الهدوء لم يعد إلى اللد: قلق وخوف وأوضاع اقتصادية متردية

لم يعد الهدوء إلى مدينة اللد منذ الاحتجاجات الأخيرة ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات ترحيل سكان حي الشيخ جراح في القدس، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد.

الهدوء لم يعد إلى اللد: قلق وخوف وأوضاع اقتصادية متردية

أحد شوارع اللد (عرب 48)

لم يعد الهدوء إلى مدينة اللد منذ الاحتجاجات الأخيرة ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات ترحيل سكان حي الشيخ جراح في القدس، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد.

وتتواصل حالة من القلق بين المواطنين العرب في اللد، على الرغم من بعض الأجواء التي قد تبدو هادئة ظاهريا، والتي تحمل في طياتها حياة أقل ما يقال إنها غير طبيعية منذ الأحداث الأخيرة التي وقعت قبل نحو شهر.

ولا تزال حواجز الشرطة وعناصرها في أماكن مختلفة من المدينة مع جولات بين الحين والآخر، وخصوصا في الأحياء العربية. وتستمر حملة الاعتقالات بين الشبان العرب، إذ بلغ عدد المعتقلين ما يزيد عن 100 معتقل، قدمت لوائح اتهام ضد بعضهم، كما أصدر أمر اعتقال إداري ضد عيد حسونة من المدينة.

قد يعد الخط الفاصل بين مدرسة الرازي الابتدائية والمدرسة اليهودية الدينية المحاذية لها، صورة للصراع وتجسيدا للأجواء السائدة في اللد، اعتداءات مستمرة من قبل المستوطنين و"النواة التوراتية" على المدرسة، ومحاولة للاستيلاء على جزء كبير من المدرسة وسط استغلال واضح للأحداث السياسية والأمنية، بدعم من قبل رئيس البلدية المعروف بعنصريته، يائير رفيفو.

وقال الناشط السياسي، محمد دسوقي، لـ"عرب 48" إن "الأجواء المشحونة مستمرة بسبب البلدية ورئيسها الذين يدعمون ‘النواة التوراتية’ والمستوطنين، فالبلدية تسهّل الأمور لهم وبكل الوسائل، وتفتح أمامهم كل الإمكانيات من توفير ميزانيات ومبان لتحقيق أهدافهم".

أجواء أمنية متوترة

وقال الناشط السياسي، غسان منيّر، لـ"عرب 48" إن "الأجواء متوترة في اللد، وعشرات الشبان لا زالوا في السجون وتحت التحقيق لدى أجهزة المخابرات".

وأشار إلى أن "الوضع في اللد ليس سهلا. تلعق المدينة جراحها بسبب الأحداث ما بين مصاب ومعتقل وشهيد. عشرات الإصابات بينها خطيرة وعشرات المعتقلين وحملة الاعتقالات مستمرة".

وحول ما تروج له الشرطة وأجهزة المخابرات بخصوص اعتقال شبان عرب من اللد على خلفية "إرهابية"، أوضح منيّر أن "أهالي اللد يشككون في رواية الشرطة وأجهزة المخابرات فيما يتعلق بالتهم ‘الإرهابية’ الموجهة ضد عدد من الشبان المعتقلين".

وتساءل منيّر: "هل حقيقة أن الشرطة وأجهزة المخابرات يريدون فعلا التوصل إلى الحقيقة؟ التصرفات تشير إلى غير ذلك. هناك حملات ترهيبية مقصودة ولها أهداف خفية".

ورأى أن "ما تغير في مدينة اللد هو أن اللعب أصبح على المكشوف للمستوطنين، إذ يدخلون مدججين بأسلحتهم إلى المؤسسات ويتجولون في الشوارع ويعتدون على المرافق والبيوت".

وفي هذا السياق، أشار عدد من السكان العرب في اللد، إلى أن الأجواء المشحونة كانت منذ ما قبل اندلاع الأحداث الأخيرة، إذ أن التوتر يسود المدينة منذ دخول جماعات يهودية متطرفة وما تسمى "النواة التوراتية" واستفزازها للمواطنين العرب.

التواجد العربي

وقال الناشط السياسي والمحامي خالد زبارقة لـ"عرب 48" إن "الأسباب التي أدت إلى اندلاع المواجهات والاحتجاجات في شهر رمضان الماضي ما زالت قائمة".

وأوضح أنه "يجب البحث، أولا، في الأسباب التي أدت إلى اشتعال الأوضاع، لأنها لم تختف، وبطبيعة الحال فإن الهدوء لم يعُد".

وأضاف زبارقة أن "المستوطنين المتطرفين شعروا بالفشل في أحداث اللد الأخيرة، ويحاولون الآن أن يستعيدوا حضورهم، وما لم يستطيعوا فعله في الأحداث الأخيرة تحاول السلطات المتمثلة بالشرطة والبلدية فعله".

وأكد أن "الوجود العربي في اللد يقلقهم، لأن العرب انتشروا في كل حي بالمدينة. مجرد تواجد العربي في الحارات اليهودية يشكل تهديدا بالنسبة لهم، لذلك السلطات تحوّل الانتشار العربي هدفا من قبل سياسة الدولة".

وأشار زبارقة إلى أن "السكان العرب أفشلوا الكثير من المخططات في اللد، خاصة أننا أصبحنا أكثر وعيا في كل ما يتعلق بالشرطة والمخابرات، وبتنا أكثر حذرا بالتعامل مع هذه الأجهزة والمؤسسات".

اقتصاد آيل للانهيار

وقال صاحب محل تجاري في اللد، جهاد تليش، لـ"عرب 48" إن "التجار يضطرون للإعلان عن تنزيلات في الأسعار إلى حد أدنى من أجل جلب الزبائن الذين هجروا الأسواق والمحال التجارية".

وأضاف تليش أن "العلاقة بين العرب واليهود في المدينة تأثرت بشكل كبير. لا شيء سيعود إلى سابق عهده في اللد وخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين اليهود والعرب هنا".

وقال عصام زبارقة، يمتلك محلا لبيع الخضار والفواكه في سوق اللد والرملة منذ 15 عاما، لـ"عرب 48" إن "هذه المرحلة هي الأصعب التي مرت بها مدينة اللد واقتصادها".

وأشار إلى أن "المحال التجارية والسوق الشعبي في اللد في مرحلة احتضار بسبب انعدام الزبائن، إثر الأحداث الأخيرة التي عصفت بالمدينة، وشكلت فجوة كبيرة بين العرب واليهود. العلاقة بين السكان العرب واليهود في اللد كانت طيبة نوعا ما. ليست العلاقة الاجتماعية التي تضررت فحسب إنما العلاقة الاقتصادية، هناك تجار هجروا محالهم بسبب الأحداث. أين الناس التي كانت تحضر إلى السوق ما قبل نحو شهرين؟ الآن ندرس إغلاق المحال والذهاب للبحث عن عمل بديل، هذا العمل لم يعد معيلا لنا، ولدينا عائلات تنتظرنا في البيوت".

وروى زبارقة أن "المستلزمات التي كانت في السوق لأصحاب المحال التجارية تم إضرام النار بها، كذلك بعض البسطات والمحال وأعمدة الكهرباء التي تعطلت بسبب الحرائق، عدا عن العبث بمحتويات المحال".

وختم زبارقة بالقول إنه "بتنا نفتقد الأمن والأمان بعد الأحداث الأخيرة. توجد مخاوف كثيرة من الخروج من المنازل في ساعات متأخرة وفي أماكن معينة، كذلك مخاوف من التجول في البلدات والأحياء اليهودية خوفا من التعرض للأذى".

التعليقات