عيلبون: مساع لوأد الفتنة بعد اعتداء جماعي

رغم الإجماع على وأد الفتنة، وتعميم روح المحبة والتسامح ورفض الانزلاق وراء من يريدون تحويل عيلبون إلى قرية موبوءة بالعنف، إلا أن عيلبون تحتاج إلى أكثر من رغبة الناس الجمعية لإفشاء السلام، وتحتاج إلى حراك حقيقي لخلق مجتمع متجانس وجمعي

عيلبون: مساع لوأد الفتنة بعد اعتداء جماعي

عيلبون

لم تولد الشجارات الجماعية في عيلبون بالأمس، ولم يكن شجار الأحد الماضي، أول أيام عيد الأضحى المبارك، أول الشجارات الجماعية، إلا أنه ربما كان الاعتداء الأعنف في حجم الأضرار التي خلفها، بما فيها الاعتداء على البيوت الآمنة.

ورغم الإجماع الكامل في عيلبون لوأد الفتنة، ورفض الانزلاق وراء "زعران" يريدون تحويل عيلبون إلى قرية موبوءة بالعنف، وتعميم روح المحبة والتسامح، إلا أن عيلبون تحتاج إلى ما هو أكثر من رغبة الناس الجمعية لإفشاء السلام، وتحتاج إلى حراك حقيقي لخلق مجتمع متجانس وجمعي، وليس أحياء يربطها اسم بلد واحد.

وللتوضيح، فقرية عيلبون، القرية العربية الصغيرة، تسكنها أغلبية مسيحية متجانسة رغم الهجرة إليها من المغار وغيرها، وإلى جانبها الحي الشرقي ذو الأغلبية المسلمة من عشيرة المواسي بالمعظم (وهو الحي الذي وقع فيه الشجار يوم الأحد الماضي)، وفي الحي الغربي تسكن عشيرة الفواوزة.

وتسود علاقات حسنة بشكل عام قرية عيلبون، غير أن حالة فردية أو حالات فردية قد تتمكن من إشعال نار فتنة جماعية بين أبناء البلد الواحد، وهو ما ينبغي محاصرته محليا من خلال خلق لجان شعبية مشتركة قادرة على فرض السلم الأهلي السائد بصورة عامة في عيلبون، والأهم من ذلك هو تعزيز الهوية الجمعية للبلدة بمختلف طوائفها.

وكان جدال وقع بين شابين (مسيحي ومسلم من الحي الشرقي)، مساء يوم الأحد الماضي،  سرعان ما تطور إلى شجار جماعي شاركت فيها مجموعة كبيرة من الشبان، تخلله الاعتداء على الممتلكات والبيوت الآمنة.

د. رياض جولاني

يقول د. رياض جولاني، في حديثه لعرب 48: "إنه لمن المؤسف أن يقع شجار جماعي في عيلبون، هذه البلدة الوادعة التي نحب. وفي هذه الأيام نسعى إلى رأب الصدع الذي حصل في عيلبون والذي نرفضه جميعا، فلا يمكن أن نستبدل في عيلبون السلم الذي نعيشه بالعنف، وهناك مساعي صلح جارية نأمل أن تتكلل بالنجاح للوصول إلى حل جذري، كما سبق لنا زيارة البيوت المتضررة في عيلبون لرفض هذه المظاهر، والتأكيد على رفض الانجرار وراء فتنة بين أبناء البلد الواحد".

الناشط حنا حوراني

وقال الناشط حنا حوراني، صاحب أحد البيوت المتضررة من الاعتداء إن "هناك أجواء مشحونة في عيلبون، ولكننا من أهل الخير والسلم، وحتى لو حاول أحد إشعال فتنة في عيلبون فموقفنا التوجه للصلح والسلم، حتى وإن تم الاعتداء على بيوت آمنة فنحن أمام مسارين: المسار الجنائي لكل من خالف القانون؛ والمسار السلمي لإتمام الصلح".

وأضاف "يجب معاقبة كل من يتعرض للبيوت الآمنة والآمنين، فمن المؤسف والمخجل أن يتعرض إنسان آمن للاعتداء، ومع ذلك نحن مسؤولون أكثر من غيرنا، ووجهنا للعيش المشترك، وإرجاع الحق لكل صاحب حق، ونكون أمام صلح لا يكون بعد أي تطور لخلاف مستقبلي".

من جانبه قال عضو لجنة الصلح المحلية، طارق شبايطة، إن "عيلبون بلد آمن ومسالم، وإن حدث ما حدث فأهل الخير في عيلبون كثر وهم الأغلبية الساحقة، وهذه الأغلبية لن تسمح لأي فرد أن يعكر صفو الحياة في عيلبون، التي ستبقى بلد السلم والمحبة".

رئيس المجلس المحلي في عيلبون سمير أبو زيد

أما رئيس المجلس المحلي في عيلبون، سمير أبو زيد، فقد قال إن "ما وقع يوم عيد الأضحى هو حادث مؤسف ومستهجن، حيث استهدفت بيوت آمنة بالحجارة، وهذه ليست أجواء عيلبون التي شهدت صبيحة يوم العيد زيارات تهنئة بعيد الأضحى من قبل وفد كبير، وهذا الشجار عكر صفو البلد وأساء لها، ورغم ذلك نؤكد أنه حادث فردي توسع، واشترك فيه مجموعة أشخاص وهو أمر مرفوض ومستهجن وغريب عن عيلبون وعاداتها".

وأضاف أن المجلس المحلي اتخذ إجراءات شعبية وجماهيرية للتهدئة،  بضمنها تشكيل وفد من الحي الشرقي للبيوت المتضررة لتهدئة الأجواء، إضافة إلى تشكيل لجنة صلح محلية يشارك فيها، رئيس مجلس محلي البعينة نجيدات، منير حمودة، ورئيس مجلس كفر كنا المحلي السابق والنائب السابق، واصل طه، وشعلان عرايدة، لتستمع إلى كل الأطراف بهدف الوصول إلى صلح بين الأطراف.

وتابع رئيس المجلس المحلي "أمامنا جهد إضافي لإعادة الحياة الطبيعية إلى البلدة، ومحاصرة أي مظهر من مظاهر العنف، خاصة ونحن نقبل على افتتاح السنة الدراسية. وأناشد كل فرد في عيلبون أن يأخذ دوره ويتحمل المسؤولية".

وأضاف "حدث ما حدث، ولكن دعونا نحاصر هذا الحدث، فلا نريد بلدة تئن تحت العنف المجتمعي ونعود إلى الحياة الطبيعية التي اعتدنا عليها، وكل شخص عليه مسؤولية بالتواصل ونشر المحبة والسلم. وأقول بشكل واضح إن كل أزعر تسول له نفسه سيعاقب وينبذ من قبل أهل عيلبون التي ترفض العنف بكافة أشكاله".

وختم أبو زيد بالقول "رغم أن الشجار كان كبيرا، إلا أننا نشدد على أنه ليس طائفيا، فالعلاقات بين أهالي البلدة، مسيحيين ومسلمين، طيبة للغاية. هناك أفراد، وهم قلة، يحاولون افتعال الفتنة ويجب متابعتهم ومحاصرتهم عبر برنامج عمل تثقيفي لاحتواء أي مشكلة مستقبلا، فالهم الأكبر هو عدم تطور أي خلاف مستقبلي، وذلك من خلال عمل محلي اجتماعي يومي،  وعلى الشرطة أن تقوم بواجبها وتعاقب كل من يفتعل ما يعكر صفو البلد. هذا هو موقفنا، وهكذا ستسير الأمور في عيلبون".

 

 

التعليقات