أحمد ذياب من طمرة: "رصاصة الشرطة فقأت عيني وقتلت حلمي"

"كيف لرصاصة أن تصيب طموحي وتقتل حلمي الذي سعيت لتحقيقه بصعوبة؟ أردت فقط أن أصبح سائق باص. هو حلم بسيط ولكنه يمثل لي الكثير".

أحمد ذياب من طمرة:

أحمد ذياب ("عرب ٤٨")

لم يتوقع أحمد ذياب (أبو الكرم) من طمرة أنه سيكون مستهدفا ذات يوم من قبل الشرطة، بل أن تصوب سلاحها على عينه وتقتلعها برصاصها. إلا أن ذلك حدث عندما تواجد في شارع 70 بعد مشاركته في مراسيم دفن الشهيد أحمد حجازي، وعاد لمفترق مدينة طمرة حيث ركن سيارته في موقف هناك ليستقلها عائدا إلى عائلته، إذ كان طفله كرم بانتظاره وكانا على موعد لتناول العشاء معا، وعندما تأخر بالعودة اتصلت أمه به تطالبه بترك السيارة في موقعها ويعود للبيت بأية وسيلة من شدة قلقها عليه في ذاك اليوم. أما أخوه إبراهيم - رفيقه الأبدي – كما يصفه، فلم يتوقع أن يتلقى اتصالا من أحدهم يبلغه بأن أحمد قد أصيب برصاص الشرطة وهو في طريقه للمستشفى.

التقينا في موقع "عرب 48" مع أحمد ذياب كان متماسكا رغم الألم، تارة يبكي وأخرى يستجمع نفسه حامدا الله على ما حل به، مستعينا بما يملك من إرادة في محاولة لإنقاذ الحلم بداخله، من يرى أحمد اليوم يدرك بأن الرصاصة التي اقتلعت عينه، حاولت أن تستأصل صحكته المميزة التي لم تكن تفارقه أبدا، إذ هدأت تلك الضحكة وخفت رنينها، لتمتد أيدي أخوته وتربت على كتفه وتخبره "أنت معنا ونحن أعينك التي ترى بها".

"أحاط رجال الشرطة بشكل سريع بخيولهم المدججة وحاصروا مفترق طمرة، حيث تواجد عدد كبير من الناس، من ضمنهم نساء، أرادوا جميعا أن يأخذوا سيارتهم من مفترق طمرة بعد مشاركتهم في جنازة الشهيد أحمد، كنا نحاول الوصول لسيارتنا، إلا أنه وفي خضم المجريات من إطلاق نار من قبل الشرطة، وجدت صعوبة في الوصول إلى السيارة، فقررت العودة بدون السيارة للبيت لصعوبة الوضع على المفترق، وإذ بعدد كبير من أفراد الشرطة يقفون، وأمامهم يستلقي ثلاثة على الأرض وقد صوبوا أسلحتهم نحو الناس، رأيتهم لكني لم أتوقع أن عيني هدفهم"، قال أحمد ذياب.

وتابع: "قوة الرصاصة في عيني أوقعتني أرضا، حاصرت الألم ووقفت مرة أخرى، إلا أنني وقعت مرة أخرى، وضعت يدي على جرحي ومشيت محاولا الرؤية بعيني اليسرى، بين وقوع وقيام تلقتني أيدي الصديقين أحمد أبو الهيجاء والأستاذ محمد نواف ذياب لينقلوني إلى مكان سيارة الإسعاف ويقدم لي الدكتور عدنان أبو رومي الإسعاف الأولي ويتم نقلي للمستشفى، حيث تقرر استئصال عيني اليمنى التي أصابتها الرصاصة بشكل مباشر، مع الخوف الكبير من أن تؤثر الإصابة على عيني اليسرى".

الألم الجسدي والنفسي رافق أحمد منذ اللحظات الأولى لإصابته حتى هذه الأثناء، ولا تفارقه يد أخيه إبراهيم، إذ يمنحه الأمان في ظل قلقه الشديد ليسانده في محنته، وتتساءل أمه: "هل بإمكاني أن أعطي ابني عينيّ الاثنتين؟".

"كيف لرصاصة أن تصيب طموحي وتقتل حلمي الذي سعيت لتحقيقه بصعوبة؟ أردت فقط أن أصبح سائق باص. هو حلم بسيط ولكنه يمثل لي الكثير. من يعرفنا، يدرك أننا عائلة عصامية، أعمل وأعلم زوجتي، والحمد لله مع الظروف الاقتصادية القاسية وصعوبتها على الجميع، حصلت على رخصة سياقة باص وتم قبولي للعمل في أكثر من شركة باصات ولكن تأخرت ببدء العمل بسبب وباء كورونا، أما أنا الآن لا أريد سوى أن استوعب الحدث، أن أصبر لأعود إلى الحلم من جديد رافضا لتلك الرصاصة أن تواصل اختراق حياتي المعنوية. إن الله قد أكرم الشهيد أحمد حجازي بجنازة مهيبة ومكانة عالية، وأكرمني بمحبة الناس والتفافهم حولي، وقد سبقني أحمد وعيني إلى الجنة وأسال الله أن التقي بهما هناك، وأثق بحديث النبي محمد "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة"، أضاف أحمد.

وأكد: "لا أشعر بأمان وأخاف على طفلي وعلى شباب بلدي، أشعر بحالة نفسية سيئة كلما أذكر ما حدث، وأخاف أن يعاني أي أنسان ما أعانيه، إذ لا زلت في بداية العلاج وطريقي طويل سأفرشه بالصبر والإرادة والرضى بقدر الله، ولهذا توجهت من خلال أخي إبراهيم للكتابة للشباب أن يحذروا في أي مكان يتواجدون به، فقد فقدنا الأمان. نحن لسنا بخير".

هذا وقامت عائلة أحمد بالمطالبة بفتح تحقيق في حادثة إطلاق النار: "لن يعوض مال الدنيا عن عيني، اقتلعوها ظلما. أتوجه لأهل بلدي للمحامين للنقابات الحقوقية لمنبر موقع ‘عرب 48‘ ساعدوني لأسترد حقي من خلال مقاضاة الجاني الذي أطلق النار علي". اختتم أحمد

التعليقات