د. غنايم: الحجر الصحي كي ننجو ولا تسمحوا للخوف أن يتملككم

ابتهجت مدينة سخنين وعموم المجتمع العربي، بتعافي مدير قسم العظام في مستشفى بوريا، د. ماجد غنايم، من فيروس كورونا، بعد قرابة شهر من إعلانه الإصابة، بعد أن انتقلت إليه العدوى من ممرضة عملت في القسم.

د. غنايم: الحجر الصحي كي ننجو ولا تسمحوا للخوف أن يتملككم

د. ماجد غنايم (عرب ٤٨)

ابتهجت مدينة سخنين وعموم المجتمع العربي، بتعافي مدير قسم العظام في مستشفى بوريا، د. ماجد غنايم، من فيروس كورونا، بعد قرابة شهر من إعلانه الإصابة، بعد أن انتقلت إليه العدوى من ممرضة عملت في القسم.

وغنايم أحد الاختصاصيين البارزين في منطقة سخنين، عرفته منذ سنوات كمراجع مع والدي في عيادته الخاصة في سخنين. هناك تعرفت إلى ذلك الإنسان صاحب الخلق الطيب. يجذبك بدماثة خلقه وطيبته وتواضعه الشديد، الذي يتغلب على كل اعتبار آخر عنده. فلم يؤثر منصبه الرفيع مديرًا لقسم عظام في مستشفى بوريا أو أنه أحد أهم اختصاصيي كف اليد في البلاد على تصرّفاته. وهو رجل مجتمع وعائلة محبوب جدا في سخنين والجليل عموما، كثر ممن تعالجوا عنده، إمّا في عيادته أو في قسم العظام في مستشفى بوريا، يقدّرون عاليا مهنيّته الطبيّة، ولكن أكثر ما يحب المراجعون الحديث عنه هو د. ماجد غنايم الإنسان الخلوق الطيب، الذي لا يفارق إنسانيته في اللحظات المهنيّة، فيلج قلب المريض ومحبته قبل بدء العلاج.

التقيته، الخميس، في بيته بعد تعافيه من فيروس كورونا، وسألته بعد أنّ هنأته بالشفاء، حدثنا منذ بداية الإصابة.. كيف حدث ذلك؟

بدايةً، أحب أن أوجّه الشكر لكل من اتصل بي وتضامن معي واتصل مشجعًا. أشكر جميع الناس على التضامن والتشجيع والمحبة، بدايةً، إصابتي كانت قبل شهر تقريبا، عادت إحدى الممرضات من الخارج، وعادوا كما يبدو مع فيروس كورونا، وأصيب البعض بالعدوى. بعد إخراجها للحجر الصحي، ورغم اتّباعنا لجميع التعليمات، بما فيها التعقيم والكمامات، ولكن بعد أيام شعر بعض الأطباء بأعراضٍ، فأجرينا فحصا وكنت إيجابيا للفيروس، وباقي الأطباء كانت نتائجهم سلبية. وعليه، خرجنا جميعا لمدة أسبوعين للحجر الصحي، ثم عادوا بعد ذلك للعمل، باستثنائي أنا.

إذًا، تعالجت ذاتيا في البيت، كيف واجهت هذه المرحلة؟

منذ أن علمتُ من المختبر بنتيجة فحصي، دخلت الحجر الصحي والعزل داخل غرفة وحدي، وكانت تجربة صعبة، البقاء وحدك مع احتياطات تعقيم كاملة للغرفة للذات، ومنع التواصل مع أي شخص في البيت. وشاكرٌ لزوجتي المربية أفنان غنايم، التي أشرفت عمليا على مرحلة علاجي وعزلتي، وحافظت عليّ وعلى البيت، وبحمد الله تمكنت من الخروج من هذه المحنة.

