جسر الزرقاء: ركام الفقر والتهميش أشدُّ ضراوة من كورونا

جسر الزرقاء تلك البلدة المكتظة سكانيا، ذات المساحة ربما الأصغر والأفق شبه المسدود، يحجزها من الشرق شارع الساحل عن التطور، ومن الغرب البحر، ومن الشمال وادي التماسيح فيما يفصلها من الجهة الجنوبية جدار الفصل الطبقي عن قيساريا، فمنذ عبور النفق

جسر الزرقاء: ركام الفقر والتهميش أشدُّ ضراوة من كورونا

منظر لقرية جسر الزرقاء من جهة شارع الشاطئ ("عرب 48")

جسر الزرقاء تلك البلدة المكتظة سكانيا، ذات المساحة ربما الأصغر والأفق شبه المسدود، يحجزها من الشرق شارع الساحل عن التطور، ومن الغرب البحر، ومن الشمال وادي التماسيح فيما يفصلها من الجهة الجنوبية جدار الفصل الطبقي عن قيساريا، فمنذ عبور النفق الضيق منها باتجاه جسر الزرقاء تنقطع الحداثة إلى واقع الفقر والتهميش.

ذاك الواقع فيه أزقة صغيرة ومنازل يميزها اللون الأزرق، ولا تكاد تمضي بضعة أمتار حتى تكتشف أن البلدة المصابة بانتشار فيروس كورونا المستجد، تعيش حياتها كالمعتاد ولا تكاد تشعر بقيود أي كانت، الحركة وسط البلدة نشطة كالمعتاد، دورية الشرطة الوحيدة في مركز الشرطة الحديث في البلدة تجوب الشوارع، وكأن ذلك مؤشر وحيد لوجود سلطة مركزية للدولة في هذه البلدة.

وتتركز الإصابات الأكبر في جسر الزرقاء داخل عائلتين انتقل إلى أفرادهما عدوى الفيروس عن طريق أحد الأشخاص الذي عمل في بيوت رعاية المسنين والمستشفيات.

في المجلس المحلي، لا يتوقف هاتف الرئيس عن الرنين، هذا عليه أن يخضع للحجر ولا يتوفر له مكان مناسب، وذاك مصاب ينتظر النقل إلى مراكز الحجر الصحي، وبعد تلقي التوجهات تبدأ عملية مواجهة عقبات البيروقراطية لنقل الأشخاص إلى الحجر الصحي، أو المصابين من قبل الجهات الرسمية المناسبة، وكأن المصائب لا تأتي فرادا، ونحن في ديوان رئيس المجلس يأتي خبر اضطرار 7 أشخاص تواجدوا في حافلة تنقل عمالا لمستشفى بوجوب دخولهم بشكل فوري إلى الحجر الصحي، بسبب اكتشاف حالة كانت برفقتهم.

وعن الإصابات، قال رئيس مجلس محلي جسر الزرقاء، مراد عماش، في حديث لـ"عرب 48"، إنه "لدينا 35 إصابة بينها 3 حالات شفاء، ومن بين الحالات المصابة بالفيروس 5 أطفال أصغرهم يبلغ من العمر عامين وأكبرهم 15 عاما، علمًا أن كافة الإصابات وصفت بالطفيفة باستثناء مسنة (82 عاما) بحالة حرجة وهي تتلقي العلاج في المستشفى".

وتابع أن "هنالك 7 أشخاص مصابين يلزمون الحجر الصحي في البلدة ريثما تنظم لهم أماكن بديلة خارج البلدة، غير أن العقبات البيروقراطية لدى الوزارات المعنية تشكل عائقا أمام كبح جماح انتشار الفيروس، فعلى الرغم من دور المجلس المحلي في مواجهة الجائحة غير أننا نعاني من نقص في تزويد المعلومات والتجاوب السريع مع مطالب إخلاء المصابين".

