التعليم عن بعد في زمن الكورونا: 200 ألف طالب عربي بدون حواسيب

وضع فيروس كورونا المستجد جهاز التربية والتعليم في البلاد أمام تحديات مواصلة المسيرة التعليمية، في ظل تعطيل المدارس والانتقال إلى منظومة التعليم عن بعد، إذ أتضح أن المدارس في البلاد عامة وفي المجتمع العربي خاصة غير جاهزة للتعليم عن بعد.

التعليم عن بعد في زمن الكورونا: 200 ألف طالب عربي بدون حواسيب

التعليم عن بعد للطلاب العرب بالمرحلة الابتدائية (عرب 48)

وضع فيروس كورونا المستجد جهاز التربية والتعليم في البلاد أمام تحديات مواصلة المسيرة التعليمية، في ظل تعطيل المدارس والانتقال إلى منظومة التعليم عن بعد، إذ أتضح أن المدارس في البلاد عامة وفي المجتمع العربي خاصة غير جاهزة للتعليم عن بعد.

وتتم مواصلة العمل بموجب منظومة التعليم عن بعد، وذلك على الرغم من المعيقات والتشويشات وعمق الفجوات بين الطلاب والطالبات والعاملين في سلك التربية والتعليم، في مرحلة تجريبية من قبل الوزارة كإطار افتراضي لاحتواء الطلاب والطالبات مع تواصل حالة الطوارئ والإغلاق شبه الشامل.

وكشفت منظومة التعليم الافتراضي عن عمق الفجوة الرقمية بين الطلاب والطالبات من جهة، وبين المعلمين والمعلمات من جهة أخرى، وكذلك الأهالي وأولياء أمور الطلاب، إذ أن القرار بتفعيل مشروع التعليم عن بعد، اتخذ بشكل فوري دون أي فترة انتقالية تحضيرية، ولا حتى على أساس تدريجي، وبدون فحص جدي للوضع من حيث جهوزية المدارس والمعلمين والعائلات، وبدون تحديد أهداف واضحة، وسلم أولويات محدد، وبلورة برامج ملائمة ومحددة وواقعية لهذه الفترة.

الجهوزية للتعليم الافتراضي

على الرغم من عدم الجهوزية للتعليم الافتراضي في حالة الطوارئ، بيد أن إطلاق منظومة التعليم عن بعد وتجربتها واستخلاص العبر من أجل تطويرها مستقبلا، أكدت الحاجة والضرورة لدمج التكنولوجيا الرقمية والتطبيقات المحوسبة في عملية التعليم، إلى جانب إثراء المضامين المحوسبة وتحضير وظائف وامتحانات وبرامج تعليمية مصورة ومحوسبة من أجل مواكبة متطلبات القرن الواحد والعشرين.

33% من الطلاب العرب لا يملكون حواسيب بمنازلهم (عرب 48)

كما أن التجربة أثبتت ضرورة وضع الدراسات وفتح الاستكمالات المهنية والتربوية والورشات للمعلمين من أجل أن ينخرطوا في عملية دمج التكنولوجيا الرقمية في التعليم. ورصد ميزانيات لإعداد خطط ودورات وفعاليات من أجل إقناع جمهور المعلمين الحاليين بضرورة وأهمية التأقلم مع متطلبات المرحلة ومتطلبات القرن الـ21، والمساهمة والمشاركة في إدخال روح التغيير إلى جهاز التربية والتعليم.

ووفقا لمعطيات وزارة التربية والتعليم فإن عدد الطلاب والطالبات في مختلف المراحل التعليمية للعام الدراسي 2019-2020، بلغ 2 مليون و354 ألف طالب وطالبة، بينما يصل عدد الطلاب والطالبات في المجتمع العربي في مختلف المراحل الدراسية 600 ألف طالب وطالبة، علما أنه يعمل في سلك التربية والتعليم 201 ألف موظف.

