العام الدراسي الجديد.. إخفاقات واستنتاجات في ظل كورونا

في الوقت الذي تستعد فيه المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد 2020-2021، تبدو عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة معلقة بيد مستجدات فيروس كورونا المستجد، سيما وأن الجهات المعنية تواصل العمل من أجل تجاوز الأضرار التي لحقت بالطلاب في السنة الدراسية الماضية.

العام الدراسي الجديد.. إخفاقات واستنتاجات في ظل كورونا

توضيحية (أ ب)

في الوقت الذي تستعد فيه المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد 2020-2021، تبدو عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة معلقة بيد مستجدات فيروس كورونا المستجد، سيما وأن الجهات المعنية تواصل العمل من أجل تجاوز الأضرار التي لحقت بالطلاب في السنة الدراسية الماضية.

ومن جهتها، أعلنت وزارة المعارف افتتاح العام الدراسي كالمعتاد في الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، فيما أوصت وزارة الصحة إرجاء القرار الأخير بهذا الخصوص إلى الأسبوع الأخير من الموعد المحدد لعودة الطلاب.

حسان: "لنتجاوز أخطاء السنة الدراسية الماضية"

وبدوره، استعرض رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، د. شرف حسان، إشكاليات التعليم في ظل جائحة كورونا، لـ"عرب 48"، قائلا "بداية علينا التأكيد أن مصلحة مجتمعنا تكمن في عودة الطلاب للمدارس وذلك وفق بناء برنامج ملائم للظروف الحالية، علمًا أن طلابنا خسروا الكثير في العام الدراسي الماضي وعلينا العمل على جميع المستويات من أجل تفادي أي خسارة أخرى لهم في العام الدراسي المقبل، فهذا من أجله أن يشكل ضربة قوية للتعليم العربي على المستويين الشخصي والعام".

وأشار إلى أن "هناك جهود تبذل على صعيد السلطات المحلية وهي مباركة وضرورية، إذ أن الخطة التي عرضها وزير المعارف لا تلائم بجميع مركباتها وضع مجتمعنا واحتياجاتنا، من هذا المنطلق نطالب بملائمتها".

د. شرف حسان

وأضاف "عدم الملائمة هو بسبب نقص في الغرف التدريسية وعدم نجاح التعلم عن بعد في ظل عدم توفر الحواسيب والحد الأدنى من الشروط لنجاحه، إذ أن وزارة المعارف اعترفت بالنقص في الحواسيب ورصدت ميزانية لسد الاحتياجات لكن للأسف هذا لن يكون مع بداية العام الدراسي القريب وسيتطلب ذلك عدة أشهر".

وشدد "يجب وضع خطة مرحلية واقعية تضمن عودة الطلاب وأمنهم هم ومعلميهم في المدارس، لا بأس من التفكير خارج الصندوق واقتراح بدائل بإمكانها تجاوز هذه المشاكل مثل تفعيل المدارس في كافة أيام الأسبوع وفي ساعات ما بعد الظهر وكذلك استعمال طرق وقائية إضافية بالذات في الصفوف الأولى والثانية حيث سيتعلم جميع الطلاب في نفس الصف بالذات إذا كانت مساحة الصف ضيقة، ففي المدارس الأهلية عدد الطلاب أكبر من المعدل أو المسموح به في المدارس الرسمية، وبالتالي يجب تقسيم الصف إلى مجموعات أصغر".

وأكد "الدمج ما بين التعلم عن بعد والتعليم في المدرسة يخلق فرصا جديدة، إذ أن العلاقة بين المعلم والطالب تخلق فرصا جدية للتعلم وتوفر الدعم النفسي للطالب وهذا جيد".

وتطرق حسان حول الطلاب في القرى غير المعترف بها، بالقول "على وزارة المعارف توفير التعليم للطلاب في بلداتهم، إذ إن طلابنا في القرى غير المعترف بها لم يعودوا إلى المدارس منذ آذار/مارس الماضي وهذا كارثي للتعليم العربي في النقب، لذا الحكومة مسؤولة عن هذا الوضع لعدم بناء مؤسسات في القرى غير المعترف بها".

وأوضح "كان واضحا منذ البداية أن التعلم عن بعد بالشكل الذي تبنته وزارة المعارف لم ينجح في ظل عدم امتلاك أكثر من 140 ألف طالب للحواسيب فضلاً على مشكلات البِنَى التحتية في مجتمعنا العربي وعدم تأهيل المعلمين وتحضير الأهل ونقص المضامين التربوية باللغة العربية وغيرها من المشاكل".

وعدّ أن "مجتمعنا العربي دفع ثمنا باهظا في العام الدراسي السابق وبالأساس أكثر من ثلثي الطلاب الذين ينتمون لعائلات تعيش تحت خط الفقر، فما خسره الطلاب بالذات يصعب تعويضه في معظم الحالات وسيكون لذلك أثر على مستقبلهم وله تداعياته على مجتمعنا من حيث التسرب والعنف وتعميق الفجوات بين العرب واليهود في البلاد".

ولفت إلى أنه "قمنا منذ بداية الأزمة بإجراء مسح شامل للاحتياجات وبناء على ذلك التمسنا للمحكمة من طريق مركز عدالة وطرحننا الموضوع بواسطة نواب القائمة المشتركة الذين يعملون بشكل ممتاز في هذا المجال وكذلك بالضغط على الوزارة بشتى الوسائل، وفي هذه المرحلة هناك إقرار بالاحتياجات واتفاق حول الميزانيات ولكن لأسباب مختلفة لن تقوم الوزارة بتوفير الاحتياجات مع بداية العام الدراسي القريب وسيأخذ ذلك عدة أشهر، من هذا الباب مطلوب اتباع وسائل جديدة للتعليم في هذه الظروف لا تعتمد حصرا على الحواسيب، إذ إن الدمج ما بين التعلم من المدرسة والتعلم من البيت يفسح المجال لدمج عدة وسائل تعليمية لا تقتصر على التعليم في الحواسيب".