واعتبر عماش "نحن في واقع صعب، في حال لم يلتزم المواطنون وأدركوا ماهية خطورة الفيروس ستكون كارثة كبيرة في جسر الزرقاء، وبدورنا كسلطة محلية نعمل بكل طاقاتنا من أجل سد الاحتياجات، إلا أنها كبيرة جدا، وسط غياب دعم حقيقي جاد من الحكم المركزي، كوننا نحن من يتولى مهام مواجهة هذه الجائحة هنا في جسر الزرقاء، نواجه صعوبات وتحديات كبيرة، لدينا ممثلين عن الشرطة والجبهة الداخلية وبعض المتابعة لوزارتي الداخلية والصحة، ولكن المسؤولية ملقاة على عاتقنا نحن في السلطة المحلية، ولا تتوفر لدينا موارد حقيقية لمواجهة الأزمة، مع ذلك نحاول تجنيد دعم من جمعيات من خارج البلدة، ومطلبنا من الوزارات أولا فك القيود القانونية لمتابعة المعزولين أو المرضى أنفسهم وقد طالبنا بذلك ولم نطالب بأموال أو غيرها، وذلك حتى نتمكن من الوصول إلى المصابين وإخراجهم من البلدة، لكن هذه القيود تحد من قدرتنا على مواجهة الفيروس".

وذكر رئيس اللجنة الشعبية وعضو هيئة مكافحة كورونا المحلية في جسر الزرقاء، سامي العلي، لـ"عرب 48"، أنه "لا يكفي هذا الواقع المرير في جسر الزرقاء، حتى يتبين أنها وصمت بفيروس كورونا، علاوى على وصمة الفقر، فأصبح يُطلب من العمال نتائج فحوصات لهم قبل قبولهم لاستمرار العمل دون حصولهم حتى على فرصة تقديم مخصصات البطالة، بحيث يتم إبلاغهم بعدم الحضور إلى العمل ما لم تتوفر لديهم نتائج فحوصات سلبية في المصانع القريبة من البلدة".

وأشار إلى أن "المصاعب في جسر الزرقاء تكاد لا تنتهي، فمساحة الإغلاق حسب وزارة الصحة هي 100 متر حول المنزل، وجسر الزرقاء طولها 1 كلم وعرضها 1.5 كلم، أي أن محيط 100م من منزل وسط البلدة يعني 40% من مساحة البلدة، هذا هو واقع الحال ولذلك تشعر أن البلدة تعيش حياتها العادية دون إغلاق، عدا عن كون المحلات الحيوية سواء الطبية أو الحوانيت تتمركز وسط البلدة المكتظة جدا، وهذا ما يهدد أكثر فأكثر من انتشار الفيروس بسرعة، وأما أزمة الصيادين فحدث ولا حرج، فمنذ انتشار المرض لا يأتي إلى البلدة أحد لشراء إنتاج الصيادين، وقريبا يطبق عليهم منع الصيد لمدة شهرين لإتاحة تكاثر السمك".

ومن جانبه، قال الصياد يوسف جربان لـ"عرب 48"، إن "أحدا لا يهتم بأمرنا، نحن نترك لنموت بينما تجد الأسماك قانونا ليحميها من الصيد، وكأن حياة الأسماك أهم من حياتنا، فلا تكفينا الأزمة الاقتصادية جراء فيروس كورونا، وعدم منالية تسويق إنتاج السمك في ظل أزمة كورونا، حتى يأتي قانون منع صيد السمك بعد أيام لمدة شهرين، علمًا أن هنالك 20 عائلة تعتمد بالأساس على اصطياد السمك عدا عن نحو 30 عائلة يشكل هذا المصدر دخل مساند لها، هذا هو واقع جسر الزرقاء".

وتطرقت حمامة جميل جربان في حديث لـ"عرب 48"، بالقول إننا "نحاول جاهدين نشر الوعي الصحي بين الناس، خصوصًا الأطفال والنساء، من أجل الالتزام بالتعليمات الصحية، ونحن نواصل تشجيع الناس على ممارسة الرياضة الفردية قدر المستطاع كونها خط الدفاع الأول للجسم، مع زيادة التوعية لسبل الوقاية".

التعليقات