جرائم قتل النساء.. "لا للسكوت والتقاعس"

تحت شعار "من الأول تسكتوش"، أطلقت جمعية "نساء ضد العنف" حملة خاصة تدعو إلى رفض العنف ضد المرأة وإيقافه في تجلياته الأولى ومنذ ظهور علاماته، وذلك من خلال تصوير مواقف عديدة تستوجب التدخل قبل الوصول إلى حد ارتكاب جرائم قتل

جرائم قتل النساء..

"لا للعنف ضد المرأة": معرض رسومات في يافة الناصرة، اليوم

تحت شعار "من الأول تسكتوش"، أطلقت جمعية "نساء ضد العنف" حملة خاصة تدعو إلى رفض العنف ضد المرأة وإيقافه في تجلياته الأولى ومنذ ظهور علاماته، وذلك من خلال تصوير مواقف عديدة تستوجب التدخل قبل الوصول إلى حد ارتكاب جرائم قتل.

وتحاول الحملة تسليط الضوء على ممارسات العنف ضد المرأة منذ بدايتها، سواء كان من خلال المقولات التقليدية أو من خلال تقبل التمييز والسيطرة والحد من حرية النساء، وصولا إلى السكوت على العنف الكلامي والجسدي، في كل تلك المواقف التي تمر مرّ الكرام في التربية اليومية للأطفال، في السلوك اليومي في البيت والحي والمدرسة، بالإضافة إلى المواقف التي يتم فيها تقبل العنف الموجه ضد الطفلة والفتاة والأم والزوجة والخطيبة أو الأخت من قبل أي طرف كان في حياتها، واستغلال الفرصة لوضع حد للعنف قبل استفحاله.

نائلة عواد

عواد: يجب محاسبة المسؤولين وإن كانوا قضاة!

وبهذا الصدد، قالت مديرة جمعية "نساء ضد العنف"، نائلة عواد، لـ"عرب 48"، إن "تعامل المؤسسات الحكومية بما فيها القضاء والشرطة والنيابة العامة غير الجدي والمسؤول يمهّد للجريمة القادمة، ويعطي الضوء الأخضر لكل مجرم أن ينفذ جريمته في تعنيف النساء دون حسيب ولا رقيب، وبالتالي فإن الأحكام المخففة وعدم إصدار أوامر إبعاد من البلدة كلها تخدم مصلحة الرجل على حساب الضحية، فلا يعقل أن تطلب النيابة العامة إبعاد الزوج عن منزله لمدة 45 يوما وإبقائه في المدينة، وفي المقابل يكتفي القاضي بإبعاده لمدة 5 أيام فقط".

وتساءلت "كيف يكون هناك أمر إبعاد حماية لامرأة من شخص معروف بخطورته ويتم التعامل معه بهذا الاستهتار؟ هذا استهتار بحق المرأة في العيش بكرامة وأمان، وهذا القرار كان ثمنه باهظا جدا وبالتالي خسرنا وفاء عباهرة ولم تعد تعيش بيننا".

وأضافت "من هنا نوجه صرخة عالية وندعو إلى محاسبة هؤلاء القضاة من قبل جهاز القضاء، ويجب على هؤلاء القضاة أن يجتازوا دورات استكمال حقيقية تشمل مسارا خاصة بالمرأة المعنفة وما تمر به من إشكاليات في البيئة المحيطة بها وحالة الضغط والأزمة النفسية التي تلاحقها والأثمان التي تدفعها المرأة حتى بعد أن تصل إلى أجهزة القانون وتقدم شكوى، فإنها تدفع ثمن ذلك غاليا، ناهيك عن أن الغالبية العظمى من النساء المعنفات لا يتوجهن للشرطة".

وشددت على أن "الإحصائيات أثبتت بأن نحو 50% من النساء اللاتي تعرضت للقتل كن معروفات لأجهزة الدولة وأقسام الشؤون الاجتماعية لكن أحدا منهم لم يقرأ العنوان الذي كان مكتوبا على الجدار".

وختمت عواد بالقول "لماذا لم تتوفر الحماية لتلك النساء؟ ولماذا لم تكن هنالك محاسبة للجهات التي قصرت في حمايتهن؟ وبالتالي يجب محاسبة الأشخاص الذين تابعوا قضاياهن وأن يحاكموا وإلا فإن التقاعس سيبقى سيد الموقف".

محمد زيدان

زيدان: الحساسية الثقافية مرفوضة

وذكر الناشط الاجتماعي ومدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان سابقا، محمد زيدان، لـ"عرب 48"، أنه "لا شك أن واحدة من أهداف العقاب المفروض على الجريمة يتجاوز إدانة المجرم وعقابه، إلى إضفاء عملية ردع أيضا على المستوى العام، وتحقيق ما يشبه حماية الحق العام والمجتمع من خلال الردع الذي يهدف إلى التقليل من احتمالية ومستوى الجريمة في المجتمع، وبالتالي فإن المساحة التي يتحرك فيها القضاء تتجاوز الاقتصاص من المجرم وحماية الضحية إلى المستوى العام المجتمعي".