طلاب بدون حواسيب

أشارت الإحصائيات إلى أن حوالي 33% من الطلاب والطالبات في المجتمع العربي، ويُقدّر عددهم بحوالي 200 ألف طالب وطالبة، لا يملكون حواسيب في منازلهم، كما أن هناك نسبة عالية من الطلاب والطالبات يعانون ويحرمون من التعليم عن بعد رغم امتلاكهم الحواسيب، وذلك بسبب الخلل في البنى التحتية للاتصالات وشبكة الإنترنت، دون أن يكون لهم أي وسيلة أخرى للاتصال بمنظومة التعليم عن بعد.

ويعيش الطلاب والطالبات في القرى العربية، مسلوبة الاعتراف، في النقب ومن أحياء الفقر العربية في المدن الساحلية يافا واللد والرملة وحيفا وعكا ومن والشرائح الفقيرة في المجتمع العربي، وبشكل خاص العائلات التي لديها أكثر من طالب في المدرسة بدون حواسيب وبدون أي وسيلة للاتصال والتواصل، ما يحرمهم من التعليم عن بعد.

عدم جاهزية المدارس

وقال رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، د. شرف حسان، إن "وزارة التربية والتعليم لم تكن جاهزة للتعليم عن بعد بشكل عام في المدارس بالبلاد والمجتمع العربي بشكل خاص، إذ من المفترض أن توفر مثل هذه المنظومة أدنى وسائل الاتصال وعملية التعليم والتواصل بين الطالب والمعلم، لكن كشفت الإشكاليات الكبيرة في تطبيقها".

وأضاف حسان لـ"عرب 48" أن "كل من يراقب جداول البث اليومية لوزارة التربية والتعليم يرى بوضوح الفجوة بين ما يقترح للعرب وما يقترح لليهود. وعلى الوزارة العمل فورا لسد هذه الفجوة، بما في ذلك جودة ما تقترحه هذه القنوات وملاءمته للأجيال المختلفة، والعمل على إيجاد حلول حقيقية لمجموعة كبيرة من الطلاب والطالبات الذين لا يملكون أجهزة حواسيب في بيوتهم".

د. شرف حسان

ورأى رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي أن "المنظومة تغيّب بشكل تام دور الأهالي، ولم تأخذ بعين الاعتبار إشراكهم في العملية التعليمية الافتراضية الأمر الذي عمق المشكلة لدى العائلات، إذ أن المعلم يرسل المضامين للطالب الذي يجد صعوبة في التعامل مع المنظومة المحوسبة وخاصة الطلاب في المراحل الابتدائية، ويلجأ لوالديه للمساعدة دون أن يكون لديهما معرفة تامة وقدرة على مساعدته، ما يتسبب بضغوطات نفسية وحرب أعصاب تحول دون نجاح سيرورة الدرس الرقمي".

فجوات رقمية واجتماعية

ولفت حسان إلى الفجوة الرقمية بين اليهود والعرب وكذلك الفجوات الاجتماعية، مشيرا إلى أن "40% من العائلات العربية تتصفح الإنترنت عبر الهواتف الخليوية، بينما لدى العائلات اليهودية تصل النسبة إلى 70%، فيما يعيش حوالي 50% من العائلات العربية تحت خط الفقر، ما يعني أن حوالي ثلثي الطلاب العرب يعيشون أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة تحول دون قدرتهم الاستفادة من التعليم عن بعد".

ويولي حسان أهمية قصوى لضرورة تطوير وتذويت ثقافة التعليم عن بعد في المدارس العربية، داعيا إلى ضرورة تجهيز المدارس والطلاب والمعلمين والأهالي بالأدوات الرقمية والإرشادات والاستكمالات لتمكنهم من التعامل مع الأجهزة التكنولوجية واستخدام التكنولوجيا المتطورة والتعليم المتزامن بواسطة الإنترنت.

كما شدد على ضرورة دمج المدارس بشكل عملي وفعلي بالعملية التربوية التكنولوجية التي تأخذ بعين الاعتبار القيم والانتماء والهوية التي تمكن صقل شخصية الطالب بما يتلاءم مع عصر العولمة.

التعليقات