حي المحطة في اللد: رائحة الأمراض تفوح بالمكان

تثور مشاعر الغضب والاستياء عند الشاب محمد دسوقي من اللد، حين تقتحم أسوار بيته روائح كريهة، مصدرها مصنع لتصنيع زيوت السيارات المحاذي لحي المحطة العربي في المدينة.

حي المحطة في اللد: رائحة الأمراض تفوح بالمكان

المصنع قرب حي المحطة باللد (عرب 48)

تثور مشاعر الغضب والاستياء عند الشاب محمد دسوقي من اللد، حين تقتحم أسوار بيته روائح كريهة، مصدرها مصنع لتصنيع زيوت السيارات المحاذي لحي المحطة العربي في المدينة.

قال دسوقي لـ"عرب 48" إن "المكاره الصحية والبيئية الناتجة عن المصنع لا تقتصر على الرائحة فحسب، فهناك كثير من المكاره ونحن نخشى تلوث المياه الجوفية والهواء".

أقيم المصنع قبل نحو 50 عاما، وهو مصنع لتصنيع زيوت المركبات المختلفة والبتروكيماويات، ويقع على مساحة 50 دونما، وهو ملاصق للحي العربي في اللد، حي المحطة، الذي يقطنه نحو 10 آلاف مواطن.

يؤكد بحث أجري في العام 2017 أن موادا كيماوية تنبعث من المصنع كجزيئيات كيماوية، أول أكسيد الكربون، أكسيد الكبريت، وأكسيد النيتروجين، فيما يشير إلى ضرر مستقبلي محتمل على جسم الإنسان.

اللافت في الأمر أن التقرير الذي أعد في العام 2017 لا يتطرق إلى حي المحطة العربي في اللد، وهو الحي الأقرب مسافة إلى المصنع ولا يبعد سوى عشرات الأمتار عن أماكن السكن، وهو يتطرق لحي يهودي قيد الإنشاء يبعد عن المصنع نحو 800 متر، أي أن الضرر على السكان العرب من الممكن أن يكون أكبر.

وفي هذا السياق، أكدت بلدية اللد في جلسة لها، أنها تلقت شكاوى بعد الحريق الذي شب في المصنع، وبعد تسرب الزيوت إلى حي المحطة بسبب انفجار في أحد الأنابيب. وذكرت البلدية في محضر الجلسة أنها وكلت مهنيين ومختصين للتحقيق في تلك الحوادث داخل المصنع.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة حماية البيئة لم تنشر لغاية الآن أي تقرير رسمي بهذا الشأن بشكل معلن. وعن هذا قال الناشط السياسي وعضو اللجنة الشعبية في اللد والرملة، غسان منيّر، لـ"عرب 48": "لا نعلم إذا كانت قد اتخذت إجراءات بهذا الخصوص أم لا لغاية الآن".

يقع حي المحطة وسط مدينة اللد التاريخية، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى محطة القطار المتواجدة فيه منذ فترة الحكم العثماني. وكان يضم الحي محطة قطار هي من أكبر المحطات في فلسطين التاريخية، إذ كانت تشكل هذه المحطة ربطا بين محطتي القطار في شمالي حيفا، وبين منطقتي الوسط والجنوب، يافا. ولا تزال محطة القطار متواجدة وسط الحي لغاية اليوم، وقد أضيفت عليها بنايات عديدة منذ العام 1948 وتضاعف عدد سككها الحديدية، الأمر الذي أدى إلى تقييد السكان العرب الأصلانيين في مسكنهم، وشكل حالة من أزمة سكن في الأحياء المجاورة.

محمد دسوقي

ولا يقتصر التلوث البيئي الذي يعاني منه سكان حي المحطة العرب في اللد، من المصنع فقد تشكل محطة القطار أيضا تلوثا بيئيا من خلال انبعاث جزيئيات كيميائية، وفق وزارة حماية البيئة.