وختم حسان بالقول إن "مجتمعنا شهد في الحِقْبَة الأخيرة حالة من الفوضى وعدم الالتزام بالتعليمات ما أدى إلى زيادة عدد المصابين بفيروس كورونا في عدة بلدات منها دخلت القائمة الحمراء، ما قد يفرض عليها الإغلاق لذا سيخسر الطلاب الكثير بسبب عدم افتتاح المدارس في بلداتهم، ومن هنا أوجه نداء للجميع بالالتزام بالتعليمات من أجل الحد من انتشار الفيروس وتهيئة الظروف لعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة، لا سيّما وأن الحل يكمن في ملاءمة الخُطَّة الحكومية لظروف مجتمعنا العربي وإعطاء صلاحيات ودعم كافي للسلطات المحلية من أجل بناء خطط محلية حسب ظروف كل بلدة، إذ إن عودة الطلاب للتعليم يجب أن تتحول إلى هدف لكل مجتمعنا ولذلك يجب أن تبذل كافة الأطراف المسؤولة بالتعاون مع الأهالي والهيئات العربية الجهود المطلوبة لتجدد التعليم وتخطي كافة الصعوبات".

أبو عصبة: إخفاق وفشل

وذكر المحاضر والباحث في العلوم الاجتماعية التربوية، بروفيسور خالد أبو عصبة، لـ"عرب 48"، أن "التجربة أظهرت حتى الآن عدم الاستعداد لمواجهة الأزمات في قضايا خدماتية عدّة في ظل كورونا، ومن ضمنها الجهاز التعليمي على مستوى إسرائيل عمومًا، وعلى مستوى المجتمع العربي بشكل خاص".

بروفيسور خالد أبو عصبة

وتابع "إحدى تجليات العجز في المواجهة هو التخبط الحاصل في اتخاذ القرارات وعدم اتباع خُطَّة واضحة المعالم في التعامل مع الجائحة، أما بخصوص العملية التعليمية، فحتى اليوم ورغم أننا على عتبة أبواب افتتاح السنة الدراسية الجديدة، لم يتخذ قرار نهائي بالنسبة لموعد افتتاح السنة الدراسية، إذ لم يحدد حتى هذه الساعة ما إذا كانت السنة الدراسية ستفتتح في موعدها أو بعد الأعياد اليهودية، وإذا كانت الإجابة بأنها ستفتتح في موعدها فلأي أجيال؟"

ونوه بالقول إن "تجرِبة الفصلين الثاني والثالثة (من بداية شهر آذار/ مارس ولغاية نهاية شهر حزيران/ يونيو) من السنة الدراسية الماضية، يمكن تلخيصها بأنه كان هناك إخفاق كبير من حيث إعداد الطواقم التعليمية وتأهيلها للعمل مع الطلاب عن بعد، كما كان هناك فشل ذريع في مشاركة الطلاب بالعملية التعليمية في مناطق جغرافية واسعة في المجتمع العربي، وذلك لعدم توفر شبكة تكنولوجية للقيام بهذا النوع من التعليم عن بعد، فقد أشارت المعطيات وفق وزارة المعارف نفسها، بأن 40% من الطلاب العرب لم يشاركوا في العملية التعليمية، ناهيك عمن شاركوا ولم يُحصلوا من التعليم ما متوقع فيما لو كانت الظروف عادية، والسؤال هنا من يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق؟ ومن يجب أن يُساءل عن سببه؟".

ورأى أنه "يحتم الواجب على من تقع عليهم المسؤولية، العمل في هذه السنة على تفادي الإخفاق الذي حصل في سابقتها، وهذا الأمر يتطلب على المدى القصير استثمارا ماديا مكثفا من قبل الحكومة، إذ يستطيع الطلاب نيل استحقاقهم وحقهم الأساسي في التعلم أسوة بباقي الطلاب في البلاد، فمن غير المنطقي الادعاء بأن الأمر يتطلب وقتا كبيرا للقيام به، أما على المدى البعيد فيجب الاستثمار بالكوادر البشرية من المعلمين بكل ما يتعلق بالمعرفة والمهارات في استخدام التكنولوجيا كأساس في التعلم حتى بعد انتهاء جائحة كورونا، كما يجب العمل إلى تأهيل الأهالي ليتمكنوا من مساندة أبنائهم في العملية التعليمية، كل ذلك يجب أن يتم وفق خُطَّة عمل شمولية قابلة للتطبيق، مع ضمان موارد وقوى بشرية لتنفيذها على المستوى العام وعلى مستوى البلدات العربية والمؤسسات التعليمية".

وختم أبو عصبة بالقول إنه "علينا أن ندرك بأن من الواجبات الأساسية للعملية التعليمية إعداد جيل يجيد التعامل مع متطلبات العصر، ومتطلبات مستقبل يكتنفه الغموض بسبب سرعة التغيرات والتطورات التكنولوجية، لذا وإلى جانب التركيز على المعرفة والمهارات في استخدام التكنولوجيا، علينا التركيز أيضًا على بناء إنسان قادر على التكيّف للمتغيرات، هذا من الممكن أن يحدث إذا توفرت الظروف والعوامل المناسبة لذلك وأولها إعداد المعلم المستقبلي وفق رؤيا تربوية وشروط أخرى أقلها توفير الآلية للقيام بذلك، ألا وهي شبكة تكنولوجية عصرية على مستوى البلدات العربية تكون في خدمة الطالب والمعلم والأهالي".

التعليقات