سحماتا: أنين التهجير وحق العودة

تدأب جمعية أبناء سحماتا على تنظيم برامج تحت عنوان "ملتقى أبناء سحماتا" على أراضي القرية العربية المهجرة منذ نكبة فلسطين في العام 1948.

سحماتا: أنين التهجير وحق العودة

سحماتا، تشرين الأول 2019 (تصوير "عرب 48")

تدأب جمعية أبناء سحماتا على تنظيم برامج تحت عنوان "ملتقى أبناء سحماتا" على أراضي القرية العربية المهجرة منذ نكبة فلسطين في العام 1948.

تقع سحماتا حوالي 25 كم شمال شرق عكا في الطريق إلى صفد وحوالي 17 كم من خط الساحل، بين قريتي البقيعة وترشيحا.

تسعى الجمعية إلى استمرارية وتجديد النشاطات الوطنية التي كانت قد بدأتها منذ عقود، وشارك عدد من أهالي سحماتا الذين تهجروا إلى مختلف البلدات العربية المحيطة لسحماتا في لقاء، مؤخرا، أعلن فيه استلام عدد من الشباب السحماتيين زمام أمور العمل في الجمعية لتفعيلها من جديد بشكل أوسع.

سمعان: نجاح الأجداد في رسم خارطة سحماتا في ذاكرة الأطفال

رافق "عرب 48" عددا من أهالي سحماتا في زيارتهم الأخيرة للقرية، قبل أيام، حيث التقينا مدير جمعية أبناء سحماتا، فادي سمعان، الذي بادر مع أعضاء الجمعية لتنظيم ملتقى أبناء سحماتا على أرض القرية.

قال سمعان، إن "الهدف من برنامج ملتقى أبناء سحماتا هو استمرارية التواصل مع قريتنا المهجرة، فقد تربينا على أيدي الأجداد والآباء على التواصل مع أرضنا المهجرة. هؤلاء الكبار الذين تعبوا حتى يحافظوا على سحماتا في ذاكرتنا كأطفال من خلال مخيمات صيفية شاركنا بها على أرضنا في سحماتا، واليوم أصبحنا شبابا نحمل ذاكرة سحماتا لنحافظ عليها وننقلها لأطفالنا، إيمانا بحق العودة وبأهمية الانتماء لبلدتنا المهجرة".

وأكد أن "خارطة الحارات في سحماتا مرسومة في ذهني، وقد نجح الأجداد في حفظ هذه الذاكرة لدينا، فعند الدخول لقرية سحماتا تستقبلك حارة الرحبة، وهنا آثار الكنيسة وهناك آثار مسجد. لقد شارك عدد قليل في هذا البرنامج، لكن حتى هذا القليل له دور في حفظ ذاكرة الوطن وتهجير أجدادنا".

عائلة د. مبدا سمعان: التحديات عند الشباب الفلسطيني لم تمنعهم من المشاركات الوطنية

وفي لقاء مع عائلة د. مبدا سمعان على أرض سحماتا، قال الوالد لـ"عرب 48"، إن "قيمة الانتماء لبلدتنا، سحماتا، نشأت عليها من والدي المرحوم أبو مبدا، وقد تم تذويتها بشخصي منذ الصغر. اعتاد والدي أن يأخذنا إلى القرية في جميع الأوقات وليس فقط خلال المناسبات الوطنية، وكان يحدثنا عن ذكريات طفولته في سحماتا وعن بيت العائلة الذي هُدم وتم تهجيره. هذا الانتماء الذي غرست بذوره في قلبي أينع وامتد إلى جذور قد وصلت إلى أبنائي، لأتمكن من إيصال شعلة الآباء في سحماتا للأحفاد وللجيل الثالث".

وأضاف أنه "في ظل التحديات التي يواجهها الشاب العربي للانخراط في مؤسسات علمية عالية في مجال الطب والهايتيك، هذه التحديات التي تأخذ من طاقات شبابنا كثيرا من الوقت والانشغال وهي صعبة جدا، إلا أنني افتخر بهذا الشباب الذي بالرغم من تلك التحديات يتفرغون للمشاركة والتخطيط في نشاطات وطنية، والتي تكون محفزا لباقي الشباب كذلك".

طوني سمعان: شعلة ذاكرة الوطن تستمد نورها من فكر وقيم وطنية راسخة منذ الطفولة

ورث الابن، طوني مبدا سمعان، قيمة التواصل مع قرية سحماتا من والده د. مبدا إذ أنه رغم عمله في تل أبيب في مجال الهايتيك إلا أن ذلك لم يمنعه من تنظيم وقته للتخطيط مع رفاقه في الجمعية لتنظيم برامج وطنية.

