إسرائيل والعاصفة ضد أهالي النقب

تحضر المعاناة في أذهان أهالي القرى العربية مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، مع بدء فصل الشتاء والأحوال الجوية العاصفة.

إسرائيل والعاصفة ضد أهالي النقب

تجمع مياه قرب مساكن عربية بالنقب

تحضر المعاناة في أذهان أهالي القرى العربية مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، مع بدء فصل الشتاء والأحوال الجوية العاصفة.

وتتكرر معاناة أهالي قرى النقب مسلوبة الاعتراف في كل عام، بسبب انعدام البنى التحتية المناسبة ونقص خدمات المساعدة والإنقاذ، إلى جانب عدم قيام السلطات الإسرائيلية بإعداد قنوات ومسارات لمياه الأمطار، لمنع السيول والفيضانات عن منازل العرب، ضمن سياستها لدفعهم إلى اليأس والإحباط والرحيل من المكان.

المياه تغرق الشارع وتمنع الأهاي من التوجه لأعمالهم

انعدام البنى التحتية

وتفتقر منازل المواطنين في القرى العربية مسلوبة الاعتراف للتدفئة، ويعتمد الآلاف على الأخشاب والحطب الطبيعي كثيف الدخان كمصدر أول للتدفئة، في ظل ضعف الكهرباء المستمدة من الطاقة الشمسية، والتي تنعدم بسبب العواصف وتلبد الغيوم في السماء.

وتزداد الأوضاع سوءًا وتشتد شراستها مع تصعيد الحكومة الإسرائيلية لممارساتها التي تهمل هذه القرى، لكن لا تحول الظروف الطبيعية القاسية بينها وبين تنفيذ جرائم هدم البيوت العربية.

واعتاد أهالي النقب على المخاطر التي تجلبها الأجواء العاصفة، حيث تتطاير ألواح الصفيح عن المساكن، ويتم تدعيم الخيام بقدر الإمكان للصمود، ولكن هذه الأساليب لا تجدي بشكل دائم نظرًا لقوة العواصف وحجم السيول في النقب. كما يؤسس أهالي النقب عدة مبادرات موسمية لدعم وإعانة القرى عند اقتراب الشتاء وإعادة بناء البيوت التي تهدمها العواصف والإمداد بمواد البناء ووسائل التدفئة.

وتهدد العواصف والسيول حياة أهالي وأطفال القرى مسلوبة الاعتراف بشكل مباشر، ومن النتائج الكارثية في هذه الظروف القاسية مصرع الطفل حماد خالد الكريشات (4 أعوام) من قرية وادي الحيطان مسلوبة الاعتراف في تاريخ 25.10.2018 والذي سحبته مياه السيول في أحد الأودية القريبة من بيوت العائلة. ويجدر بالذكر تصريح مدير "سلطة تطوير النقب"، يائير معيان، بتوجيه تعليمات للأهالي في حال الفيضانات للاعتناء بأطفالهم وإبعادهم عن مناطق الخطر في حال السيول والأمطار بعد مقتل الطفل حماد الكريشات، الأمر الذي أثار استنكارًا واسعًا على وسائل التواصل وفي الشارع النقباوي بدعوى أن "معيان يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، وذلك لأن "سلطة تطوير النقب" بإدارته تلعب الدور الأساسي في عدم تنظيم حياة العرب بالنقب.

مبادرات ذاتية وتكافل اجتماعي

محمد الدهابشة

وقال المربي محمد الدهابشة من قرية الفرعة، مسلوبة الاعتراف، لـ"عرب 48" إن "قرى منطقة كسيفة والبحر الميت تعاني من الفيضانات بحكم تضاريس المنطقة التي يعيش فيها الأهالي. وتلتقي طبيعة الحياة الصعبة مع التضييقات التي تفرضها إسرائيل على البناء العربي ومواد البناء المستخدمة، مما يقلل من قدرة البيوت على الصمود في وجه الظروف الطبيعية وأهمها العواصف. ودرجة حرارة المساكن المصنوعة من الصفيح حارة جدا في الصيف، كما أنها تعاني من برد الشتاء وتغرقها مياه الأمطار وينقطع عنها التيار الكهربائي ووسائل التدفئ، ولا يوجد أي توجه من السلطات لتحسين ظروف الحياة أو الحد من الخطر على حياة المواطنين والأطفال ".

