مخطط سكة القطار يتهدد أراضي نحف

يتهدد مخطط سكة القطار من مدينة كرميئيل، التي أقيمت عام 1964 على أراض صادرتها إسرائيل من قرى عربية (البعنة ودير الأسد ومجد الكروم ونحف)، إلى مدينة كريات شمونة، التي أقيمت عام 1949 على أنقاض قرية الخالصة.

مخطط سكة القطار يتهدد أراضي نحف

منظر عام لنحف (عرب 48)

يتهدد مخطط سكة القطار من مدينة كرميئيل، التي أقيمت عام 1964 على أراض صادرتها إسرائيل من قرى عربية (البعنة ودير الأسد ومجد الكروم ونحف)، إلى مدينة كريات شمونة، التي أقيمت عام 1949 على أنقاض قرية الخالصة بعد تدميرها وتهجير أهلها عام 1948، مئات الدونمات من أراضي نحف في هذه الأيام.

وتسود حالة من السخط والغضب بين أصحاب الأراضي في نحف، بعد الكشف بشكل مفاجئ عن المخطط لتمرير خط سكة الحديد من الأراضي الزراعية الخاصة. وتباشرت اللجنة الشعبية والقوى السياسية الفاعلة في القرية بالتباحث والتشاور حول سبل مواجهة هذا المخطط وطرح مقترحات بديلة.

وقال الناشط السياسي، يوسف سعيد، لـ"عرب 48" إن "هذا المخطط قُطري يدعى ‘رقم 217 خط سكة القطار كرمئيل- كريات شمونة’. تسعى السلطات الإسرائيلية بهذا المخطط القُطري إلى سلب ما تبقى من أراضي قريتنا نحف الزراعية المحاذية لشارع 85 (عكا- صفد) من الجهة الشمالية. وسيتم بتنفيذ هذا المخطط الخطير مصادرة أكثر من 600 دونم من أراض زراعية في مناطق البحرة واللوح وحقل المغارة والسلطانة والوكور وأبو السماسير إذ ستتحوّل هذه المساحات من الأراضي الزراعية إلى منطقة عامة مفتوحة، تخضع لسلطة ونفوذ مخططي سكة الحديد، وليس لأصحاب الأراضي أي سلطة ونفوذ عليها ما يعني مصادرتها من أصحابها".

وأضاف أنه "على ما يبدو، لم يكتفوا بما صودر من أراضي القرية لإقامة مدينة كرميئيل ومنطقتها الصناعية التي ابتلعت آلاف الدونمات من أراضي قرى الشاغور، بل يطمعون بمصادرة آخر ما تبقى من أراضينا بذريعة إنشاء مشروع سكة القطار على حساب أرضنا".

يوسف سعيد

وختم سعيد بالقول: "نحن أبناء قرية نحف سنعمل كل ما بوسعنا وبوحدة من أجل التصدي لمصادرة الأرض، وسنستخدم بكافة الوسائل المتاحة، الشعبية والقانونية، لدحر هذا المخطط الخطير".

وقال رئيس اللجنة الشعبية في نحف، المحامي جمال فطوم، لـ"عرب 48" إن "هذه المنطقة التي نتحدث عنها محاذية لشارع عكا- صفد، جنوب قرية نحف، وهي جزء من المخطط الشامل الذي يستهدف أراضينا. المستغرب أن كل هذا المخطط سيمر من أراضي نحف بالكامل علما أن مدينة كرميئيل قائمة أصلا على أراضينا ومعظمها أراضي تابعة لقرية نخف تم مصادرتها في العام 1965، ناهيك عن أن هناك ما تسمى ‘أراضي دولة’ بالإمكان استخدامها لهذا المشروع".

وأضاف أن "السلطات تسعة بهذا المخطط للإجهاز على آخر ما تبقى لنا من أرض. لماذا يتضمن مخطط سكة الحديد نفقا تحت الأرض للبلدة الاستيطانية ‘شزور’ لغاية مفرق المغار؟ واضح جدا أنهم لا يريدون إلحاق الضرر بأراضي ‘شزور’. كذلك فالخطورة أيضا أن مخطط سكة القطار وضع ضمن مخطط قُطري لتمرير مشاريع أخرى مثل خطوط الغاز وغيرها من مشاريع ضخمة بعرض 120- 150 مترا".

