يافا... "رأيتُ الموت"

حواجز في كل مكان، شوارع مغلقة، مركبات محروقة على حواف الطريق، آثار الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية تملأ الشوارع، وقوات من الوحدات الخاصة تنتشر وتتجول في شوارع المدينة؛ هنا يافا.

يافا...

عناصر الشرطة تغلق شارعا في يافا ("عرب 48")

حواجز في كل مكان، شوارع مغلقة، مركبات محروقة على حواف الطريق، آثار الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية تملأ الشوارع، وقوات من الوحدات الخاصة تنتشر وتتجول في شوارع المدينة؛ هُنا يافا التي لم تشهد منذ فترة طويلة، تصعيدا كبيرا على المستوى الأمني كالذي تشهده خلال الأيام الأخيرة، بسبب المواجهات التي اندلعت إثر قمع الشرطة لمتظاهرين احتجّوا على العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة المحاصر، والقدس المحتلة، بالإضافة إلى اعتداء المستوطنين على بلدات عربية في الداخل الفلسطينيّ.

عشرات الإصابات خلّفها اعتداء عناصر الشرطة على أهالي يافا، سواء بالرصاص المطاطيّ، أو بالقنابل الصوتية، أو حتّى بالضرب المبرّح، وهو ما دعا الأهالي إلى القول، إنّ الأحداث الأخيرة تشير إلى تصعيد خطير من قِبَل الشرطة، التي باتت تظهر عنفا مفرطا مع المتظاهرين، من خلال استعمال السلاح، حتّى مع القاصرين، وكأنّ المدينة باتت تحت حكم عسكريّ، على حد قولهم.

"هُنا يافا" (أ ب)

يفسّر عضو بلدية تل أبيب - يافا، عبد أبو شحادة، تصعيد الشرطة في التعامُل مع أهالي يافا، بأنه "ينبع من شعور عدائيّ تجاه العرب".

ويقول إنّ "المشكلة تكمن بسهولة الضغط على الزناد واستعمال الرصاص المطاطي ضد قاصرين، والأدهى من ذلك كل الرصاصات في القسم العلوي من الجسد، أي بقصد التشويه"، ويضيف: "إنّ عناصر الشرطة لديهم حالة نفسية تعطيهم هذه الأريحية".

وذكر أبو شحادة أن "عناصر الشرطة استفردوا بشبّان يافا، لأنهم أخذوا الضوء الأخضر من (وزير الأمن الداخليّ، أمير) أوحانا، بأن اكسروا عظامًا ولا تهتموا، ومن رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) منحهم حماية بالتصرّف".

وأشار أبو شحادة إلى أنّ "الاعتداء والتصعيد كانا مدعومين بقرارات وزارية، هذا عدا عن الاعتقالات السياسية للعديد من الشبان"، معتبرا أنّ الشرطة "تعمل بانسجام تامّ في كل المستويات في يافا، ضدّ العرب، كما شرطة السير التي تلاحق يوميا الشبان (العرب)، (عن طريق فرض) غرامات مالية باهظة".

عضو بلدية تل أبيب - يافا، أبو شحادة

وأضاف: "إنّ ما يعطي شرعية لذلك هو صمت رؤساء بلديات البلدان المختلطة، الذين لا ينطقون (بحرف) على هذا الإجرام الذي طال القاصر والمسن والمرأة".

ودعا أبو شحادة إلى تشجيع "الخطاب حول الحماية الدولية، من الشرطة وكل مؤسسات الدولة التي باتت جسما عدائيًّا لا يخجل بعدائه ضدّ العرب".

"أتريد أن تطلق النار عليّ؟"

بدوره، وثّق الشاب إبراهيم سوري، إحدى أخطر هذه الاعتداءات، إذ إنّه أُصيب برصاصة مطّاطيّة في وجهه داخل بيته حين كان يوثق اعتداءات الشرطة، ما تسبب له بكسور في وجهه، ولا يزال يرقد في المستشفى بسببها.

وروى سوري لموقع "عرب 48"، لحظات إصابته، قائلا: "كنت جالسا في البيت، في وقت عاثت الشرطة فوضى في الحيّ، ولمّا مرّوا من تحت منزلي، سمعتهم يسبون النبيّ محمّد، هنا أردت أن أوثّق تصرفاتهم، ولما رآني أحدهم، لمحتهم يتبادلون الإشارات بينهم وهم ينظرون إليّ بحقد".

وأضاف سوري: "لم أخف لأني لم أفعل شيئا مخالفا للقانون، وهنا وجّهت حديثي للشرطي الذي أشار عليّ بإصبعه،: ’أتريد أن تطلق النار عليّ؟’، حتى أطلق الرصاصة على وجهي بقصد أن يقتلني، ولو كنت أتوقّع هذا الإجرام وهذه النتيجة، لما صوّرته أساسًا".

وتابع: "الشرطي أراد أن يطلق الرصاص على رأسي قاصدا، لأن جسمي كان داخل البيت، ورأسي فقط المكشوف عليهم، مع العلم أنني لم أكن مختبئا، ومع ذلك بعد أن أُصبت برأسي، ألقى الشرطي علي قنبلة صوتية".

وأضاف: "رأيت الموت، لم أرَ شيئا غير (اللون) الأسود، ولأول مرة ينتابني هذا الشعور، وجهي مليئ بالكسور، وأحتاج إلى عمليات كثيرة".

عناصر الشرطة تغلق شارعا في المدينة ("عرب 48")

وقال سوري: "من أطلق الرصاص عليّ (والعناصر الذين تواجدوا برفقته) ليسوا من شرطة يافا وتل أبيب، هؤلاء وحدات خاصة، لديهم حقد دفين تجاه العرب، ويوفرون الحماية للمستوطنين".

وعن الشرطة أضاف سوري: "لا أؤمن بالشرطة، ولكن لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحدّ من الإجرام"، مشدّدا على أن "التصعيد ملموس من قبل الشرطة في يافا، هناك محاولات لقمع الرأي في يافا، والتصعيد في المظاهرات الأخيرة بات واضحا".

متظاهِرة خلال مشاركتها في احتجاج بيافا (أ ب)

واعتبر سوري أنّ "كل ما يحدث من دوافع سياسية بمشاركة نتنياهو واليمين وبن غفير، وأضِف إليهم منصور عباس، الذي زار رفيفو رئيس بلدية اللد داعم المستوطنين، هذا عيب، لأن مشكلتنا ليست مع اليهود ولدينا شركاء يهود، مشكلتنا مع المستوطنين".

التعليقات