ولفت إلى أن "الحكم يبقى متأثرا بالنظرة المجتمعية التي كثيرا ما ترى أن العنف صفة "ثقافية" لمجتمع ما، وبالتالي تتساهل معه أو حتى بالسيناريو الأسوأ وهو أن يحمل القاضي نفسه آراء نمطية أو أفكارا مسبقة حول تعريف العنف وطبيعته وخصوصا العنف ضد النساء وبالتالي تكون الأحكام الصادرة في محكمته خاضعة لتلك الرؤية وذلك التحليل".

ورأى زيدان أن "الجهاز القضائي في إسرائيل على ما يبدو لا يبتعد في نظرته الاستشراقية والذكورية التي المجتمع الإسرائيلي عموما، خصوصًا تجاه المجتمع العربي الذي يتساهل مع مظاهر العنف عموما والعنف الأسري خصوصًا ضد المرأة والمجموعات المهمشة، ويمكن ملاحظة هذه النظرة من خلال التفاوت الواضح في التشدد الذي تبديه المحاكم الإسرائيلية بالتعامل مع قضايا تعتبرها ضمن "العنف الممنوع" خصوصًا تلك المتعلقة بالنشاطات السياسية أو التظاهرات، في حين تتساهل مع قضايا العنف المجتمعي والعمل على "حماية وحدة العائلة" أو "الإصلاح" في القضايا التي ترتبط بالعنف ضد النساء".

وأنهى زيدان بالقول "القضاة هم أبناء وبنات المجتمع وهم يحملون أفكارهم المسبقة وأنماطهم الاجتماعية، وبالتالي فإن عملية التغيير يجب أن تشمل تغيير الأفكار المسبقة، ليس في المجتمع وحده، وانما في مختلف المؤسسات القضائية والشرطة والنيابة العامة، وكافة المنظومات التي تتعامل مع قضايا العنف بشكل او بآخر".


كيان: حملة جديدة لمناهضة العنف ضد النساء

وفي السياق ذاته، من المقرر أن تنطلق يوم الاثنين القادم فعاليات حملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء" في عدة بلدات عربية، إذ انطلقت الحملة يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر تزامنا مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، على أن تختتم يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر وهو اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وتدير الحملة في البلاد جمعية كيان- تنظيم نسوي منذ 6 سنوات؛ في هذا العام وتزامنا مع الحملة العالمية تواصل الجمعية فعاليات الائتلاف الذي يجمع جمعيات عربية حقوقية ونسوية في حملة ضخمة تحت شعار "تخليهاش بالقلب" ضد جميع أشكال العنف التي تواجهها النساء، التي شهدت زيادة مؤلمة خلال العام الجاري 2020؛ بعدما قتلت 15 امرأة وشابة عربية في المجتمع العربي منذ مطلع العام؛ ورغم تتالي فترات الإغلاق والحجر وإجراءات الطوارئ الصحية، لم تتوقف التوجهات إلى خطوط الدعم والمساعدة وملاجئ النساء المعنفات من قبل الكثير من النساء في دائرة العنف.

ويجري الائتلاف خلال الحملة نحو 30 نشاطا وفعالية توعوية واحتجاجية في المدارس والشوارع والمراكز الجماهيرية في البلدات العربية على مدار أسبوعين، إلى جانب حملة إعلامية في شبكات التواصل الاجتماعي تخاطب النساء من خلال مقاطع متنوعة ورسائل إعلامية تعرّف بأشكال العنف التي أبرزتها فترة جائحة "كورونا"، كالعنف النفسي والاقتصادي وما بعد الانفصال والعنف الموجة لصاحبات الإعاقات وغيرها.

وتناشد الحملة برسالتها الرئيسية ضحايا العنف بالإفصاح والمشاركة بدل الكتمان، وتوفر عناوينا مهنية آمنة لتوجهات النساء في هذه القضايا؛ وانطلقت الحملة من إيمان بأن وعي النساء لما يتعرضن له من عنف بأشكاله المختلفة هو الخطوة الأولى للخروج من هذه الدائرة القاتلة، والمشاركة بدل السكوت هي الخطوة الثانية والأهم، آملا أن تساهم حملة "تخليهاش بالقلب" برفع هذا الوعي والحد من العنف ضد النساء.

ورأى الائتلاف أن نجاح هذه الحملة يكمن في مشاركة الجمهور الواسعة وإثارة اهتمام المجتمع بهذه القضية التي تعاني الإهمال القاتل، ومن هذا المنطلق نناشد كل الناشطات والناشطين والجمهور العربي في البلاد بالاطلاع على برنامج الحملة والمساهمة في إنجاحها.

هذا، ويضم الائتلاف 13 مؤسسة هي: كيان- تنظيم نسوي، مركز الطفولة، الزهراء للنهوض بمكانة المرأة، جمعية انتماء وعطاء، مركز عدالة، مدى الكرمل، جمعية تشرين، معا- منتدى النساء العربيّات في النقب، جمعية الجليل، منتدى الجنسانية، عروس البحر، مركز إعلام ونعم- نساء عربيات في المركز. إضافة إلى مشاركة منتدى جسور النسائي القطري والمجموعات النسائية المحلية، التي تعمل بالتعاون والتنسيق مع جمعية كيان، وتنظم عشرات الفعاليات الميدانيّة والبرامج في البلدات العربيّة.

التعليقات