"مهرجان المدينة": حيفا بين الماضي والحاضر...

نظَّمت جمعية الثقافة العربية، أمس السبت، جولة تحت عنوان "حيفا بين الماضي والحاضر"، وذلك ضمن مهرجان الثقافة والفنون في مدينة حيفا.

من الجولة في مدينة حيفا (تصوير: "عرب 48")

نظَّمت جمعية الثقافة العربية، أمس السبت، جولة تحت عنوان "حيفا بين الماضي والحاضر"، وذلك ضمن "مهرجان المدينة للثقافة والفنون"، في مدينة حيفا.

وتخلّلت الجولة زيارة للأحياء القديمة في حيفا، وشرحًا عن تاريخ المدينة وعن تاريخها الثقافي الفلسطيني، وتجول المشاركون في أحياء المدينة، بدءًا من وادي النسناس، مرورا بشارع البرج، والسوق، ومن ثم إلى حي وادي الصليب، وجامع الجريني، وكنيسة السيدة.

من الجولة في مدينة حيفا (تصوير: "عرب 48")

"بالعكس سياحة بديلة" ترسّخ الرواية الفلسطينية

وقال المرشد ومؤسس مبادرة "بالعكس سياحة بديلة"، بلال درباس، والذي أشرف على الشرح في الجولة، إنه من خلال عمله يؤكد على الرواية الفلسطينية، وأن "بالعكس سياحة بديلة" هي مبادرة تهدف إلى توحيد المدن والبلدان الفلسطينية، من خلال الإرشاد السياحي الذي يقدم الرواية الفلسطينية.

وأوضح درباس أن "ما يميز هذا الإرشاد أنه يضم مرشدين من جميع المناطق الفلسطينية، وتشمل الجولات كافة المناطق بالإضافة إلى منطقة الجولان السوري المحتل، رغم كونه منطقة سورية إلا أن الطرق إليه هي تمرّ عبر فلسطين".

(تصوير: "عرب 48")

وعن الهدف من الجولة، ذكر درباس، أنه "إحياء ما تبقى منذ عام النكبة، وليتعرف المشاركون على شكل المدينة من الناحية الثقافية، والتجارية، والسياسية، والتغييرات التي طرأت على حيفا بين الماضي والحاضر، والتي تهدف بالأساس إلى محو الهوية الفلسطينية في المدينة".

وأضاف: "الكثيرون تنقصهم المعرفة عما مرت به المدينة، إذ قد يعتقد البعض أن مبنى المدينة هو شكل طبيعي، وفي الحقيقة هو طابع استيطاني لطمس معالم حيفا التي بقيت بعد النكبة، والمهم هو مشاركة الناس في جولات التعرف على بلداننا الفلسطينية من خلال السياحة البديلة، لأن التضليل كبير".

بعض الصور التي عرضها درباس على المشاركين بالجولة (تصوير: "عرب 48")

وادي النسناس مولد ومسكن مفكرين وشعراء فلسطينيين

وأكّد درباس أهمية وادي النسناس الثقافية، وذكر عددا من الشخصيات التي ولدت أو سكنت فيه، قائلا: "وُلد ونشأ فيه الشاعر نوح إبراهيم الذي ألف القصيدة المعروفة ’من سجن عكا طلعت جنازة’، هذا الشاعر الذي كان يؤلف قصائده ويسجلها مغناة على أسطوانات ويبيعها، ويدخر الدخل الذي يعود منها للثورة الفلسطينية، ووُلد في وادي النسناس كذلك الكاتب، أحمد دحبور عام 1946، ومن الذين سكنوا الحي أيضا حسن البحيري وإميل حبيبي"

شارع البرج

 وفي معرض حديثه عن شارع البرج، قال درباس: "لقد اخترت هذا المكان لأنه يطل على مركز مدينة حيفا قبل عام 1948. الغريب أنه عندما ننظر إلى هذا المكان نجد عمارات حديثة ولا نرى شيئًا يدل على تاريخ المدينة".