ثمن كبير يدفعه الأطباء في هذه الأيام؟

لا شك في ذلك. لم أحلم أن أكون أحد المصابين. قبل إصابتي بنحو أسبوع، كنت أنا من قدّم في صلاة الجمعة درسًا عن فيروس كورونا وسبل الوقاية، وبعد 6 أيام كنت مصابا، ورغم كل الاحتياطات والتعقيم ووسائل الحماية، أصبت في النهاية.

ولذلك، أتوجه لكل الناس، لا تهاون مع الفيروس، اعتَبِرْ كل من يمر مقابلك وحولك بإمكانه أن يكون مصابا، وتعامل على هذا الأساس، لا تهاون مع هذا الفيروس، أبدًا.

ما هي الأعراض التي واجهتها؟

هناك نقطة هامة أودّ التشديد عليها، وبعض الأطباء لا زالوا يقعون في هذا الخطأ، وكأنّ ارتفاع درجات الحرارة هي العلامة الأساسية. أنا شخصيا لم أعانِ، بتاتًا، من ارتفاع درجات الحرارة. ونعلمُ، حسب الإحصائيات، أن 50% فقط يواجهون أعراض ارتفاع درجات الحرارة، ولكن كانت هنالك أعراض أخرى.

يبدأ فيروس كورونا كأي فيروس إنفلونزا: أوجاع مفاصل، سعال جاف، وبعض ضيق التنفس. هذه هي الأعراض التي واجهتها وهي خفيفة، ولكن الفيروس يتصرف مع كل إنسان بشكل مختلف، ولا أحد يعرف كيف يتصرف الفيروس في الرئة، فكل إنسان يختلف عن الآخر، وهذا مرتبط بالجيل، فنحن نعرف كلما تقدم السن كانت الإصابة أصعب، والعامل الثاني الأمراض المزمنة، مثل أمراض السكري، السرطان، الأوعية الدموية. وذلك لأنّ المناعة منخفضة، فالأطفال، مثلا، يمكنهم حمل الفيروس ولا توجد لديهم أعراض بتاتا بسبب جهاز المناعة القوي. في فترة الأعراض تنتابك هواجس خوف، نعلم أنه لا علاج للفيروس فكيف نصنع؟ تبدأ التفكير في مراحل تطور المرض، وقد تدخل إلى نوبات خوف.

من منزله في سخنين (عرب ٤٨)
من منزله في سخنين (عرب ٤٨)

كيف واجهت نوبات الخوف، خاصة وأنّك أصبت في الفترة الأولى من انتشار المرض؟

لا أخفيكم، كانت لدي نوبات خوف بسبب التفكير فقط، والحمد لله، عرفت من البداية أنّها مجرد مخاوف، ولذلك استخدمنا طريقة التواصل الاجتماعي عن طريق التكنولوجيا باستخدام تطبيق محادثة الفيديو مع العائلة، وضخّ أجواء إيجابية للخروج من هذا المأزق، وهذا ساعدني جدًا، وفي مرحلة معينة كنت أخرج من الغرفة إلى الحديقة وحدي لتحريك الجسد، وذلك لتغيير النفسية وممارسة رياضة بسيطة، مع تهوية الغرفة على الدوام، وهذا متّبع حتى في المستشفيات (الضغط السلبي) والعامل النفسي هام جدا، ولقد ساعدتني القراءة، وأنا انسان محب للمطالعة وقراءة القرآن، وكل إنسان وفقًا لإيمانه.

كم استمرت فترة النقاهة للتعافي كليا؟

بعض المرضى قد تمتدّ لديهم الإصابة من أسبوع إلى 10 أيّام. أنا استمرّت لدي 3 أسابيع، وفقط بعد 3 أسابيع، وبعد فحوصات مشوّشة، أجريت أخيرا فحصين متتاليين وكانت النتائج سلبية، ولا أزال حتى الآن ملتزما داخل البيت، وفقا لتعليمات وزارة الصحة. الفيروس لا زال منتشرا، ولا أتعجل لقاء أحد بل أريد السلامة للجميع.

