الفشل الكلوي... 23% من المرضى في البلاد عرب

تشير آخر الإحصائيات إلى ارتفاع عدد مرضى الفشل الكلوي العرب، الذين يحتاجون لإجراء عملية غسل الكلى "دياليزا" بين 3 - 4 مرات أسبوعيا. ويشكل المرضى العرب ما نسبته 23% من مجمل مرضى الفشل الكلوي في البلاد.

الفشل الكلوي... 23% من المرضى في البلاد عرب

قسم الدياليزا بالمستشفى الفرنسي بالناصرة (تصوير "عرب 48")

تشير آخر الإحصائيات إلى ارتفاع عدد مرضى الفشل الكلوي العرب، الذين يحتاجون لإجراء عملية غسل الكلى "دياليزا" بين 3 - 4 مرات أسبوعيا. ويشكل المرضى العرب ما نسبته 23% من مجمل مرضى الفشل الكلوي في البلاد، بينما تبلغ نسبة العرب 19% من السكان.

ويستدل من المعطيات أن عدد مرضى الفشل الكلوي في البلاد 650.6 مريضا، بينهم 1.535 عربيا.

قسم الدياليزا بالناصرة (تصوير "عرب 48")

وقال مدير معهد "نيفروكير" الكائن في إحدى بنايات المستشفى الفرنسي بالناصرة، الممرض يوسف جبارين، لموقع "عرب 48" إنه "في الماضي كانت تجرى عملية الدياليزا للمريض عندما تصبح الكلى تعمل بنسبة 15%، أما اليوم فتبدأ عملية غسل الكلى عندما تعمل الكلى بنسبة 20%، وذلك تفاديا للمضاعفات المترتبة على الفشل الكلوي في المستقبل".

وشدد جبارين على ضرورة رفع مستوى الوعي لدى الجمهور العربي، بسبب تزايد عدد المرضى العرب الذين يحتاجون إلى غسل الكلى "دياليزا" بين 3 - 4 مرات كل أسبوع. 

وكان لموقع "عرب 48" اللقاء التالي مع مدير معهد "نيفروكير" لغسل الكلى في الناصرة.

مدير المعهد، الممرض يوسف جبارين (تصوير "عرب 48")

"عرب 48": ما هو الفشل الكلوي؟

جبارين: الفشل الكلوي، هو مرض يصيب الكلى ويتسبب بعدم قدرة الجسم من التخلص من السوائل في داخله، وحين تعجز الكلى عن القيام بوظائفها بنسبة معينة يحتاج المريض لعملية غسل الكلى، المعروفة بمصطلح (دياليزا). الله أنعم على الإنسان بمنحه كليتين من جانبي أسفل الظهر، ومن سوء حظ الإنسان أنه لا يشعر بحدوث الفشل الكلوي إلا في مرحلة متأخرة من التلف الذي يصيب خلايا الكليتين، وأحيانا لا يشعر مريض الفشل الكلوي بأي عارض صحي حيث اكتشاف الخلل من خلال فحوص وتحليل دم اعتيادية يجريها المريض.

"عرب 48": هل هناك علاج لمرض الفشل الكلوي؟

جبارين: علاج الفشل الكلوي يكون فقط من خلال عملية غسيل الكلى (دياليزا) التي تعتمد على تنظيف الدم من المواد الزائدة التي تؤثر على الجسم كالأملاح والمياه التي تتراكم في الجسم، وقد تدخل إلى الرئتين وتسبب اختناق المريض وبالتالي قد تؤدي إلى الوفاة، أو من خلال زراعة كلية وهي عملية ليست يسيرة في بلادنا التي تحظر ظاهرة التجارة بالأعضاء، لذلك فإن كل مريض معني بزراعة كلية للتخلص من الدياليزا يخضع لسلسلة فحوصات، ثم ترسل هذه الفحوصات إلى واحد من المراكز الطبية "بيلنسون" أو "رمبام" وهناك يتم الاطلاع على هذه الفحوصات من أجل إدراج المريض على قائمة انتظار عملية الزرع إذا حصل على مصادقة المركز الطبي.

3 - 4 مرات يحتاج المريض لغسل الكلى أسبوعيا

"عرب 48": كم من الوقت ينتظر المريض كلية من متبرع ملائم؟

جبارين: ليس هنالك جدول زمني على قائمة الانتظار، فذلك قد يحدث في كل لحظة يتم فيها إيجاد كلية مناسبة، وكثيرا ما تلقينا اتصالات في ساعات الفجر ومنتصف الليل، يطلبون منا إرسال المريض إلى واحد من المراكز الطبية، بشكل فوري، حال توفر كلية مناسبة من متبرع. وفي الفترة الزمنية بين تشرين الأول/ أكتوبر 2017، لغاية نيسان/ أبريل 2018 أي في غضون ستة أشهر، أرسلنا 7 مرضى لإجراء عمليات زرع كلى.

"عرب 48": ما هي نسب نجاح عمليات زرع الكلى؟

جبارين: لا أحد يستطيع أن يضمن نجاح عمليات زرع الكلى بنسب عالية جدا، حتى وإن كان المريض شابا، فتبقى المخاطر موجودة، وخصوصا في ظل وجود أمراض مرافقة كالسكري وضغط الدم المرتفع. أما أولئك الذين لا يعانون من أمراض سوى الفشل الكلوي، فبطبيعة الحال تكون نسب النجاح عالية جدا. وبالمناسبة فإن عمليات الزرع السبع التي أجريت لمرضانا مؤخرا، جميعها تكللت بالنجاح. ونسبة النجاح تقاس في عودة المريض لإجراء دياليزا أم التخلي عنها كليا والعودة لممارسة حياة طبيعية.

