القتيلة إيمان عوض من عكا: من الوريد إلى الوريد

أضواء المنازل مطفأة، المنزل الوحيد المضاء هو منزل السيدة قمر أحمد، والدة القتيلة إيمان عوض، ومن هنا تبدأ الحكاية، من زقاق صغير في البلدة القديمة في عكّا. إنّها حكاية إيمان التي قُتلت على يد زوجها ذبحًا بالسكين.

القتيلة إيمان عوض من عكا: من الوريد إلى الوريد

القتيلة إيمان عوض وجدتها

أضواء المنازل مطفأة، المنزل الوحيد المضاء هو منزل السيدة قمر أحمد، والدة القتيلة إيمان عوض، ومن هنا تبدأ الحكاية، من زقاق صغير في البلدة القديمة في عكّا. إنّها حكاية إيمان التي قُتلت على يد زوجها ذبحًا بالسكين.

البحر ليس بعيدًا من هنا، إنّه على بعد 20 مترًا، ولكن تستطيع أن تشعر بطعم الملح على شفتيك. رائحة الدماء لا زالت عالقة على جدران الحارة؛ يمكنك أن تشمها جيدًا، ويمكنك أيضًا، ان تسمع صرخة قمر التي هزت البلدة القديمة كلها قبل نحو أسبوعين... "إيمان ماتت... إيمان ماتت".

العتمة تأكل الحارة، وكذلك تأكل القلوب. كان بعض الرجال يقفون عند باب منزل العائلة، يدخنون بصمت. ببساطة، لم يعد هناك ما يُقال.

كان منزل العائلة بسيطًا، حتّى الأحلام كانت بسيطة هنا. الجميع يغرقون بالصمت باستثناء قمر، هي الصوت الوحيد المسموع في هذا المكان، تتحدث وتتحدث وتتحدث، عن إيمان، عن اللحظة الأخيرة التي رأتها فيها، عن الدماء المتجمدة على الأرض. كانت قمر الوحيدة التي تتحدث، بينما ينحني الصمت على الجميع.

كانت كلماتها واضحة، تمامًا كما حدث، ذُبحت إيمان من المقتل إلى المقتل، ثمّ حاول زوجها الذي كان يعمل جزارًا، استدراج الأم إلى مكان الجريمة.

لم يخطر ببال الأم في البداية أنّ ابنتها قتلت، كانت تظنها ميتة طبيعيّة. دخلت قمر إلى المنزل، الجريمة وقعت منذ ساعتين. الدماء متجمدة، كان المنزل محطمًا وآثار الدماء أمامها، حتّى رأت إيمان بجانب السرير. كانت غارقة في الدماء، ، بينما كان الزوج الجزّار، نائمًا على الجثة الملقاة على الأرض.

 "وجهها دم، عيونها دم، رموشها دم، كلها دم... دم... دم". بهذه الكلمات وصفت قمر المشهد الأخير لابنتها، "كانت طيبة، بتحب الناس والناس بيحبوها".

لا تزال الصدمة بادية على الوجوه. ذبحت إيمان على يد زوجها الجزّار. ذُبحت إيمان من الوريد إلى الوريد. والعائلة... لم تسلم من أفراد الشرطة، إذ اعتدوا بالضرب على قمر.

كان هذا هو المشهد ببساطة، عائلة ثكلى مصدومة بمنظر ابنتهم المذبوحة على الأرض، والشرطة تعتدي عليهم! دولة قيّدت أكثر من نصف قضايا القتل عند العرب ضد مجهول، تضرب قمر وأولادها أمام جثة ابنتها.

الحارة هادئة، صوت الموج مسموع من هنا، الأسوار عاليةٌ، وربما أعلى من الحياة بقليل، الخوف يجلس في الزاوية أيضًا، لا أحد يراه أو ينتبه إليه، يضع رأسه بين ركبتيه ويردّد مع نفسه "أنا لستُ خائفًا... أنا لستُ خائفًا".

كلّما فتح أحدهم الباب تسلّلت نسمة هواء طريّة إلى الداخل، ولكن الصمت، كان أقوى من الجميع.

لم تكن إيمان الأولى، ولن تكون الأخيرة. الحكاية واضحة. إيمان قُتلت، ولا زالت الدماء تسيل في الشوارع والبيوت، لقد تحوّلت إلى خبر يوميّ... وفي النهاية، كان هذا صوت قمر.

التعليقات