إلا عندما فُجعت كما فُجعوا من قبلي واكتوت قلوبهم بنار الفراق".

سكوت

وعن جرائم القتل، قال الحاج ياسين، إن "جرائم القتل ومظاهر العنف ازدادت بشكل كبير ومقلق، كل يوم نسمع عن قتل وإطلاق نار دون أن يحرك أحد ساكنا. الجريمة والعنف إلى ساحات وبيوت الجميع إذا بقينا ساكتين، لم أتوقع في حياتي أن يمسني الإجرام وأن يقتل أحد أبنائي، فأنا أعرق حقيقة أبنائي وربيتهم بشكل سليم وصحيح".

وعن الوضع الصحي لنجله الآخر الذي أصيب في جريمة إطلاق النار، والذي لا يزال يرقد في المستشفى لاستكمال العلاج، قال إن "ابني نور بحالة صحية جيدة الآن وهو يتحسن يوما بعد آخر، إلا أنه لا زال لا يشعر بقدميه، ونأمل أن يشفيه الله ويخرج من المستشفى بأسرع وقت ممكن".

وتطرق الوالد الحزين إلى وقوف الناس إلى في فاجعته، "لا أدري كيف أشكر الناس الذين ساندوني في مصابي الجلل. الخير لا زال موجودا رغم كل الشوائب. لا أعلم من أين تأتي علينا كل هذه المصائب والجرائم، ومن أين يأتي هؤلاء المجرمون في مجتمعنا الذي لمست فيه الخير؟".

رسالة 

وعن استمرار سقوط الضحايا في جرائم القتل قال: "كنت أتمنى أن يكون ابني أحمد آخر الضحايا، لكن للأسف بعد مقتل ابني قتل العديد من الشباب، والأدهى والأمر أن أسباب وظروف جرائم قتلهم لا زالت غامضة، ويثير هذا الأمر الكثير من الشكوك ويبدو أن العنف والجريمة هي نتاج سياسة مبرمجة تحاك لنا في غرف مظلمة".

وقال إنه "لا شيء يعوضني عن رحيل ابني، أحمد له معزة خاصة في قلبي، أطفأ النور في داخلي، صوته لا يزال في ذهني وكأنه يخاطبني الآن، هذه الهواجس تقض مضجعي في كل ليلة".

وختم والد الضحية ياسين بالقول إن "رسالتي أوجهها إلى كل القتلة والمجرمين، ألا تخافون على أولادكم وعائلاتكم وأهاليكم؟ ألا تفكرون أنكم بجريمتكم هذه تقتلون عائلة كاملة وليس شخصا واحدا؟ ألم تفكروا بأن عائلاتكم ستدمر وتهدم أيضا؟ وأن المجرم القاتل سوف يعيش تحت غضب الله في الدنيا والآخرة وأنكم إلى جهنم وبئس المصير؟".

التعليقات