الناصرة: ماذا يقول الأهالي عن مخطط هدم "بيت الصداقة"؟

تعتبر عمارة "بيت الصداقة" في الناصرة معلما من أبرز معالم المدينة، وشاهدا على حقبة لم تنته فهي معقل الحزب الشيوعي والجبهة في الناصرة، لكن هذا المبنى العريق يواجه، اليوم، مخطط الهدم وبناء فندق ومركز ضخم للحجاج الروس.

الناصرة: ماذا يقول الأهالي عن مخطط هدم

بيت الصداقة، اليوم (تصوير "عرب 48")

تعتبر عمارة "بيت الصداقة" في الناصرة معلما من أبرز معالم المدينة، وشاهدا على حقبة لم تنته فهي معقل الحزب الشيوعي والجبهة في الناصرة، لكن هذا المبنى العريق يواجه، اليوم، مخطط الهدم وبناء فندق ومركز ضخم للحجاج الروس ضمن مرفق سياحي كبير في صلبه ميدان واسع يمتد من موقع العمارة حتى كنيسة الروم خلف عين العذراء، وسيشمل ميدانا واسعا يترتب عليه تغيير معالم الشارع الرئيسي من الجهة الشمالية بحيث يصبح جزءا منه نفقا.

والتقى ممثلو الكنيسة الروسية أول من أمس، الأربعاء، رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، ومهندس البلدية، أحمد جبارين، لوضع اللمسات الأخيرة على مخطط بناء فندق للحجاج الروس الوافدين إلى الناصرة، على الأرض التي أقيمت عليها عمارة "بيت الصداقة".

وكانت الكنيسة الروسية التي تملك عقارات وأراضٍ في مدينة الناصرة، قد قدمت لبلدية الناصرة، خطة استثمار لبناء فندق ومركز للحجاج الروس ونُزل لاستضافتهم على أرض تابعة للكنيسة، أقيمت عليها بناية "بيت الصداقة" منذ أواسط ستينيات القرن الماضي.

وتعتزم الكنيسة الروسية هدم عمارة "بيت الصداقة" وإقامة فندق ونُزل للحجاج الروس الوافدين لزيارة مدينة البشارة، وقدمت قبل سنوات الخرائط للمصادقة عليها ثم توقف المشروع، وتعود الكنيسة اليوم لتحييه من جديد، من خلال متابعة ملف الترخيص وتقديم شرح لرئيس ومهندس البلدية، حول تفاصيل المخطط والاستثمار في الناصرة.

وأعرب رئيس بلدية الناصرة عن استعداد البلدية وترحيبها بكل مشروع يخدم الناصرة ويضيف لمكانتها الإستراتيجية والسياحية، وأكد أن البلدية ستدعم كل مشروع حيوي يخدم تطلعات الناصرة لمستقبل أفضل.

أصل البناية

وأصل الحكاية يعود لسنوات السبعين حين منحت الكنيسة الروسية الأرض التابعة لها لجمعية "الصداقة" وشركة "الصداقة" لاحقا حيث كانت قد بنيت العمارة في منطقة العين بهدف بناء مركز ثقافي ودار سينما، ولكن الجمعية حوّلت المشروع من ثقافي إلى تجاري، وتم تأجير المحال والمكاتب للمعنيين بواسطة اتفاقية "المفتاحية" لقاء مبالغ مالية دخلت لحساب جمعية "الصداقة" التي تحولت لاحقا إلى شركة "الصداقة".

وفي 1988 حلت الشركة وأقيمت جمعية "بيت الصداقة" حيث نقلت إليها كامل حقوق الشركة بموجب اتفاق خطي. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي بدأت الكنيسة الروسية تطالب بأملاكها وحقوقها في الناصرة والأراضي المقدسة غير آبهة بالناحية الإيديولوجية للمستأجرين واستصدرت أوامر إخلاء للمستأجرين، وقد انتهت القضية في حينه إلى المحاكم لتسترد الكنيسة كامل حقوقها على الأرض والمبنى من الجمعية.

مفارقات

واستطلع موقع "عرب 48" آراء عدد من العاملين في عمارة "بيت الصداقة"، التي تضم اليوم مركزا تكنولوجيا، ومعهدا لتعليم البسيخومتري، بالإضافة إلى عدد قليل من المحال التجارية ما زالت تنعش الحركة التجارية فيها بصورة نسبية، وفيها بعض مكاتب المحامين وغيرها.