وأضاف الدهابشة أنه "لا يوجد منقذ لأهالي النقب سوى المبادرات الذاتية والتكافل الاجتماعي بين الأهالي. خسرنا أرواحًا بسبب الإهمال الحكومي الممنهج ضد العرب بالنقب".

وفي السياق، برز في الأيام الأخيرة دور لـ"كيرن كييمت ليسرائيل" في تعميق معاناة أهالي النقب، حيث تعمل بشكل يومي في حيز القرى مسلوبة الاعتراف وتنفذ مخططات تشجيرية وحكومية بهدف سلب الأرض والتأثير على حياة العرب بالنقب، وكان من نتائج ما خلفته الجرافات والآليات، مطلع الأسبوع الجاري، إغلاق الشارع المؤدي لبيوت عائلة الوقيلي التي تقطن شرق بلدة تل السبع، جراء تجمع مياه الأمطار في سد أقامته "كيرن كييمت ليسرائيل"، ومنع نحو 150 طالبا من الوصول لمدارسهم يوم الأحد صباحًا.

ولم يستجب ممثلو السلطات لمطالب الوقيلي بفتح الشارع إلا بعد تنظيم وقفة احتجاجية شرق تل السبع بالقرب من السد وإعلان الإضراب.

انقطاع عن العالم

وعقب عاطف الوقيلي لـ"عرب 48" إن "ما يسمى 'كيرن كييمت ليسرائيل' أغلقت الشارع الوحيد الموصل بين مكان سكننا وبلدة تل السبع التي يتلقى فيها أبناؤنا تعليمهم والشارع الوحيد المؤدي إلى الشارع الرئيسي للانطلاق إلى ممارسة أعمالنا".

وأضاف أنه "فوجئنا صباح يوم الأحد الماضي عند خروجنا لعملنا بوجود سد لتجميع المياه قد أقيم في منتصف الشارع الذي أقامه أبناء العائلة ورمموه بالإسمنت تحسبا من تدفق مياه الأمطار والفيضانات ولمنع انقطاعنا عن العالم في حال العواصف. وللأسف تجمعت المياه في السد وتوقفت حياتنا الاعتيادية لمدة 40 ساعة متواصلة".

وأكد الوقيلي أن "ما قامت به "كيرن كييمت ليسرائيل" أدى إلى تدمير شارعنا وتهديد حياتنا، ولم تترك لنا منفذًا في حالة وجود إصابة أو حالة مرضية طارئة. وحاولنا التواصل مع السلطات لساعات طويلة دون رد يذكر، ولم يستجيبوا إلا بعد تظاهرنا وإضرابنا بجانب السد".

وختم الوقيلي بالقول إنه "ما زلنا نصر على أن موظفي "كيرن كييمت ليسرائيل" يتحملون المسؤولية عن إعادة إنشاء الشارع الذي بنيناه بأيدينا ودمروه".

خطر حقيقي

سليمان الزبارقة

وقال سليمان الزبارقة من ضواحي قرية اللقية لـ"عرب 48" إن "عائلتنا تعيش في جزء غير معترف به من قرية اللقية على أرضنا ويقوم ممثلو "كيرن كييمت ليسرائيل" والوحدات الخضراء بمحاولة اقتحام الأراضي العربية بشكل مستمر.  وبالفعل قاموا، مؤخرا، بالعمل في أرض مجاورة لنا وحراثة الأراضي وبناء قنوات وسدود للمياه، الأمر الذي يؤثر على مجهودنا الذاتي في تحييد مسارات المياه ودرء خطرها عنا وعن أبنائنا".

وأكد أنه "نلمس التأثير المباشر لعمل "كيرن كييمت ليسرائيل" على محاصيلنا الزراعية، حيث أنهم يضعون كل جهودهم في تغيير مسارات المياه مما يؤدي إلى تدفق المياه إلى محيط المزروعات والأشجار وإغراقها أو منع المياه عنها وتحويل مجراها إلى بيوتنا، وهنا يكمن الخطر الحقيقي في حال حدوث السيول وإغراق مساكننا بمياه الأمطار".

التعليقات