تل السبع: مؤسسات مدمرة وبنى تحتية مهترئة بلا أمل

تقع بلدة تل السبع في قلب منطقة السياج التاريخية التي تم تهجير معظم سكان النقب الباقين بعد النكبة إليها من أراضيهم التاريخية، وتعتبر البلدة الأقرب جغرافيا إلى مدينة بئر السبع، والبلدة المخططة الأولى التي أقيمت في النقب مشروع التجمعات السبعة

تل السبع: مؤسسات مدمرة وبنى تحتية مهترئة بلا أمل

تقع بلدة تل السبع في قلب منطقة السياج التاريخية التي تم تهجير معظم سكان النقب الباقين بعد النكبة إليها من أراضيهم التاريخية، وتعتبر البلدة الأقرب جغرافيا إلى مدينة بئر السبع، والبلدة المخططة الأولى التي أقيمت في النقب مشروع التجمعات السبعة في سنة 1968 وبنية القرية بطريقة الـ"كيبوتس"، حيث قامت الدولة ببناء البيوت وتسويقها لعرب النقب.

وسرعان ما أثبت النموذج فشله لعدم تلبيته الاحتياجات الاجتماعية ونمط الحياة للسكان، عانت القرية من التعامل الأمني معها منذ تأسيسها من قبل الشرطة ومؤسسات الدولة والتمييز في الميزانيات والهبات الحكومية لها، البطالة، الفقر، انعدام فرص العمل مع الانتقال من حياة البادية إلى التمدن الإجباري، الأمر الذي أدى خلال السنوات إلى العديد من النتائج الاجتماعية السلبية.

تراكمت المشاكل في البنى الاجتماعية والتقت بالتمييز الحكومي والمدني والإدارات البلدية غير المهنية بعد حكم البلدة بلجان معينة حتى السنوات القريبة وأدت إلى تشكيل حالة هي أقرب إلى "غيتو" وإجبار السكان على التعايش معها ومحاولة الإصلاح بأيديهم بقدر الإمكان، وتقبل انسداد الأفق في تغيير حقيقي.

ويظهر التمييز الحكومي في الميزانيات بشكل واضح في المقاربة بين بلدة تل السبع وبين جارتها "عومر"، اليهودية المصنفة كالرابعة في سلم الرفاه الاجتماعي وجودة الحياة بين البلدات اليهودية والعربية في البلاد، في حين تحتل بلدة تل السبع المركز الأخير على نفس السلم.

ومن جملة ما تعانيه البلدة من مشاكل، مسألة نظافة المرافق العامة في بلدة تل السبع التي تحولت خلال السنوات الماضية الى مسألة حساسة نظرًا لعدم وجود الخدمات البلدية الأساسية في سياق النظافة العامة أو ترهل العمل البلدي فيه، ادعت البلدية على مر سنوات في أكثر من إدارة واحدة أن الميزانيات المخصصة غير كافية، لكن من المعروف لدى المواطنين أن بلدية تل السبع جندت عددا كبيرًا من عمال الصيانة والنظافة على مر السنوات الذين يتلقون المال منها لقاء خدمات الصيانة والنظافة عن طريق متعاقدين، لكنها لم تقم بتشغيلهم بشكل جدي في أي مرحلة.

وأدت هذه الحالة، بالإضافة إلى وجود نقص حقيقي لمكبات النفايات وعدم وجود مكب نفايات مخصص للبلدة، إلى تراكم كميات ضخمة من النفايات في أجزاء من مرافق البلدة الأساسية والعامة وتحولها لمكبات نفايات صغيرة متفرعة في البلدة مما يجبر السكان على تنظيم حملات تنظيف للمرافق والحارات كل فترة لتخفيف العبء.

الوعود الانتخابية الكثيرة، لم يحدث أي تغير حقيقي على البلدة، ما أوجد انتقادات دائمة من قبل نشطاء ومواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي وفي توجهات إلى البلدية والهيئات الحكومية المختصة، ويعتبر أجزاء من السكان أن الهيئات الحكومية معنية باستمرار هذه الحال.