ومن المفارقات الغريبة ان بعض المحال التجارية في البناية لا تزال تشهد عملية ترميم وتحسين حتى اليوم، في ظل الحديث الذي يدور عن النية بهدم المبنى. كذلك من المفارقات أن بعض العاملين في العمارة لا يعلمون بمخطط الهدم من أجل إقامة فندق مكانها.

وقال أحد العاملين في العمارة، فضّل عدم ذكر اسمه، لموقع "عرب 48" إنه يعمل في البناية منذ نحو 4 سنوات، وليس لديه علم بأن هناك مخطط لهدم البناية. وأضاف: "معظم مساحة الأرض التي أقيمت عليها بناية بيت الصداقة هي ساحات واسعة ومواقف سيارات غير مستغلة، تتسع لمئات المركبات لكنك تكاد لا تجد فيها إلا القليل من المركبات".

وختم بالقول: "إذا كان المشروع الجديد سينعش الحركة التجارية والسياحية في منطقة عين العذراء المجاورة فلا مانع من تنفيذه".

وجع الهدم مقابل البديل الأفضل

عماد إرشيد

وقال عماد إرشيد، العامل في محطة "العين" لسيارات الأجرة، لـ"عرب 48" إن "الحركة التجارية في المنطقة شبه ميّتة، وبناء فندق ومركز تجاري من شأنه أن ينعش الحركة السياحية والاقتصادية في منطقة العين ومحيطها".

وأكد أنه منذ سنوات طويلة وهو يسمع عن مخطط هدم المبنى، وأنه يثار في الإعلام من حين لآخر، لكن لا جديد على الأرض.

سليم جبور

وقال الشاب سليم جبور، يعمل نادلا بمطعم في منطقة العين المجاورة لعمارة بيت الصداقة، لـ"عرب 48" إن "إنشاء عمارة أكثر حيوية من المبنى القائم، اليوم، من شأنه أن يعزز الحركة السياحية والتجارية ويستقطب المزيد من الحجاج الوافدين إلى المدينة".

وأضاف: "من المؤلم أن ترى معلما عريقا من معالم المدينة ينهار أو يهدم أمام ناظريك، لكن إذا كان البديل أفضل فليكن".

طاقات كامنة وغير مستغلة

إيمان حدّاد - لبس

أما إيمان حدّاد - لبس، وهي صاحبة مطعم مجاور لبناية بيت الصداقة، فقالت لـ"عرب 48"، إنه حسب معلوماتها فإن بناية بيت الصداقة متهالكة من حيث قوة البناء، وإنها أقيمت على جزء من مساحة أرض واسعة جدا وغير مستغلة.

وأوضحت أن "كل مشروع حيوي جديد يقام في الناصرة مرحّب به، ففي الناصرة طاقات كبيرة كامنة وغير مستغلة، وإذا كان في المشروع الجديد فائدة لأهالي المدينة أولا، ويساهم في تعزيز اقتصاد البلدة ثانيا، فإن التجديد واجب عندما تلتقي هاتان المصلحتان".

وختمت بالقول إن "الحجاج الروس بشكل عام أناس طيبون والتعامل معهم جيد، وهذا التغيير قد يجعل المدينة تنهض اقتصاديا وسياحيا".

قاعة مؤتمرات وأفراح

تجدر الإشارة إلى أن عمارة "بيت الصداقة" كانت في الماضي أكثر الأبنية حيوية ونشاطا تجاريا وسياسيا، وفي القاعة السفلى للمبنى أقيمت عشرات وربما مئات المؤتمرات للحزب الشيوعي والجبهة، وفي مرحلة ما تحولت تلك القاعة إلى قاعة أفراح، ربما كانت من أوائل قاعات الأفراح في المدينة.       

يذكر أن التخطيط الجديد يضم مواقف سيارات واسعة، كما يضمن حقوق الجيران في الموقع بما يتلاءم مع القوانين والأنظمة المرعية في البناء والتنظيم، على حد ما ذكر في الجلسة بين ممثلي الكنيسة الروسية وبلدية الناصرة.

 

التعليقات