صالح سعدة... رحلة التهجير وحلم العودة لميعار

صالح سعدة (أبو مصطفى)، ولد عام 1939 في قرية ميعار التي هجر منها ويسكن اليوم في شفاعمرو، ولا زال، كما جميع اللاجئين والمهجرين، يحمل راية العودة ويعتبره حقًا لا يسقط بالتقادم، ولا زال حتى اليوم يعرف نفسه بأنه من قرية

صالح سعدة... رحلة التهجير وحلم العودة لميعار

ميعار قبل النكبة

تفصل بين مدينة شفاعمرو وقرية ميعار المهجرة بضعة كيلومترات، يمر بينهما طريق طويل بطول ومرارة الذكريات وأسى التهجير، سبعون عامًا مرت منذ التهجير، سبعون عامًا حفرت في وجدان المهجرين حسرة عميقة ولا زال الحنين متأججًا لتحقيق حلم العودة إلى بلداتهم التي اقتلعوا منها قسرًا.

صالح سعدة (أبو مصطفى)، ولد عام 1939 في قرية ميعار التي هجر منها ويسكن اليوم في شفاعمرو، ولا زال، كما جميع اللاجئين والمهجرين، يحمل راية العودة ويعتبره حقًا لا يسقط بالتقادم، ولا زال حتى اليوم يعرف نفسه بأنه من قرية ميعار.

وقال أبو مصطفى لـ"عرب 48"، إنه "كلما سألني أحد من أين أنا، أجيبه أنني أنام في منزل بشفاعمرو ولكنني من ميعار". وعن ذكرياته عن النكبة والتهجير من القرية قال "كنت في التاسعة من عمري، لكن المشهد والشعور محفور في ذاكرتي، ولا زال الجرح مفتوحًا".

وروى أبو مصطفى لـ"عرب 48"، أنه "سمعنا في ميعار عن سقوط بلدات ومدن فلسطينية بيد العصابات الصهيونية، كما سمعنا عن مجزرة دير ياسين التي دبت الرعب والهلع في نفوس العرب، ومنها البروة والدامون، التي وصل بعض المهجرين منها إلينا في ميعار، وأذكر أننا أخلينا بيتنا الواسع لاستيعابهم".

وواصل "قبل وصول العصابات الصهيونية للبلد عقد المختار ووجهاء البلد اجتماع وتم الاتفاق على عدم التسليم، إلا أن غياب المقاومة واقتصارها على مناوشات هنا وهناك، وبسبب الخوف والرعب واقتراب العصابات الصهيونية من القرية ومهاجمتها اضطر الغالبية من السكان للخروج منها، باستثناء بعض المسنات الذين لم يتمكن من الخروج، ومنهن مريم الشولي البالغة من العمر 90عاما، والتي وجدنا فقط عظامها عندما عدنا".

وتابع سعدة "في محاولة من الثوار لاقتحام واستعادة البلدة وبالتحديد في تاريخ 18-6-1948، حاول قائد حامية شعب، ابراهيم الشيخ خليل (أبو اسعاف) مع قرابة 40 مسلح التقدم نحو البلد من الجهة الغربية، وكذلك التحق بعض الثوار من سخنين وحاولوا دخول القرية من الجهة الشرقية واسترجاعها، وبعد اندلاع المعركة غير المتكافئة والاشتباك مع الصهاينة الذين استحكموا داخل ميعار، سقط أربعة شهداء من سخنين، منهم: إبراهيم عثمان أبو يونس ويوسف رشيد أبو صالح وعبد العزيز بشير".

واستذكر سعدة "في هذه المرحلة كنا لا نزال نقيم على مشارف ميعار، على أمل العودة للبلد، وبسبب وجود آبار ونبع المياه بقينا هناك قرابة أسبوع، عقدت حينها مفاوضات بين اليهود وبين وجاهات البلد، منهم المختار مرعي حسن الطه وعبد الله حسين وعلي سعدة وفياض سليمان هيبي وعبد إبراهيم الحاج، وفي هذا اللقاء، طلب ضابط من الهاغانا من الوجهاء أن يأتوا بـ40 مسلحا من أهالي البلدة مقابل السماح للأهالي بالعودة، إلا أن المختار قال لهم إنهم غير موجودون أصلا ولا يمكننا تلبية هذا الطلب، وبعد أن منعوا الأهالي من العودة، توجه البعض شمالًا إلى حرفيش والبقيعة وغيرها، في حين هجر نحو 30% منهن إلى الشتات".

وقال أبو مصطفى إن "من تبقى من الأهالي توزع على مختلف القرى العربية بالداخل، مثل سخنين وشعب وعرابة وكابول وطمرة وشفاعمرو، أما عائلتي؟، فتوجهنا في البداية إلى سخنين وأقمنا قرب مغارة العشرة لمدة أسبوع، وبسبب انعدام المياه انتقلنا للإقامة لدى أبناء عمومتنا في عرابة، أقمنا هناك مدة شهر ولشح المياه انتقلنا بعدها إلى نبع وادي سلامة ومكثنا هناك في خيمة قرابة 3 أشهر".

وروى سعدة عن تلك الأيام "أذكر بكاء ونحيب أمي عندما سمعنا عن سقوط عدد من الشهداء وأن الجليل قد سقط بكامله، وكانت تردد متى يعود الزمن وتعود الأيام ويلم شملي وشمل أهلي وجيراني ويدق كاس الفرح وسط حارتنا وأقول ياعين بعد السهر نامي".

وأردف سعدة "من وادي سلامة تابعنا إلى قرية ساجور، مكثنا يومين في بيت سعد وبعدها عدنا أدراجنا إلى سخنين ومكثنا هناك 12 سنة، تعلمت في مدارسها وربيت هناك، وفي العام 1961 انتقلنا إلى شفاعمرو التي نقيم فيها حتى اليوم".

واختتم سعدة روايته بالقول إن "حلمي بأن أعود إلى بلدي مسقط رأسي كأصحاب حق شرعي وأصحاب أعدل قضية، ولا عودة عن هذا الحق لأنه حق أقرته كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والإنسانية، وحتى اليوم، لم ولن أتنازل عن ذرة من هذا التراب المقدس رغم ما مر من مرارة وضيق العيش".

التعليقات