الصم في النقب... آفاق وتحديات

يعيش نحو 240 ألف عربيًا في منطقة النقب، جنوبي البلاد، حيث تسكن عشائر مختلفة في 7 بلدات مخططة و11 قرية ضمن منطقة نفوذ المجلسين الإقليميين، القيصوم وواحة الصحراء، بالإضافة إلى 36 قرية مسلوبة الاعتراف يقطنها نحو 100 ألف عربي.

الصم في النقب... آفاق وتحديات

نادي الصم بالنقب (تصوير "عرب 48")

يعيش نحو 240 ألف عربيًا في منطقة النقب، جنوبي البلاد، حيث تسكن عشائر مختلفة في 7 بلدات مخططة و11 قرية ضمن منطقة نفوذ المجلسين الإقليميين، القيصوم وواحة الصحراء، بالإضافة إلى 36 قرية مسلوبة الاعتراف يقطنها نحو 100 ألف عربي.

وتعاني بلدات النقب بدرجات متفاوتة من نقص الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء ومشروع الصرف الصحي والمدارس، والنقص الحاد في العيادات والخدمات الطبية إذ يعاني منه أكثر من 75 ألف مواطن عربي في النقب، حسبما جاء في التماس قدمته للمحكمة "جمعية حقوق المواطن" قبل أعوام.

ويواجه المجتمع العربي في النقب أزمات طبية وأمراض قد تتسبب بها ظروف الحياة أو الوراثة بحكم الأعراف الاجتماعية، وخصوصا ظاهرة زواج الأقارب، ومن هذه الأمراض والمشاكل الوراثية يظهر الصمم والضعف السمعي على أنه أحد الأمراض المؤثرة بشكل جذري على حياة الفرد والمنتشر بشكل غير طبيعي وكبير في النقب.

الصمم

وفي تعريفه الصمم أو ضعف السمع هو النقص الجزئي أو الكلي في القدرة على سماع الأصوات أو فهمها، ويقال للشخص ضعيف أو منعدم السمع أصم.

مؤتمر "أصواتنا للصُم" في النقب

وتبلغ نسبة أصحاب مشاكل ضعف السمع في البلاد 10% من تعداد السكان، وتزداد النسبة عند التطرق للمجتمع العربي في النقب حيث بحسب دراسة أجرتها الأسترالية د. شيفرا كاش، يعاني أكثر من 2,000 عربي في النقب من الصمم أي أن نسبة 14% من عرب النقب صم، بالإضافة لذلك تتطرق الدراسة لتعريف قرية السيد بأنها القرية الأولى صاحبة النسبة الأعلى بالصم في العالم وهي 5%.

وفي متابعة بحث موضوع الصمم وضعف السمع برزت مبادرة نادي الصم في النقب، وهو ملتقى تشكل من أصحاب ضعف السمع في المجتمع العربي بالنقب مطلع العام الحالي، ويعالج المشاكل الحياتية لأصحاب ضعف السمع ويسعى نحو تعزيز دورهم في المجتمع وتشكيل الوعي الصحيح في الشرائح الاجتماعية المختلفة تجاه أصحاب مشاكل السمع والصم.

وأقام نادي الصم بشراكة مع عدة مؤسسات طبية مؤتمره الأول، الأسبوع الماضي، وتميز المؤتمر بحضور نوعي ومشاركات قيمة للعديد من أصحاب مشاكل ضعف السمع والصُم.

وحاور "عرب 48" المبادر لتأسيس نادي الصم في النقب، اختصاصي السمع، ومدير "مراكز أوديو للسمع والنطق"، سليمان الزبارقة، حول منطلقات وأهداف مبادرة نادي الصم في النقب ومعاناة أصحاب مشاكل ضعف السمع بشكل عام.

سليمان الزبارقة

وقال الزبارقة: "انطلق نادي الصم في النقب من الرغبة في إعطاء المزيد لمن يعاني من ضعف السمع، وبسبب كونهم شريحة كبيرة في المجتمع لا تأخذ حقها وتعاني في الخفاء في معظم زوايا الحياة اليومية وفي ممارسة أقل الأنشطة سهولة على أصحاب السمع الطبيعي".