شاركنا لحظة تلقيك نبأ الشفاء الكلي؟

كان الفحص الأول سلبيًا، وأجريته عبر درايف إن وتلقيت الجواب الأول خلال 24 ساعة، أمّا الفحص الثاني، فأجري من خلال نجمة داوود الحمراء، التي كانت في مرحلة تغيير مواد الفحص فتأخرت النتيجة 3 أيام، ولكن بحمد الله وصلني الفحص مطلع الأسبوع في الساعة الواحدة ليلا عبر رسالة نصية، وكانت العائلة نائمة وأيقظت الجميع لتعمّ الفرحة. وتلك الليلة، لم أنم حتى الصباح. ما أودّ الإشارة إليه هنا هو موقف رجال الدين في سخنين، والذين اتخذوا قرار إغلاق المساجد قبل تعليمات وزارة الصحة، واتّبعنا تعليمات وقرارات صعبة لإغلاق المساجد، ولا أبد أن أوجّه شكري لأئمة مساجد سخنين على هذا التجاوب. وكلنا يعلم ما حلّ بمعابد أخرى، لاحقا.

نقبل على رمضان وفي الخلفية أحاديث حول الشهر، ماذا تنصح الجميع؟

نحن نعرف أنّنا مقبلون على شهر رمضان الخير. حتى اليوم تصرفنا بمبالغة في الشراء في رمضان، اللقاءات الاجتماعية، فلعلّ رمضان هذا يغير مفهومنا لرمضان نفسه، بسبب الفيروس، مثل تخفيف المشتريات، تخفيف الطعام الذي كنا نلقي نصفه للقمامة، تخفيف اللقاءات الاجتماعية، فلعل إيجابيّات الفيروس أن يكون رمضان هو السبب لنهاية انتشار الفيروس في بلادنا، إذا التزمنا بتعليمات وزارة الصحة كما يجب. أهلًا وسهلا برمضان وإن شاء الله أن نتّبع تعاليم رمضان كما وجهنا لها رسول الله، بالتواضع، نصوم لنشعر مع الفقير وهي الفرصة لاستغلال رمضان للبقاء في البيت، التعبد قراءة القرآن ونحاول تخفيف الولائم والتواضع وأن يكون رمضان سبب لانتهاء الفيروس.

كيف تنصح المصابين في مواجهة العزلة كمجرب؟

كل مرض لديه دواء، ولكننا مع فيروس لا علاج له ولا تطعيم. وحتى الآن لا نعرف الكثير عنه، ولذلك المواجهة الأولى للفيروس هو الحجر البيت أن نجلس في بيوتنا حتى نتخلص من هذا الفيروس، وإن شاء الله ننتصر في هذه المعركة بحرب العالمية الثالثة بين الإنسان والميكروبات الصغيرة، وإن شاء الله تنتصر الإنسانية.

للمصابين نصائح عينية؟

لا تدع الخوف يتملّكك، املأ وقتك جيّدا، تواصل اجتماعيا بواسطة التكنولوجيا، حافظ على تهوية جيدة في الغرفة، وللعائلات دوركم كبير وهام جدا في إطلاع مريضكم من المرض عبر التواصل التكنولوجي والتشجيع، تغذية سليمة، وهذا هام جدا. أنا أتحدث عن تغذية غنية بفيتامين سي، وشخصيًا استخدمت هذه الأمور وهي ليست نتيجة علميّة، ولكنها تجربتي أشارككم فيها، استخدمت العسل والحامض، الكيوي والبندورة والخضروات عموما، استخدمت زيت حبة البركة وهو مذكور في التاريخ لمعالجة داء الكوليرا، استخدمت الزعتر كثيرًا، أمّا مغلي أو غيره، استخدمت ربّ الزعتر وهو يساعد في تخفيف أورام الحلق والسعال، استخدمت الحديد والفيتامينات، وكذلك السوائل الكثيرة و"الهبوات" المعروفة.

التعليقات