وإثر ذلك، احتج المواطنون العرب في اللد، وخصوصا سكان حي المحطة، مؤخرا، وأغلقوا بوابة المصنع لبضع دقائق احتجاجا على عمل المصنع في الحي، وأكد دسوقي من سكان حي المحطة أنه "تزداد في الفترة الأخيرة روائح كريهة منبعثة من المصنع بشكل متكرر، إضافة إلى الحريق الذي شب داخل المصنع قبل عدة أشهر ولم يعرف مصدره بعد".

وأوضح أنه "في العام الماضي انفجر أحد الأنابيب الذي يمرر الزيوت والمواد الكيماوية من داخل المصنع، الأمر الذي أدى إلى تسرب الزيوت إلى الحي، وتسبب هذا بضرر كبير لنا".

وعن النضال الأخير الذي خاضه أهالي الحي، قال دسوقي إن "هذه التحركات جاءت بعد أن طفح الكيل. نحن لا نريد إغلاق المصنع ونقولها بوضوح، لكننا نريد من المصنع أن يعمل دون أن يسبب ضررا للسكان، وأن يتخذ جميع الإجراءات الواقية من أجل ذلك".

وأضاف أنه "لا يعنينا كيف سيتم ذلك. لا نريد للمصنع أن يحقق أرباحا ومكتسبات على حساب صحتنا. نطالب بأن تختفي هذه الروائح من الحي. في بعض الأحيان الروائح تسبب لنا أوجاعا في الرأس وحالة من الغثيان. نخشى فتح نوافذ البيت لئلا تدخل الروائح. نشعر أننا نعيش في مستنقع للزيوت، ولو كان هذا المصنع يضر حيا يهوديا لأغلق على الفور".

ومن جهته، أضاف منيّر أن "المصنع قديم، أقيم قبل أن يتوسع حي المحطة، وتأثيره السلبي على الناس ليس واضحًا، لأنه من الممكن أن يكون تأثيره منذ أعوام طويلة، ولا يوجد أي فحص لإمكانية الضرر".

غسان منيّر

وأوضح أن "المصنع يُخرجُ من مداخنه روائح كريهة ومواد كيماوية أثبتت بواسطة أبحاث، إذ أنه وجدوا الكثير من الجزيئيات الكيماوية التي تم رصدها من المصنع".

وتساءل منيّر: "هل تم فحص تأثير هذه المواد على صحة السكان العرب الملاصقين للمصنع، هل فحصنا تأثيرها على عدد حالات السرطان ومرض الأزمة، ومشاكل التنفس والرئة وجودة التربة والمياه الجوفية؟".

وأكد عضو اللجنة الشعبية أنه "في كل أسبوع تقريبا نتلقى شكاوى من المواطنين عن انبعاث روائح كريهة جدا من المصنع وخصوصا في ساعات الليل".

وشدد على "أهمية إجراء عملية فحص لتشخيص الأمراض والتلوث في الحي. نريد أن نعلم ما مدى تأثير المصنع على حالات المرض، وكيفية إيقاف هذا التلوث".

وختم منيّر بالقول: "قدمنا استجوابا للوزير من خلال النائب سامي أبو شحادة، وأؤكد أن الوزارة تحركت في هذا الجانب، وطلبوا منا إمهالهم لفحص الأمر. ومن المفترض في الأيام القريبة أن نتلقى جوابا نصيا حول إذا تم فحص الانبعاثات والغازات وتأثيرها على الناس وعلى صحتهم. إذا الجواب كان لا فهذه مصيبة، الأمر الذي يشير إلى إهمال صارخ بحياتنا وصحتنا كعرب، وإذا أثبت أن هناك تأثيرا يبين تخاذل أهالي الحي من أعوام فيجب أن نصرخ ونطلب إجراء بحث علمي جدي في هذا الخصوص، وهناك الكثير من الحلول بالإمكان توفيرها".

هذا، وتوجه "عرب 48" للحصول على تعقيب المصنع، لكن لم يصلنا تعقيبه لغاية الآن، وسننشره إذا ما وصلنا لاحقا.

التعليقات