(تصوير: "عرب 48")

وتابع: "يوجد بحوزتي صورة لهذا المكان تعود للعام 1936 ويوجد بداخل الصورة برج الساعة وكذلك مئذنة مسجد وكذلك يوجد صورة للكنيسة، والذي حدث أن بن غوريون أمر بعد عام 1948 بهدم جميع البيوت والحارات حول المساجد والكنائس، كذلك يوجد بحوزتي صورة تعود لذات المكان والتي تحتوي على بيوت وحارات تم محوها بشكل كامل، والهدف هو بناء هوية ومعالم جديدة للمدينة، فتم بناء جدران لتطمس تاريخ المدينة، كبرج الساعة الذي كان أعلى نقطة في المدينة، حيث كان من الممكن رؤيته من أي مكان، أما اليوم عندما ننظر إليه، لا نرى منه شيئا".

المساجد والكنائس كشواهد على تاريخ المدينة

ومرت الجولة بكنائس ومساجد المدينة التي ذكر درباس أنها الشيء الوحيد الذي تبقى من حيفا التي بناها ظاهر عمر قبل حوالي 260 سنة.

وقال درباس، إن "أهم العوامل التي أدت إلى تطور حيفا في أواخر القرن التاسع عشر هو 'الرفينري" وهو خط كان يصل بين حيفا وكركوك في العراق حيث كانت عبارة عن شركة بريطانية تعمل في حيفا. ويوجد كذلك في المدينة الميناء الكبير الذي تم بناؤه في فترة الانتداب البريطاني، وهذا الميناء أخذ دور عكا وأصبح أهم ميناء في المنطقة، وفي أوائل القرن العشرين تم بناء جزء من سكة الحجاز الذي كان يمتد من حيفا إلى درعا، وإلى مكة، وإلى تركيا، وإلى القاهرة".

(تصوير: "عرب 48")

وتابع: "ساهم كذلك في تطور حيفا الاستعمار الألماني الذي وقع في نصف القرن التاسع عشر لأسباب دينية، فمكثوا في عدة مناطق كالقدس ويافا، وفي حيفا، وفي بيت لحم الجليلية، بالإضافة إلى العديد من الأماكن، وكان الألمان مستقلين من الناحية المادية، إذ إنهم حضروا واستوطنوا خارج أسوار المدينة، ثم بدأوا بالعمل في حيفا والناصرة حيث كانوا يملكون شركة نقل، واستمر وجودهم في البلاد إلى أن قامت إسرائيل عام 1948، فهمّوا بالمغادرة لأنهم كانوا من مناصري هتلر في ذلك الوقت".

درباس خلال الشرح (تصوير: "عرب 48")

ووصف درباس حيفا بأنها دولية لما شملت من خصائص كوجود سكة قطار وشركة نقل وميناء، وقد سكنها الكثير من الشخصيات البارزة عبر التاريخ الفلسطيني مثل عز الدين القسام والذي أتى من بلدة جبلة في سورية، والخوري جوارجيوس الحجار، الذي كان في المدينة، قادمًا من جنوب لبنان.

(تصوير: "عرب 48")

وأوضح أنه "كان في حيفا كذلك مستثمرون من جميع الأماكن، إذ تواجد مستثمرون من الضفة الغربية ومن الأردن، فقد جاء إلى المدينة قرابة 20 ألف عامل، ويُذكر أن القيصر الألماني الثاني، قد زار حيفا في عام 1898، في زيارة هدفت لتوطيد العلاقة مع الدولة العثمانية، وقد وصل القيصر عن طريق ميناء حيفا".

وأكد درباس على وجود تحديات لإنقاذ حيفا من محاولات طمس تاريخها، وبخاصّة لدى الأجيال القادمة، وقال: "نحن اليوم أمام تحدٍ لإحياء ثقافة وتاريخ ومعالم المدينة، ذلك أن المدارس تربي على الأسرلة، ويوجد قسم من الشباب ذاهبون باتجاه الأسرلة فهذا ليس خطأهم، بل بسبب وجود جهاز تعليم يوجه الطالب في أهم سنوات عمره إلى طرق معينة".

التعليقات