حيفا: مسح تخطيطي للمحافظة على مبان عربية تاريخية

عروة سويطات: "المصادقة على هذا المسح إنجاز كبير يهدف للحفاظ على ما تبقى من هوية المركز التاريخي العربي الحيفاوي".

حيفا: مسح تخطيطي للمحافظة على مبان عربية تاريخية

أبنية تاريخية في حيفا، اليوم (عرب 48)

صادقت اللجنة البلدية للمحافظة على المباني والمواقع في حيفا، على مسح تخطيطي للمحافظة على عشرات المباني العربية التاريخية في منطقة محاذية لحيّ وادي الصليب والتي تشمل الشوارع "شيفات تسيون" (البرج/ ستانتون تاريخيا) وشارع "همغينيم" (الملك جورج الخامس تاريخيا) والأزقة "الخطيب" و"الموارنة"، والتي تعتبر من أهم ما تبقّى في المركز التاريخي الفلسطيني في حيفا.

وجاء المسح التخطيطي بإشراف قسم المحافظة في البلدية، وبعد أن وضعت اللجنة البلدية للمحافظة على المباني والمواقع في حيفا، مهمة إجراء مسوح معمارية وتخطيطية جديدة للحفاظ على المباني التاريخية في حيفا عامة ومنطقة البلدة التحتى خاصة على رأس سلم الأولويات، وذلك بهدف تحديد المباني والمواقع المعدّة للمحافظة ووضعها في لائحة المحافظة البلدية ومنع هدمها.

ويذكر أن المنطقة التاريخية التي صودقت المحافظة عليها، تعتبر من أهم المواقع التاريخية في حيفا، وهي ما تبقّى من المدينة التاريخية التي أسّسها الظاهر عمر عام 1761 عندما بنى "حيفا الجديدة"، والتي كانت داخل الأسوار التي أحاطت المدينة من ثلاث جهات، بين ساحة الحناطير غربا والجامع الصغير شرقا وشارع ستانتون جنوبا وجامع الجرينة شمالا.

وحدّد المسح التخطيطي، عشرات المباني التاريخية في المنطقة المذكورة، والتي تتسم بأشكال معمارية مختلفة عبر المراحل التاريخية المختلفة التي مرّت على المدينة، مثل الأزقة التاريخية والبناء الفلسطيني المديني في القرن التاسع عشر والمباني التي تأثرت بأساليب معمارية عالمية في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي، وعلى سبيل المثال أقرّت اللجنة البلدية الحفاظ على أبرز المباني التاريخية القائمة في هذه المنطقة وذات جمالية خاصة، وهي كنيسة الموارنة التي أقيمت بين الأعوام 1884 و1890.

ووضع المسح التخطيطي المصادق عليه، تعليمات عامّة للتعامل مع المباني التاريخية في المنطقة المذكورة، خصوصًا منع أيّ هدم للمباني التاريخية الموجودة، وإلزام أي مخطط أو إضافة بناء في المنطقة، العمل وفق تعليمات المحافظة التاريخية بشكل يتناسب مع النسيج المعماري التاريخي المميّز للمنطقة، وكما إعداد مسح معماري شامل للمحافظة على أيّ مبنى، واستخدام المواد الملائمة للعمارة التاريخية فقط، بالإضافة إلى إزالة كافة الإضافات التي أضرّت وغيّرت وشوّهت من شكل المباني التاريخية.

عروة سويطات: "بداية الطريق في تصحيح الغبن التاريخي"

وعقّب مخطط المدن والباحث عروة سويطات، عضو اللجنة البلدية للمحافظة على المباني والمواقع التاريخية في حيفا، كخبير تخطيطي خارجي، بالقول إن "المصادقة على هذا المسح هو إنجاز كبير يهدف للحفاظ على ما تبقى من هوية المركز التاريخي العربي الحيفاوي، خصوصًا أننا فقدنا على مدار عقود الكثير من المباني والمواقع ذات القيمة المعمارية والثقافية والتاريخية، فإرثنا المعماري هو ملك المدينة وأصلها وجزء من كبرياء وانتماء وهوية الناس ومركّب أساسي في جوهر تطوير المدينة وخدمة الأجيال القادمة".

عروة سويطات

وأضاف أنه "تكمن في كل عمارة وبيت تاريخي حكاية شعب بأكمله وتهجير، إذ عانت حيفا على مدار عقود من مخططات أدّت إلى هدم وطمس وتشويه المعالم التاريخية، لذا أعتبر هذا القرار خطوة أولى في تحوّل بسياسات التخطيط البلدية في المركز التاريخي الحيفاوي وجزءًا أساسيا من مسيرة انطلقنا بها في الأشهر الأخيرة بهدف تصحيح الغبن التاريخي قدر الإمكان، لإلزام أي مخطط في هذه المنطقة الاعتماد أولا على قيم المحافظة على تاريخ حيفا العريق وإرثنا المعماري".

وأكّد سويطات في حديثه أن "هذا القرار غير مفهوم ضمنا بتاتا وهو يعبّر عن رسالة واضحة للجميع، أن لا تطوير في حيفا دون الحفاظ على مركزها التاريخي وإرثها المعماري، ولا تخطيط ولا مشاريع بناء في الأحياء العربية التاريخية من دون الحفاظ على الطابع والرونق والهوية والميراث والنسيج المعماري التاريخي، فلن نفرط في أي بيت وأي مبنى تاريخي في حيفا، هذه مسؤوليتي ودوري وواجبي كعضو في اللجنة البلدية للمحافظة على المباني والمواقع في حيفا، لمنع السياسات والمخططات والمشاريع الهدّامة التي سادت في حيفا في السنوات والعقود الماضية".

التعليقات