جمال فطوم

وأكد فطوم أنه "حقيقة فوجئنا بالمخطط وكالعادة يتم التخطيط دون إشراك أصحاب الشأن، لذلك وضعنا هذا الأمر في هامش تحرك ضيق للتصدي لهذا المخطط ونحن، الآن، في طور التباحث ودراسة الأمر لتوفير أفضل السبل لمواجهته. توجد خطورة على هذه المنطقة والأراضي كونها حيوية للمصالح التجارية وتطوير اقتصاد البلدة، وبهذا المخطط لا يمكن تطوير هذه المنطقة بل سيعدم المخطط أي إمكانية مستقبلية. عقدنا اجتماعا أوليا بالتشاور والتباحث مع مهنيين لتوفير بدائل، وكذلك لبحث الخطوات اللاحقة للتصدي لهذا المخطط بشكل جذري، واتخاذ خطوات في المسارين الشعبي والقانوني، وإشراك القيادات القُطرية".

وختم رئيس اللجنة الشعبية في نحف بالقول إنه "كلجنة شعبية نرفض هذا المخطط بالكامل، ومن ضمن تصوراتنا نتباحث حول الدفع باتجاه تمرير المخطط في نفق تحت الأرض كما هو في البلدات اليهودية المجاورة. وأخيرا أدعو كل الجهات المعنية والأهالي إلى العمل الوحدوي للتصدي لهذا المخطط".

وقال المهندس وعضو المجلس المحلي، جمال قادري، لـ"عرب 48" إن "هذه المرحلة على صعيد التخطيط تعد مفصلية وحاسمة نظرا لوجود مخططات كبرى موضوعة على طاولة البحث. الأول، اقتراح مخطط سكة الحديد كرميئيل- كريات شمونة .وثانيا، الخارطة الشاملة لنحف".

وأضاف أن "المشكلة الأساسية في هذه المخططات أنها تتم دون المشاركة الفاعلة للسلطة المحلية بسبب افتقارها للمهنية والمهنيين في هذا المضمار، وكون المؤسسة الرسمية وبواسطة أذرعها المختلفة (لجان التخطيط القطرية واللوائية) تتعامل باستعلاء وعنصرية ولغة فرض المخططات، وكأنها أمر عسكري مستغلة بذلك بكل خبث ولؤم ضعف أداء السلطات المحلية أمامها".
وأكد قادري أن "مقترح مخطط سكة الحديد بما يتضمنه من توسيع شارع 85 وإقامة المفترقات/ المحولات الكبرى يأتي بكامله على حساب أراضي نحف وبشكل فض وهجومي حتى دون أي فائدة لنحف من ذلك ولو من باب الخجل. على سبيل المثال مفترق الطرق المقترح في المدخل الرئيس لمدينة كرميئيل وكذلك توسيع شارع 85 في ذات المنطقة يقع بكامله على أراضي نحف ويصادر مئات الدونمات حتى دونما تخطيط منفذ يربط هذا المفترق مع أراضي نحف".

جمال قادري

وأشار إلى أن "مخطط سكة الحديد استعرض في جلسة اللجنة اللوائية، يوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، كجزء من المخطط الشامل لسكة الحديد كرميئيل- كريات شمونة. وهو نتاج عمل وتخطيط لسنتين في أقل تقدير، وكان قرار الجلسة بأن تعطى مهلة زمنية لغاية 90 يوما لبحث المقترحات بين الشركة المخططة وبلدية كرميئيل ومجلس نحف المحلي ما يعني، الآن، أننا ننطلق في التعامل مع هذا المخطط من نقطة متقدمة جدا وهذا يصعّب علينا المهمة أكثر".