وأضاف: "قد لا يجد الصُم عنوانًا أو منبرًا لهم يفهمهم ويتحدث بلغتهم، وينقصهم التوجيه والرعاية الواعية لاحتياجاتهم وثقافتهم المختلفة عنا، ومن هنا فإن نادي الصم هو مكان مهني يتعامل ويتحدث مع الصم بلغتهم وحسب احتياجاتهم ورغباتهم، ويساعدهم على التواصل مع المؤسسات العامة المنقوصة من الخدمات والتي لا توفر الترجمة لهم بالإضافة إلى مساعدتهم في تحصيل مخصصاتهم ومستحقاتهم المالية".

وأكد الزبارقة: "الفهم الخاطئ للصم واحتياجاتهم وثقافتهم قد يدفع بهم إلى الانحراف أو حتى الجريمة وهي حالة رأيناها في العديد من المحطات، والتقبل الاجتماعي يكون بيئة حاضنة وداعمة أما الضغط الاجتماعي فقد يكون قاتلًا أو مؤذيًا جدًا للأصم".

وختم الزبارقة بالقول إن "كل المؤسسات التي نشطت سابقًا في موضوع الصُم كانت إسرائيلية ولم تنجح أو تستمر برامجها لأن المضامين والخطاب الذي طرحته كان بعيدًا عن استيعاب واعتبارات العرب الصُم، وهنا جاء النادي ليوفر بديلا موضوعيًا للصم في النقب، وعن سؤال ما يحتاجه الصُم منا يوفر نموذج قرية السيد التي تحوي الكم الأكبر من أصحاب مشاكل ضعف السمع ليوفر الإجابة، ففي قرية السيد أدى العدد الكبير للصُم إلى تأسيس بيئة طبيعية تتعامل بموضوعية مع الصُم على أن مشاكلهم هي أمر موجود وليس منزلا أو غريبًا، وهذا ما يطلبه منا الصُم، أي الطبيعية في التعامل وتقديم الاحتضان والدعم وليس الشفقة".

منالية خدمات الترجمة للغة الصُم

وحاور "عرب 48" المترجم للغة الصُم (لغة الإشارات)، محمد أبو ربيعة، من النقب حول منالية خدمات الترجمة للغة الصُم، وأوضاع الصُم في قرى النقب ومعاناتهم واحتياجاتهم، وقال: "تنقص خدمات الترجمة بشدة في المؤسسات العامة والدوائر الحكومية الأمر الذي يشكل عائقًا هائلًا أمام الصُم وأصحاب ضعف السمع في ممارسة حياتهم الطبيعية وإدارة الهموم اليومية، وعلى الصعيد النفسي الشعور بالقدرة والاستقلالية بالإضافة إلى النقص الكبير في المترجمين العرب حيث في مقابل الآلاف من أصحاب ضعف السمع هناك فقط مترجمان مؤهلان للغة الصُم في النقب".

محمد أبو ربيعة

وأضاف: "بمعزل عن الواقع الحياتي يتوجب استيعاب الاختلاف النفسي بيننا وبين الصُم، والفهم الخاطئ لثقافة الصُم وتفكيرهم يشكل صدامًا اجتماعيًا وخطرًا على نفس وحياة الأصم، فقد وصلت العديد من حالات سوء الفهم للصُم إلى الأذى والانتحار أحيانًا لضعيفي السمع بسبب الضغط العائلي أو الصدام العائلي. يعتقد الأهل في العديد من الأحيان أنهم يفعلون الأفضل لابنهم الأصم عبر تقرير القرارات عنه، ولكنهم لا يفهمون أن نظرته للأمور مختلفة عنهم ولديه شخصية مستقلة ومنفصلة".

وختم أبو ربيعة بالقول: "يجب فهم خصوصية الصُم، والدفع إلى دمجهم في المجتمع وتقبلهم كما هم دون محاولة التغيير فيهم أو الشفقة عليهم".

التعليقات