"عرب 48": هل يحدث الخلل وتلف الخلايا عادة في الكليتين معا؟ نحن نعلم أن الإنسان يستطيع أن يعيش حياة طبيعية بكلية واحدة؟

جبارين: في الكليتين هناك نحو مليوني خلية، هذه الخلايا تتلف تدريجيا، وقد يحدث هذا التلف في الكليتين معا، أو في كلية واحدة ثم ينتقل إلى الكلية الأخرى، وعندما تتراجع الكلية الثانية عن أدائها بنسبة 50% مع فشل الكلية الأولى يدق ناقوس الخطر! والفشل الكلوي يصنف في 4 درجات، وبعد الدرجة الرابعة تبدأ عملية الدياليزا.

"عرب 48": ما هي العوامل التي تؤدي إلى تلف خلايا الكلى؟

جبارين: أهم العوامل هي ضغط الدم المرتفع وغير المتوازن، ومرض السكري غير المتوازن، لذلك نجد أن نسبة مرض الفشل الكلوي لدى العرب أعلى منها لدى اليهود، لأنهم يأكلون كل ما تشتهيه أنفسهم دون أي رادع، وهنالك أيضا الأسباب الوراثية المولودة مع الشخص، بالإضافة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية التي تؤثر على وظائف الكلى، لأن شرايين الكلى دقيقة جدا واحتمال تلفها مرتبط بأمراض الأوعية الدموية، وهنالك حالات قد يصاب المرضى فيها بالفشل الكلوي بعد إجراء عمليات قلب إذ يحدث خلالها انخفاض حاد بضغط الدم، أو في حالات الإصابة بنزيف حاد.

"عرب 48": هنالك مأكولات أو مشروبات تسبب تلف خلايا الكلى؟ أو ربما وجود الحصى بالكلى؟

جبارين: لا، هذا الأمر مجرد تخمينات ليس لها أساس علمي، لكن ما هو مؤكد أن نقص المياه قد يؤثر على الكلى، وقد يسبب الحصى في الكلى، لكن مشاكل الحصى قابلة للعلاج بوسائل عديدة ومتنوعة، وهي ليست سببا مباشرا للفشل الكلوي إلا في حالات نادرة جدا.

"عرب 48": كم من الوقت يستطيع المريض أن يعيش بمساعدة أجهزة الدياليزا؟

جبارين: يستطيع المريض أن يعيش 10 سنوات مع عملية غسل الكلى "دياليزا"، لكن من المفارقات غير المفهومة لدى الباحثين هي أن العرب، الذين لا يلتزمون عادة بالتوصيات المتعلقة باتباع نظام غذائي وتناول الدواء في موعده، وشرب المياه بكمية كبيرة، يلاحظ أنهم يعيشون مدة أطول من اليهود والأميركيين على أجهزة غسل الكلى. وقد أظهرت آخر الأبحاث التي أجريت في 3 مراكز طبية في البلاد والولايات المتحدة أنه بعد السنة الأولى من غسل الكلى 21% من اليهود والأميركيين (البيض) توفوا، مقابل 15%. وبعد السنة الخامسة توفي 65% من اليهود والأميركيين مقابل 52% من العرب، وبعد 10 سنوات توفي نحو 90% من اليهود والأميركيين، مقابل 78% من العرب. ولا أحد يستطيع أن يفهم سبب هذه المفارقة! بعض العلماء يعزو هذه المفارقة إلى الإيمان والروحانيات والصلوات والدعاء، والبعض يذهب إلى أن البروتينات التي يتناولها العرب، حتى وهم يهملون صحتهم، ربما هي ما تجعلهم يعيشون مع الفشل الكلوي لمدة أطول، وخاصة أولئك الذين يعانون من السمنة الزائدة، فقد كانت هذه الفئة الأطول عمرا بين الذين جرى عليهم البحث، وهي من المفارقات التي تزيد الأمر غرابة!

"عرب 48": هل هنالك نصائح عامة لمرضى الفشل الكلوي لتفادي الوصول إلى مرحلة غسل الكلى؟

جبارين: موازنة الأمراض، وخاصة السكري وضغط الدم، من خلال فحص يجرى كل 3 أشهر لفحص توازن السكر، الحرص على تناول الأدوية في مواعيدها، وخاصة الشباب الذين يخجل البعض منهم من تناول الأدوية بين أصحابه حتى لا يقال عنه مريض، وهذه ظاهرة شائعة.

جهاز غسل الكلى (تصوير "عرب 48")

"عرب 48": أخيرا، هلا طرحت أمام القراء سيرتك الذاتية؟

أنا يوسف جبارين (52 عاما) من سكان مدينة أم الفحم، ممرض كبير، درست موضوع التمريض في مستشفى "هداسا" بالقدس، عملت في عدد من المستشفيات والمراكز الطبية في الخضيرة وحيفا والعفولة، وتخصصت في موضوع غسيل الكلى "دياليزا". وخلال عملي في المركز الطبي "هعيمك" بالعفولة تعاقدت مع شركة "نيفرومور" التابعة لشركة "فرزنيوس كير مديكال" العالمية، والمتخصصة بصناعة الأجهزة والمعدات الطبية. في العام 2008 عينت مديرا لوحدة "الدياليزا" في مستشفى العفولة، وفي العام 2011 انتقلت إلى مدينة الناصرة لإدارة معهد "نيفروكير" الأحدث والأكثر تطورا، وهو يعمل بأفضل المواصفات العالمية.

 

التعليقات