قانون منع لم الشمل؛ جبالي لـ"عرب 48": معاناة مستمرة تأبى الاستسلام

تأبى أسمهان جبالي المنحدرة من مسقط رأسها طوباس وهي متزوجة من رجل من مدينة الطيبة منذ 26 عاما، الانكسار والاستسلام أمام قانون منع لم الشمل الرامي إلى عدم منح المواطنة وتصاريح للإقامة في إسرائيل ضمن حالات لم شمل العائلات الفلسطينية

قانون منع لم الشمل؛ جبالي لـ

توضيحية (أ ب)

تأبى أسمهان جبالي المنحدرة من مسقط رأسها طوباس وهي متزوجة من رجل من مدينة الطيبة منذ 26 عاما، الانكسار والاستسلام أمام قانون منع لم الشمل الرامي إلى عدم منح المواطنة وتصاريح الإقامة في إسرائيل ضمن حالات لم شمل العائلات الفلسطينية، بالإضافة إلى فرض قيود على منح تصريح إقامة في حالات لم شمل العائلات.

ويمنع القانون دخول الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى إسرائيل، وفي إطار القانون يمنع أيضا دخول العرب من دول تعتبرها إسرائيل معادية لها، وهي لبنان وسورية والعراق وإيران، من أجل لم الشمل. والقانون لا يتطرق لمسألة الدخول من أجل العمل أو من أجل العلاج وإنما يتطرق فقط إلى هدف لم الشمل. ويعتبر القانون أن جميع الفلسطينيين يشكلون خطرا أمنيا على إسرائيل.

وتواجه أسمهان جبالي وهي أم لثلاثة شبان في العشرينيات من أعمارهم هذا القانون منذ عقدين ونيف، واستهلت حديثها لـ"عرب 48" بالقول إن "الحق لا يؤخذ بل ينتزع ولدينا حق إنساني في اختيار شريك الحياة الذي نؤكد عليه على الدوام، رافضين أي قوانين تحرمنا هذا الحق، علينا أن نستمر في معركتنا لانتزاع الحقوق المشروعة ورفض التنازل من خلال إسكاتنا وإغرائنا بقبول الفتات في تعديلات غير جوهرية على بنود مقترح القانون والتي لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تغير في الأمر شيئا بل نطالب بشطب القانون وإلغاءه تماما، وإذا ما تم التصويت على المقترح المذكور فعلينا أن نشكل لجنة لتعديل المقترح لمنع استمرار المعاناة اليومية لما يقارب 4500 فلسطيني".

وتنشط جبالي من خلال عملها كمؤسسة لجمعية "حقنا بالعيش" التي تعنى بملفات العائلات المتضررة من مقترح قانون منع لم الشمل، بالعمل على كافة الأصعدة لوقف معاناة الفلسطينيين بسبب هذا القانون.

جبالي برفقة أحد أبنائها

ووصفت جبالي التحديات التي تعيشها العائلات المتضررة بسبب قانون منع لم الشمل بالقول إنه "بمثابة صراع البقاء على أرض الوطن دون هوية زرقاء، وعلى سبيل المثال أنا وعائلتي بالأصل من منطقة طوباس إذ عشت مع والدي في مدينة الطيبة لكنه لم يغير هويته الفلسطينية آنذاك قبل 68 عاما، لنواصل نحن الأبناء مواجهة التحديات الناجمة عن مشروع قانون منع لم الشمل، والتي بدأتها مع زوجي رائد جبالي كعائلة متضررة من هذا القانون منذ نحو 26 عاما، لنبدأ مسار البيروقراطية في الحصول على مستندات وتصاريح لمواصلة حياتنا وبدأنا السعي من مكتب لآخر من أجل الحصول على تصاريح وتجديدها".

