الناصرة في ظل كورونا: أوضاع اقتصاديّة صعبة قد يفاقهما الإغلاق الشامل

تخضع الناصرة لإغلاق ليلي تغلق خلاله المصالح التجاريّة في المدينة، ما شكّل ضربة اقتصادية للمدينة التي تعتمد على السياحة والمطاعم والفنادق، لكنّ هذه الضربة، وفق الأهالي، ستشتدّ الأسبوع المقبل مع الإغلاق الشامل.

الناصرة في ظل كورونا: أوضاع اقتصاديّة صعبة قد يفاقهما الإغلاق الشامل

أحد المطاعم في الناصرة (عرب 48)

تخضع الناصرة لإغلاق ليلي تغلق خلاله المصالح التجاريّة في المدينة، ما شكّل ضربة اقتصادية للمدينة التي تعتمد على السياحة والمطاعم والفنادق، لكنّ هذه الضربة، وفق الأهالي، ستشتدّ الأسبوع المقبل مع الإغلاق الشامل.

ويقول التجار لـ"عرب ٤٨" إن الإغلاق الشامل لا يقتل فقط المصالح الضعيفة التي توشك على الانهيار، وإنّما يدمّر مصالح ربحيّة قائمة منذ عشرات السنين ومتينة، لم تكن تهتز في الأزمات وفي الحروب وفي المواسم الضعيفة.

هذا هو حال الأوضاع الاقتصادية السائدة اليوم في مدينة الناصرة، المصنّفة "حمراء" على شارة منسّق مكافحة كورونا، بروفيسور روني غمزو، الضوئية، وهذا هو حال مصالحها التجارية التي لطالما ناشدت المسؤولين في مواقع اتخاذ القرار بدعمها ومد يد العون لها بعد أن باتت، في غالبيتها السّاحقة، لا تتحرك إلا بمساعدة "عكّاز" من مدّخرات هنا وهناك أو من عائدات عقار أو استثمار اضطر صاحبه لبيعه من أجل تزويد مصلحته ببعض الأكسجين ريثما تمر هذه الجائحة التي لا تبعث على أي أمل بانفراج وشيك. بل على العكس، فإنها تواصل شدّ حبالها لتخنق الاقتصاد المحلي حتى الموت.

الناصرة (عرب 48)

وبمعزل عن الحديث عن الحركة السياحية المشلولة كليا في المدينة، والتي يبدو خلالها كل من هو غير عربي، سواءً كان تاجرًا أو موزعَ بضائع أو تقنّيًا جاء ليقدم خدمة للزبائن بأنه "سائح" محلي لكي يعزّوا أنفسهم بالقول إن هنالك "سياحة داخلية" قادمة إلى الناصرة، لكن الواقع المعاش هو أصعب من أن يوصف بالكلمات، ومن بين أصحاب المصالح من يعتقدون بأن الإغلاق الشامل الذي يلوح في الأفق، إنّما هو الضربة القاضية أو القشة التي ستقصم ظهر البعير.

ويقول إلياس توفيق شاما، وهو صاحب "كاكتوس" - أقدم محلّ أثري لبيع التحف والتذكاريات في منطقة عين العذراء بمدينة الناصرة، ويتجوّل فيه السيّاح لمشاهدة معالمه اليونانية والرومانية القديمة، لـ"عرب ٤٨" بمختصر الحديث وصريح العبارة "الحركة التجارية والسياحية لم تكن بأفضل حال حتى قبل جائحة كورونا، فقد كانت ضعيفة بوجه عام، والآن جاءت كورونا لتقصم ظهر البعير".

وتابع شاما أنّه "من أجل صيانة هذا الموقع الأثري المميّز، والذي يصنف بين أهم المواقع الأثرية في الناصرة إن لم يكن أهمها على الإطلاق، اضطررتُ لبيع عقار كبير مؤلف من سبع طبقات في إحدى الدول في خارج البلاد"، وأضاف "أعتمد على السياحة الداخلية والخارجية وتعقد يوميا جولات سياحية مثيرة وغنية بالمعلومات هنا في هذا المكان، لكن حالة الشلل التي أصابت المدينة تجعلني اليوم أجلس أمام المحل واضعا رجلا فوق رجل من الصباح حتى المساء".

عرب 48

وبالحديث عن تعويضات تعطل مصلحته بشكل شبه كامل، يقول إنّه في التعويضات الأولى في آذار/ مارس ونيسان/أبريل الماضيين، لم يحصل على قرش واحد، في حين أنه في الدفعتين اللتين تلتاها حصل على مبالغ زهيدة تكاد لا تسد ثمن فاتورة الكهرباء!!

وسام جبالي، وهو صاحب أعرق وأشهر محل لبيع الفلافل في الناصرة منذ ما لا يقل عن 50 عاما، وتوارثت عائلته هذه المهنة أبا عن جد، يقول لـ"عرب ٤٨" إنّ وتيرة العمل في محله تراجعت إلى النصف (أي بنسبة 50%) منذ بداية الجائحة، الأمر الذي جعله يتخلى – مرغمًا – عن عدد من العاملين في المحل.

وأضاف جبالي أنّ المصالح في مدينة الناصرة كلها مرتبطة ببعضها البعض بشكل أو بآخر وأنّها تعتمد بالأساس على الحركة النشطة أو الضعيفة بالبلدة عامة، لذلك، يقول، "إن إغلاقًا جديدًا ستكون نتائجه سيئة للغاية، ولربّما كارثية على بعض المصالح في المدينة، فالضربة الأولى كانت مؤلمة جدا، ومن بعدها لم تعد الحركة إلى طبيعتها وما زال هنالك تخوف لدى بعض الناس من الدخول إلى المطاعم، وضربة ثانية الآن قد تجعل الأحوال أكثر سوءًا إنْ لم تكن قاضية".

الإغلاق الليلي في الناصرة (عرب 48)

وعن الإغلاق الجزئي أو الليلي الذي فرض على المدينة منذ أيام، يقول وسام إنّه "في المساء يقتصر عمل المحل على الإرساليات، ولكن ليس بمقدور كل شخص اليوم تحمل عبء الإرسالية الذي يتراوح بين 20 – 30 شاقلا، من أجل أن يحصل على رغيف فلافل، الذي لا يتعدى سعره الثمن الذي يدفع مقابل الإرسالية".

وكذلك عبدو عبدو، وهو واحد من قدامى التجار على الشارع الرئيسي، وصاحب محل للأكل السريع يقع على المقطع الموصل بين حي النمساوي وعين العذراء، لم يكن موقفه مغايرا عن موقف سائر تجار المدينة.

وقال عبدو لـ"عرب ٤٨" إنّ كل المصالح في المدينة تضررت بدون استثناء، ولو أردت أن أصف لك الحال اليوم بكلمة واحدة أقول لك إنه "الدمار".

وأضاف عبدو "من حسن حظي أنّ المحل هو ملك لي، وأعمل فيه بنفسي، ولو كان يتوجب عليّ مقابل إيجار ومقابل عمال لكنت قد أغلقت المصلحة منذ زمن"، وتابع "في الموجة الأولى اضطررت للإغلاق مدّة 45 يوما، وكان أثر هذا الإغلاق كارثيًا، وها هو شبح الإغلاق يعود ليخيم فوق أجواء المدينة وربما البلاد كافة، فإذا كنت أنا صاحب المصلحة الصغيرة التي تبيع الأكل السريع بثمن زهيد قد تضررت بشكل كبير فما بالك بأصحاب المصالح الكبيرة".

التعليقات