وشدد قادري على "أن حدود الخط الأزرق للخارطة المفصلة المقترحة رقم 0660522-217 لسكة الحديد يتعدى مناطق النفوذ لنحف من الجهة الجنوبية بمعدل 150 مترا داخل حدود نحف طولا، وكذلك يتجاوز مناطق التطوير حسب الخارطة الشاملة المقترحة لنحف، ولا يتلاءم معها. المؤسسة الرسمية، بأذرعها المختلفة لجنة، التخطيط القطرية واللوائية ما زالت تتعامل معنا بعقلية أمنية فمن جهة تحاول الحد من تطورنا وحصرنا في مناطق محددة وفرض مخططات بعقلية استعلائية على أراضينا، ونحن لسنا شريكين في إعدادها. ومن جهة أخرى السلطة المحلية لا تتعامل بمهنية كافية ولا تجند الموارد المالية اللازمة لهذا الهدف، في أحيان عدة".

وعن الحلول، قال قادري إنه "على السلطة المحلية أخذ زمام المبادرة وقيادة الأمور بكل جرأة ومسؤولية، والعمل بكافة المسارات المتاحة مهنيا، وواجب تجنيد المستشارين والمخططين من ذوي الخبرات على مستوى قطري ممن يستطيعون مناكفة لجان التخطيط وشركات التخطيط الكبرى، وكذلك التعاقد مع مستشارين قانونيين مختصين في هذا المجال، والتواصل مع الجمهور وحتلنته لرفع الجهوزية وتحفيز النضال الشعبي وتنظيمه كسند لمطالبنا وفي مواجهة سياسة الترهيب من قبل المؤسسة".

وختم قادري بالقول إنه "يجب تقديم الاعتراضات بشكل مهني ومدروس وتدعيمها بمخططات بديلة من قبل المجلس المحلي في مواجهة مخططات السلطة، وكذلك وضع إستراتيجية للتعامل مع المخططات في جميع المحطات المقبلة والعمل وفق جداول زمنية محددة، وألا نفقد عنصر المبادرة، وعلينا أيضا تجنيد الموارد المالية اللازمة، وإعداد طواقم ولجان مهنية مرافقة للتخطيط، وعقد جلسات عمل مع لجان التخطيط ومطالبتها بمراجعة كل سياسة التخطيط، ومشاركة السلطة المحلية بشكل فاعل وبندية، وتجنيد رؤساء السلطات المحلية المجاورة لدعم مطالبنا في مواجهة هذه المخططات، وتشكيل لوبي ضاغط من أعضاء الكنيست لرفع مطالبنا أمام الوزارات المختلفة".

عبد الباسط قيس

وعقب رئيس مجلس محلي نحف، عبد الباسط قيس، لـ"عرب 48" بالقول إنه "في الجلسة الأخيرة التي عقدت مع لجنة التخطيط اللوائية قلت إن هذا المخطط سيقضي على آخر ما تبقى لنا من أرض وأن مدينة كرميئيل والمنطقة الصناعية التابعة لها أقيمت بالأصل على أراضينا، كما أن شارع 85 جرى توسيعه على حساب أراضينا وكذلك شارع "تيفن" وخط الكهرباء الضغط العالي".

ونوه أن "آلاف الدونمات صودرت من نحف وأعدمت أي إمكانية للبناء مستقبلا، فلا يعقل أن يتم التفريط بآخر ما تبقى لنا من أراضي زراعية وبالتالي لن نسمح بأن يمر مخطط سكة القطار من أراضينا وسنسعى بكل الوسائل المتاحة على صعيد قانوني وشعبي حتى لو كلف ذلك انتفاضة شعبية لمنع مرور سكة القطار".

وختم قيس بالقول "بعد توجهاتنا المتكررة حصلنا على توصية من لجنة التخطيط اللوائية من أجل فحص إمكانية مرور السكة من خلال نفق تحت الأرض ونحن إذ نرفض المزايدات ونعمل كل ما بوسعنا وبهدوء من أجل منع تمرير المخطط وسنقوم بمتابعة التطورات بشكل مهني حتى التوصل إلى حلول مرضية من أجل الحفاظ على ما تبقى لنا من أرض".

التعليقات