وتحوي بلدة تل السبع كذلك العديد من المؤسسات العامة، والتي من المفروض أن تقدم خدمات للعامة مثل المركز الجماهيري، القاعة الرياضية، المدارس، وحدة الشباب وغيرها، وتعاني معظمها من عطب في خدمات الصيانة والتجديد وتحتاج الترميم، بعضها بشكل كبير والبعض الآخر بشكل أقل، ولكن قد يجمع الكثيرون أن انعدام الصيانة الموضعية للمشاكل الصغيرة تؤدي لتراكمها وأنه بطبيعة الحال في البلدة يلزم الجهات المسؤولة الكثير من الوقت لمعالجة أي توجه، مما يؤدي لازدياد الأضرار وتفاقمها.

ويضاف إلى ذلك وجود مشاكل خطيرة في البنية التحتية للبلدة، والتي من تشكيل خطر على حياة المواطنين وممتلكاتهم، منها الثغرات في الشوارع التي لم تتم العناية بها لسنوات وعدم جهوزية مرافق البلدة للأمطار التي يشكل تجمعها في الطرق الرئيسية والفرعية عائقًا أمام حرية الحركة لدى المواطنين، وكذلك المشاكل في شبكة المجاري العامة وغيرها. وقد يسأل المواطن كيف تشهد البلدة افتتاح محطة شرطة كلفت ملايين الشواقل ومرافق لا لزوم لها، بالمقارنة بالمشاكل الطارئة للبلدة.

ومثال على هذه المشاريع بوابة الترحيب بالبلدة التي كلفت مئات آلاف الشواقل، ولكن لا يوجد ميزانيات لتطوير خدمات النظافة، المرافق العامة، البنى التحتية والتعليم.

ومن الجدير بالذكر أن قرية تل السبع تعاني اقتحامات من قوات الشرطة بشكل شبه يومي وحملات تفتيش لبيوت المواطنين، وتم توثيق عدد منها على انه عنيق وغير قانوني ولا يحمل التصاريح اللازمة، بحجة البحث عن السلاح أو المخدرات.

وأكد كثير من المواطنين أن حملات التفتيش في كثير من الأحيان حملت طابعًا انتقاميًا بالإضافة إلى نصب الشرطة لحواجز بشكل دوري على المدخل الرئيسي للبلدة وإيقافها لسيارات المواطنين وتفتيشها.

وقال الناشط في البلدة، فايز أبو عطا، لـ"عرب 48"، إنه البلدة "تشكو لسنوات من إهمال المسؤولين في المجلس وعدم الاستماع وتلبية مطالب المواطنين. تل السبع أول قرية بدويه في الجنوب ومن عشرات السنين لم ترى تطوير ولم نشاهد مشاريع ولا حارات جديدة أو أي مشاريع تنموية، بالإضافة إلى الإجحاف الحكومي والملاحقة اليومية التي تمارسها الدولة ضد الأهالي، الحلم بمنطقة صناعية معدوم وبعيد ولا يومجد بنك يخدم 30 ألف نسمة!".

وأكد أن "مستوى التعليم في الحضيض ويستمر في الهبوط والبنية التحتية تشكل خطرًا على الأطفال والأهالي من المجاري وحفر الشوارع وغيرها. أيضًا قد تجد حارات كاملة بلا إنارة ولا توجد النية لإنارتها".

وتابع أبو عصا "نشعر أن لا راعِ للقرية، يجب أن يتغير الوضع للأفضل ويجب أن تخرج البلد من الظلمات إلى النور وذلك بمعاقبة كل الفاسدين المرتشيين، أستغرب أين تذهب أموال القرية وأين تختفي الميزانيات؟ نسعى مع أهل القرية لتغيير الوضع وبناء قريتنا كما تستحق".

وقال علي الصلعان، وهو أب لستة أبناء، في حديث لـ"عرب 48"، إن "هنالك الكثير مما يقال عن الوضع في بلدة تل السبع، نحن نعاني يوميا الحالة الصعبة التي وصلت إليها البلدة ونشعر بالخجل منها كثيرا، عند زيارة أي غريب عن البلد إليها، ترى أكواما من القمامة في كل زاوية، مجاري تفيض مهددة صحة أبنائنا جميعًا ولا تغيير يلمس في أي مرحلة، الشوارع مليئة بالحفر وبعضها يستطيع طفل السقوط فيها، هذا عدا عن هبوط الشارع لعدم جهوزيته في كل مرة تهطل فيها الأمطار، حتى نتائج البجروت والوضع التعليمي يسوء مع الوقت ولا مبادرة لأحد لتحسين هذا الوضع، هذا ليس وضعًا مناسبًا لحياة البشر والمسؤولون يعيشون في عالم مختلف".

التعليقات