قال طوني سمعان، لـ"عرب 48" إنه تسلم شعلة التواصل مع سحماتا المهجرة من والده والتي يؤمن بأنها لن تُخمد لأن نورها مشتعل من فكر وقيم وطنية راسخة، بفضل والده وجده الذي اعتاد أن يشاركه الذاكرة التي حملها من سحماتا.

وأكد أن "اللقاء في سحماتا هو لتجديد نشاطات جمعية أبناء سحماتا، ومن هنا دعوة لأهالي سحماتا للالتفاف من جديد حولنا، لنستمر في نشاطاتنا".

وأكدت والدة طوني، إلهام سمعان، أنها كأم فلسطينية واجب عليها تربية أبنائها على حب الوطن. وقالت إن "الأمهات التي غفلت عن تربية أبنائها على قيمة حب الوطن وحفظ ذاكرته من خلال النشاطات الوطنية العملية أخفقت وقصرت في أهم أمر تجاه الوطن وأهله".

مي عراف سمعان: ترسيخ ذاكرة الوطن في أذهان أطفالنا

وقالت المستشارة الأكاديمية والمختصة في علم النفس، مي عراف سمعان، من فسوطة، لـ"عرب 48": "أنا لست من قرية سحماتا، ولكن هذا لا يمنعني كفلسطينية من المشاركة في نشاطات وطنية تعزز من قيمة التواصل مع الأرض، إيمانا بحق العودة لجميع المهجرين الفلسطينيين إلى قراهم، إذ أن المشاركة ضمن النشاطات الوطنية هي جزء مهم من هويتنا والذي للأسف يتلاشى بسبب انشغال الناس بهموم الحياة، لكن يجب مواجهة هذه التحديات خاصة وأن غالبية القرى المهجرة تسلب أراضيها ليتم ضمها للمستوطنات المجاورة مثل مستوطنة 'تسور إيل' التي تتوسع على حساب أراضي سحماتا".

وأكدت أن "الذاكرة الجماعية لنا كفلسطينيين تكتلنا وتبعدنا عن التقوقع الطائفي أو العائلي، بل توحدنا لنمتلك القوة، ومن هنا أحث على زرع ذاكرة الوطن في أذهان أطفالنا من خلال سرد القصة والحكايات والنشاطات على أرض سحماتا وعلى أراضي قرانا المهجرة".

كفاح وروعة محمود: أمل العودة لسحماتا

تحمل كفاح وروعة محمود من سحماتا المهجرة ذكريات كثيرة من المشاركات الوطنية في مخيمات الأطفال في سحماتا، واليوم تعودان شابتان لأرض القرية دون يأس أو كلل.

قالت روعة: "كنت أنتظر بشغف المشاركة ضمن مخيمات الأطفال في سحماتا، ولا توجد فرحة أكبر من عودتي إلى أرض أجدادي والتعرف عليها، على أمل أن أعود وأبني بيت جدي وأسكن فيه قريبا. أدرك أن الأمل سيتحقق وسنعود إلى أرضنا، مهما طالت السنين".

أما كفاح محمود رفيقة روعة منذ الطفولة في النشاطات الوطنية على أرض سحماتا فتحدثت بلوعة الاشتياق إلى زخم النشاطات والفعاليات السابقة التي وصفتها بأنها ومع الأسف تتلاشى عند جيل اليوم، وحملت الأهالي مسؤولية تواصل أطفالهم في النشاطات الوطنية حتى تبقي شعلة الذكرة متقدة ولا تنطفئ أبدا.

وقالت: "ربط التواصل القوي بين أبناء سحماتا من كافة القرى التي تهجرنا إليها، ورسالتي لجميع أبناء سحماتا خاصة وأبناء الوطن عامة أن يتعرفوا على قريتي سحماتا، وأن ينضموا وينظموا نشاطات وطنية تعزز الانتماء للأرض والوطن".

الفنانة حنين موسى: بحث جامعي عن سحماتا

وشاركت الفنانة حنين موسى من قرية سحماتا المهجرة بعمل فني في برنامج ملتقى أبناء سحماتا، قدمته ضمن بحث تخرج جامعي للقب الأول في جامعة حيفا، وقالت: "لقد أخذت حجرا من سحماتا وقمت بتكراره ليكون بعدد عائلات سحماتا وعدد الشهداء الذين ارتقوا في يوم تهجير أهالي بلدي، وكتبت على كل حجر اسم العائلة وأسماء الشهداء". كما ألقى الطفل قاسم موسى قصيدة عن قرية سحماتا والتمسك بحق العودة، على أمل تحقيقه عاجلا أو آجلا.

 

التعليقات