مقبرة الإسعاف في يافا.. "قضيتنا عادلة ووطنية ولن نتراجع عن النضال"

في الشارع الفاصل بين مدينتي تل أبيب ويافا، يبدو الفارق واضحا للعيان، فمن جهة ينعم المستجمون على الشاطئ بأجواء صيفية حارة، ومن الجهة المقابلة وعلى بعد أمتار، يواجه المتظاهرون قنابل الشرطة ويتعرضون للضرب تحت أشعة الشمس الحارقة

مقبرة الإسعاف في يافا..

"لا استخفاف بحرمة مقبرة الإسعاف"

في الشارع الفاصل بين مدينتَي تل أبيب ويافا، يبدو الفارق واضحا للعيان، فمن جهة ينعم المستجمون على الشاطئ بأجواء صيفية حارة، ومن الجهة المقابلة وعلى بعد أمتار، يواجه المتظاهرون قنابل الشرطة ويتعرضون للضرب تحت أشعة الشمس الحارقة.

كان هذا المشهد حاضرا يوم الأربعاء، وسط تل أبيب ويافا، وتحديدا أمام مقبرة الإسعاف، التي انطلقت منها هبة جماهيرية، بعدما شرعت بلدية تل أبيب بنبش القبور تمهيدا لإقامة مشروع سكني للمشردين على أنقاض المقبرة.

وعلى الرغم من قرار المحكمة القاضي بتجميد عمل البلدية في المقبرة حتى الشهر القادم، تبدو الأجواء متوترة في يافا، بعدما تحولت تظاهرات سلمية أمام المقبرة إلى اعتداءات واعتقالات للمتظاهرين من قِبل عناصر الشرطة.


وشهدت مدينة يافا احتجاجات على خلفية أعمال نبش القبور من قبل البلدية، إذ تقود المؤسسات اليافاوية النضال مقابل بلدية تل أبيب منذ عامين، وما جعل الأمور تزداد توتّرًا هذا الأسبوع هو إصرار الأخيرة على تنفيذ المشروع.

ويرى المواطنون والمؤسسات والأحزاب الفاعلة في يافا، أن قرار بلدية تل أبيب بتنفيذ المشروع على مقبرة الإسعاف هو تعدٍ على حرماتهم، وتمهيد لانتهاكات أخرى للمقدسات في يافا.

ولم يُترك الجانب السياسي في يافا فارغا من الأحداث، إذ أعلن عضو بلدية تل أبيب يافا، من قائمة "يافا العربية"، عبد القادر أبو شحادة، استقالته من الائتلاف نتيجة إصرار البلدية على تنفيذ مخطّطها.

ومن جانبه، اعتبر رئيس الهيئة الإسلامية في يافا، طارق أشقر، في حديث لـ"عرب 48"، أن "هذه المؤسسة ظالمة ومجرمة بكافة أذرعها دون استثناء، وبلدية تل أبيب تتعامل كالعصابات، علمًا أن صلاحية أمر البناء الذي تمتلكه منتهية منذ عام، وعلى أثر ذلك أوقفنا عملها في المحكمة، وقد حضرنا إلى مقبرة الإسعاف حتى نتأكد فيما إذا كانت البلدية قد احترمت أمر المحكمة، لكننا قوبلنا بالضرب والقنابل والاعتقالات".

طارق أشقر

وشدد على أنه "لا نعول أبدا على مؤسسات الدولة، إنما على نضالنا الجماهيري كوننا أصحاب حق، ومن هذا المنطلق فإن النضال لم ينته بالرغم من القرار الصادر عن المحكمة بالتجميد لفترة مؤقتة، وعليه فإن البلدية اليوم بمأزق لأننا كشفنا زيف ادعاءاتها وكذبها، وأثبتنا أننا على حق".

وأكدأن "النضال باق ومستمر حتى نحرر المقبرة ومنع نبش القبور، وهنا علينا أن نعي أننا ندافع عن قضية وطنية ودينية ولا مجال للتراجع عنها، كما علينا أن ندرك أنه لا يوجد يسار أو يمين هنا، كل هذه شعارات فارغة، ولا أحد يؤمن بها، فأكثر من أضر بأهالي يافا من خلال تهجير ومخططات يعتبرون أنفسهم محسوبين على يسار الخارطة السياسية".

وحيا أشقر المتظاهرين بالقول "هذه رسالة إلى الأحرار والشرفاء والأبطال الذين شاركوا في هذه الاحتجاجات دون تردد، وحق علينا أن نقبل جباههم".

ورأى عبد أبو شقرة، في حديث لـ"عرب 48"، أن "قضية مقبرة الإسعاف هنا قطرية ووطنية، نريد أن نوقف نبش القبور مهما كلفنا الأمر، وسنسعى من أجل ذلك حتى الرمق الأخير".

عبد أبو شقرة

ولفت إلى أن "الوعي موجود لدى أهالي يافا تجاه هذه القضية، لكننا نريد أن يزداد ذلك الوعي بقدر أكبر، حتى يتضخم التضامن ليكون قطريا وحاشدا أكثر، علمًا أن هنالك تضامنا من كل البلدات ولكن نقول إن ذلك لا يكفي ونحن نعوّل على مجتمعنا في هذا السياق".

ورجح أبو شقرة "إذا مرّ نبش قبور مقبرة الإسعاف في يافا، ستكون كل قبور المسلمين في البلاد عرضة للانتهاك، من هذا المنطلق إذا لم نتكاتف فإننا سنضيع البوصلة".

وذكر عضو بلدية تل أبيب يافا، عبد القادر أبو شحادة، في حديث لـ"عرب 48"، أن "من أسس تواجدنا في بلدية تل أبيب هو الحفاظ على المقدسات في يافا، وهي قضية حساسة جدا، وبدورنا توجهنا إلى البلدية حول هذه القضية وبعدما رأينا عدم تجاوبها في هذا الصدد، قررنا الاستقالة من الائتلاف، سيما وأن البند السادس في الائتلاف يتضمن منع لمس المقدسات العربية، وبالتالي إذا لا تريد البلدية احترام الاتفاقيات فلا يوجد أي سبب يبقينا هناك".

عبد القادر أبو شحادة

وأكمل "لن نسمح للشرطة الاستهانة بشبابنا ونضالنا، فلولا تصرف الشرطة الغبي، لما حصلت كل هذه الأحداث، لكن الشرطة تتعامل بمعادلة من الأقوى هنا بالاعتداءات والاعتقالات".

وحول الأدوات المتاحة لمنع نبش القبور وتنفيذ مشروع البلدية، أنهى أبو شحادة بالقول "في نهاية المطاف فإن الميدان هو الأداة التي يمكننا أن نحقق بها مرادنا، ولا أتحدث عن تظاهرات رفع لافتات فقط، إنما إغلاق شوارع مركزية، عندها ستصل الرسالة إلى الآذان المطلوبة".

التعليقات