وتابعت "نحو 60% من العائلات المتضررة من مشروع قانون منع لم الشمل ترزح تحت خط الفقر، لترتفع النسبة إلى ما يقارب 80% منذ بداية أزمة فيروس كورونا، وهذه العائلات التي هي بالأصل لا تحظى بفرص عمل متساوية مع المواطنين الحاملين للهوية الزرقاء ويتم استغلالها على عدة أصعدة من حيث الأجور الزهيدة بدلا من دفع الأجور لها حسب القانون، وبالتالي يضطر أبناء هذه العائلات المتضررة بسبب هذا القانون إلى العمل لعدم توفر فرص أمامهم لدمجهم في سوق العمل، الأمر الذي يسبب تفاوتا بين طبقات في المجتمع لكونهم عمالا من الضفة ما تسبب بصراع حول تحديد الهوية عند أبناء هذه العائلات، فبدلا من توفير المساواة بالفرص واستثمار قدرات هذه الشريحة بالشكل الإيجابي للمساهمة في الازدهار الاقتصادي، يتم استغلالهم ناهيك عن معاناة بعض العائلات من إلزامية إجراء فحص الحمض النووي ’DNA’ لإثبات النسب وتصل تكلفة هذا الفحص إلى ما يقارب 4 آلاف شيكل ما يشكل عبئا ماديا ثقيلا عليها".

ولفتت إلى أن "هذه العائلات تدفع بشكل شهري نحو 800 شيكل كاشتراك في صناديق المرضى لتلقي العلاج رغم عدم حصولهم على كافة الخدمات العلاجية التي تشكلها السلة الطبية، كما يُمنعون من قيادة المركبات والعمل بموجب شهاداتهم الأكاديمية التي يمكنهم الحصول عليها من الجامعات الإسرائيلية، إذ أن فرص التوظيف في الدولة شبه مستحيلة، بالإضافة إلى عدم تمكنهم من فتح حسابات بنكية ولا يحصل أبناء هذه العائلات على أية استحقاقات من مؤسسة التأمين الوطني. نحن العائلات المتضررة لا نحظى بفرصة السفر كعائلة متكاملة بل ننقسم حتى في سفرنا".

أسمهان وزوجها رائد جبالي

وأوضحت أن "العنصرية في منطقة المثلث تزيد عنها في منطقة الشمال، حيث تمارس مكاتب وزارة الداخلية عنصرية مضاعفة في منطقتنا من حيث التسويف والروتين والبيروقراطية، إذ علينا البدء في تجديد تصريح الإقامة قبل شهرين على انتهائه حتى يتم الاهتمام بطلبنا، وفي هذا السياق نجد أن حاجز اللغة يشكل عقبة كبيرة أمامنا في المؤسسات الرسمية، وقد تمكنا مؤخرا من إضافة اللغة العربية لاستمارات مكاتب الداخلية من أجل تعبئة طلب التمديد".

وأعربت جبالي عن أملها في ألا يتم تمرير ما يسمى بقانون "المواطنة" هذا العام بالقول "نأمل أن يكون هناك اختلاف في قواعد اللعبة بهذه الحكومة، ونحن لا نريد أن نقع في التجاذبات السياسية فهدفنا يتمثل في إسقاط مشروع القانون وشطبه، ومن جهة أخرى إذ ما تم التصويت لصالح تمديد القانون فسنقوم بتشكيل لجنة خاصة تعمل على إجراء تعديلات جذرية على بنود القانون التي من شأنها إنهاء معاناة العائلات المتضررة يوميا بسبب هذا المشروع، ونحن نرفض الإهانة والعنصرية اليومية، ومع الأسف حتى أن الإعلام لا يسلط الضوء على هذه المعاناة إلا بشكل موسمي في حين أن معاناتنا مستمرة".

ونقلت جبالي رسالة العائلات المتضررة بسبب مشروع القانون بعدم استغلال هذه الشريحة ومنحها فرصا متساوية من حيث العمل والأجور والتعامل، كما طالبت وسائل الإعلام بنشر الوعي في كيفية تحصيل الحقوق لهذه العائلات المتضررة خصوصا في ظل استغلال أغلب المحامين لهذه العائلات، في حين أنه بإمكان كل شخص الوصول للمكاتب وتقديم أوراقه والحصول على المستندات بنفسه".

وأكدت في ختام حديثها بالقول إن "الإرادة الصلبة لا تكسرها التحديات، الأمل دائما موجود والسماء حدودي، منذ 26 عاما وأنا أحمل رسائل المعاناة لهذه العائلات التي قد لا تستطيع التعبير عن ألمها، راجية أن تصل هذه الرسالة إلى الجهات المعنية، فمسؤولية وقف هذه المعاناة هي مطلب وطني يجب علينا جميعا ألا نتنازل عنه أو نفرط به".

التعليقات