شهادتان موجعتان من ترشيحا: هُجرنا ثم عدنا

سبعون عامًا مرّت على احتلال وسقوط بلدة ترشيحا في الجليل الأعلى، التي كانت آخر معقل مقاوم في فلسطين التاريخية في العام 1948.

شهادتان موجعتان من ترشيحا: هُجرنا ثم عدنا

ترشيحا قبل النكبة

سبعون عامًا مرّت على احتلال وسقوط بلدة ترشيحا في الجليل الأعلى، التي كانت آخر معقل مقاوم في فلسطين التاريخية في العام 1948.

حينها، قاوم سكّان ترشيحا العصابات الصهيونية ببسالة، لكنّ المحتل ارتكب أبشع المجازر والغارات الجوية بحق أهلها، ما دفعهم إلى مغادرتها إلى بلدات مجاورة، منها بلدات في الجنوب اللبنانيّ.

ويحيي أهالي ترشيحا في كل عام ذكرى سقوط بلدتهم، من خلال تنظيم فعاليات ونشاطات عديدة، تكريمًا لذكرى الشهداء وتأكيدًا على الحق بعودة اللاجئين.

وفي هذا الصدد، حاور "عرب 48" اثنين من سكان ترشيحا عايشا عام النكبة وتحدثا عن ذكرى احتلال ترشيحا.

سعاد بشارة (عرب 48)
سعاد بشارة (عرب 48)

واستهلت سعاد بشارة، وهي من مواليد عام 1931، حديثها بالقول إنه "في الأيام الأخيرة وقبل وقوع القصف الذي استهدف قرية ترشيحا، وبينما كنا نقوم بتعبئة السجائر، حضر إلينا أحد الجيران وقال لنا إن السكان قد هاجروا القرية وانتقلوا للعيش في البلدات المجاورة".

وأضافت أنها وأشقاءها "انتقلنا للجوء في قرية كفر سميع لدى أصدقاء لنا، حيث مكثنا هناك نحو 20 يومًا، إلى أن عدنا أدراجنا بعد انتهاء عمليات القصف وتدخل وسطاء من أجل عودتنا".

واستذكرت بالقول إن "عمليات القصف آنذاك استهدفت الحي الشرقي عدة مرات، ما أسفر عن استشهاد وإصابة الكثيرين، الأمر الذي دفع بالسكان للرحيل والهجرة".

وتابعت أن "أكثر مشهد لا زال يؤلمني ويراودني هو عند عودتي إلى ترشيحا من كفر سميع، حينما رأيت المنازل مفتوحة والبلدة فارغة دون أي حركة، لقد كانت أيامًا صعبة بكل معنى الكلمة".

وأكّدت أن "ترشيحا كانت عامرة بسكانها دون أي تفرقة بين المسلمين والمسيحيين، حيث كنا نعيش بتآخٍ، وكانت حياتنا جميلة جدًا مع بعضنا البعض، سيما وأنني حتى الآن لا أنسى جيراني في تلك الفترة".

وأعربت في ختام حديثها عن "أمنيتها في أن يعود اللاجئون إلى بلداتهم ووطنهم مع نيل كافة حقوقهم المشروعة".

محمود أبو حسّان (عرب 48)
محمود أبو حسّان (عرب 48)

وتحدث محمود محمد أبو حسان وهو من مواليد عام 1936، قائلا إنني "كنت في الثانية عشرة من عمري حينما جرى احتلال ترشيحا، في ذلك الحين أقدمت طائرات على قصف عدة مواقع في القرية، ما أسفر عن استشهاد العديد من المواطنين".

وأكمل "إثر ذلك، رحل السكان من القرية خوفا من عمليات القصف التي كانت تقوم به الطائرات في ساعات المساء، وفي ذلك الحين لجأنا إلى قرية الزوية ومكثنا هناك أسبوعًا بدون طعام وماء، بعدها انتقلنا إلى بلدتي رميش وبنت جبيل في لبنان من ثم إلى سورية، وتحديدًا في مدينة حماة حيث استأجرنا منزلا استقررنا فيه مدة 29 يومًا قبل أن نعود أدراجنا إلى ترشيحا".

وأشار إلى أن "ترشيحا كانت في حالة يرثى لها مع عودتنا إليها، بحيث خلفت عمليات القصف آنذاك دمارا شاملا".

وتابع أنه "بعد عودتنا إلى ترشيحا، وفي العام 1950، وتحديدًا في شهر تموز/يوليو حضر إلينا شقيقي، وحينذاك جرى احتجازه لمدة شهرين في عكا قبل أن يقوموا بترحيله، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لا نعرف عنه شيئا سوى أن السلة التي أعطته إياها جدتي قد وصلت إلى عمان".

وختم أبو حسان بالقول إن "تلك الأيام كانت بمثابة كارثة ومصيبة على ترشيحا، وأنا عن نفسي كنت أفضل أن نضحي بأنفسنا بأعداد أكثر وألا نترك بلدتنا مثلما حدث".

التعليقات