مرة أخرى: عنصرية ضد العرب بالعفولة

الغريب هو بقاء العفولة دون غيرها من المدن اليهودية الشبيهة، مثل نتسيرت عيليت وكرميئيل، "محصنة" حتى الآن من مثل هذه "الاختراقات" التي لابد وأن تتعاظم كلما توسعت المدينة وازدادت قدرتها على جذب سكان المنطقة المحيطة وبضمنهم العرب

مرة أخرى: عنصرية ضد العرب بالعفولة

للمرة الثانية خلال فترة وجيزة يتظاهر سكان العفولة، الواقعة في مرج بن عامر، ضد سكن العرب في المدينة، حيث خرج، أمس الأربعاء، العشرات بقيادة رئيس البلدية السابق، آفي إلكباتس، والقائم بأعمال رئيس البلدية الحالي، شلومو مليحي، في تظاهرة ضد بيع شقة سكنية لمواطن عربي في أحد أحياء المدينة.

المتظاهرون رفعوا شعارات عنصرية منددة ببيع شقق سكنية للعرب ورافضة لإسكانهم في المدينة، بينما حاول الرئيس السابق والقائم بالأعمال، المرشحان لرئاسة البلدية للفترة القادمة، استثمار ومفاقمة حالة العداء للعرب لمراكمة الإنجازات الانتخابية.

وكانت العفولة قد شهدت موجة من التظاهرات العنصرية عام 2016، إثر فوز عشرات العائلات العربية بمناقصة لشراء قسائم بناء في المدينة. وكان من بين المتظاهرين مسؤولين كبار من بلديتي العفولة ونتسيرت عيليت، وكذلك دافيد سويسا، كبير مستشاري وزير الإسكان، يوآف غالانت، الذي يقيم في العفولة، ورئيس منظمة “ليهافا” اليمينية المتطرف، بنتسي غوبشتين، وأعرب المحتجون عن تخوفهم من تشكل حي عربي سيفضي إلى إقامة مسجد ومدرسة عربية في العفولة، على حد اعتبارهم.

ولا غرابة في أن تحظى العفولة، التي تشهد تطورا عمرانيا كبيرا تمثل في الأعوام الأخيرة ببناء الاف الشقق السكنية، بإقبال عليها من قبل سكان القرى العربية المجاورة، التي تعاني من سياسة الخنق والحصار وتقيلص مسطحات البناء والنفوذ واقتطاع الكثير من أراضيها لصالح المدن اليهودية ومنها العفولة.

بل أن الغريب هو بقاء العفولة دون غيرها من المدن اليهودية الشبيهة، مثل نتسيرت عيليت وكرميئيل، "محصنة" حتى الآن من مثل هذه "الاختراقات" التي لابد وأن تتعاظم كلما توسعت المدينة وازدادت قدرتها على جذب سكان المنطقة المحيطة وبضمنهم العرب، وكلما ازدادت ضائقة القرى العربية المجاورة وحاجة سكانها إلى أماكن سكن.

هكذا حدث في "عكا الجديدة" وفي حيفا و"نتسيرت عليت" و"كريمئيل"، عندما لم يكن أمام العرب من خيار سوى ذلك، فهي مدن إما عربية بالأصل أو أنها أقيمت على أراضي القرى والمدن العربية المجاورة بهدف محاصرة امتدادها الجغرافي والسيطرة على أرضها، وهي بهذا المعنى جزء من سياسة إحكام الخناق على المحيط العربي الذي لم يجد أمامه سوى اختراق حلقاتها.

لا يمكن سحب الأرض من تحت اقدام الانسان العربي ومنعه من شراء الشقق التي تقام عليها في المدن اليهودية. ومهما حاولوا ومهما نظموا تظاهرات عنصرية فلن يملأ مئات العمارات المقامة في العفولة سوى العرب. أولا لأن المقاولين الذين استثمروا فيها لا يريدون أن تبقى فارغة؛ وثانيا، لأنه لا يوجد من يملأها غيرهم، لأن الآخرين يريدون أن يسكنوا في مركز البلاد وليس في أطرافها، وهم يتحينون فرصة تحسن ظروفهم لتحقيق هذا الحلم.

أما نحن العرب، فاحلامنا مختلفة ومعادلاتنا مختلفة. ولذلك تجدنا نفضل العفولة العنصرية و"نتسيرت عليت" الهامشية على "تعايش" شمال تل أبيب ومركزية هرتسليا، لأننا نريد أن نبقى في قرانا ومدننا أو في محيطها على أبعد تقدير، حيث مركز حياتنا هنا في الجليل وفي مرج بن عامر ولن نقايض الانتماء بمستوى حياة وخدمات، هكذا هي ثقافتنا، نحن ننتمي للمكان..

التعليقات