حوادث العمل: أي دور للسياسات الرسمية؟

ازدادت حوادث العمل خلال السنوات الماضية، الأمر الذي تسبب بمصرع مئات العمال في ورشات عمل، غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين من كلا جانبي الخط الأخضر، وذلك في ظل إهمال السلطات وحتى النقابات المهنية لهذه الحوادث وأسبابها، لا سيما لناحية غياب وسائل الأمان

حوادث العمل: أي دور للسياسات الرسمية؟

ضحايا حوادث العمل الشهر الأخير

ازدادت حوادث العمل خلال السنوات الماضية، الأمر الذي تسبب بمصرع مئات العمال في ورشات عمل، غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين من كلا جانبي الخط الأخضر، وذلك في ظل إهمال السلطات وحتى النقابات المهنية لهذه الحوادث وأسبابها، لا سيما لناحية غياب وسائل الأمان والمراقبة الفعلية لتطبيق شروط السلامة العامة.

وفي حديثه لموقع "عرب 48"، حمّل النقابي دخيل حامد، الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، والحكومة الحالية كامل المسؤولية عن لمسلسل الدامي لنزيف حوادث العمل. وقال: "كفى لحوادث العمل ليتوقف هذا الجرح النازف، نحن لا نفرق بين دم ودم خلال أسبوع سقط في أماكن العمل المختلفة 6 ضحايا، وهم يسعون للبحث عن لقمة العيش 5 منهم عرب فلسطينيين من طرفي الخط الأخضر: شادي إغبارية، ماهر الحاج يوسف، أنس وليد الزاغة، شريف معروف دبابسة، عبدالله غالب جابر.

ويتبين من رسم بياني أعده النقابي حامد، الذي يشغل منصب رئيس دائرة تعميق المساواة في مؤسسة الهستدروت العمالية، أنه منذ عام 2000 حتى اليوم لقي 1289 عاملا مصارعهم في حوادث عمل، من بينهم 697 عاملا قضوا حتفهم وهم يعملون في قطاع البناء الذي يعتبر أكثر القطاعات حيوية في سوق العمل الإسرائيلية.

دخيل حامد

وأوضح حامد أنه "رغم أنه لا يمكن القضاء على حوادث العمل بواقع 100% ولكن ممكن تخفيفها إلى الحد الادنى، هنالك العديد من الحلول لمعالجة هذه الظاهرة. هذا يتم من خلال تطبيق الأنظمة والقوانين القائمة وسن قوانين جديدة، ومن خلال تنفيذ اتفاقية الأمن والأمان التي وقعت في نهاية عام 2018 بين منظمة العمال وبين الحكومة ممثلة بوزارتي العمل والرفاه الاجتماعي. وتشمل هذه الاتفاقية 15 بندا تتطرق إلى كافة القضايا التي يعاني منها العمال في قطاعات العمل المختلفة وبالأخص في فرع البناء".

واعتبر حامد أنه "لا يعقل أن يسقط سنويا من 60 حتى 70 شهيد لقمة عيش في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات العامة والبناء. النقطة المهمة هي أن 50% من الضحايا هم من فرع البناء، مع أن عدد العاملين في مجال البناء لا يتجاوز الـ9% فقط بينما حصتهم في حوادث العمل تتجاوز الـ50%".

واستطرد قائلا: "الغالبية الساحقة من العاملين في قطاع البناء هم عمال عرب فلسطينيين من طرفي الخط الأخضر الذين يشكلون نحو 80% من عمال البناء، إضافة إلى 10% من العمال الأجانب و10% من اليهود من الشرائح الفقيرة والمستضعفة".

"عرب 48": ماذا عن موضوع الأمان في العمل، هل في اتخاذ تدابير الأمن والأمان أمر مكلف لمقاول أو لشركة البناء؟

حامد: سؤال في مكانه، صحيح أن كبار المقاولين يرغبون في إنجاز البناء بأسرع وتيرة ممكنة وبأقل تكلفة. وهنالك ظاهرة أرغب في لفت الانتباه إليها هي ظاهرة بيع المناقصات؛ بمعنى أن الفائز بالمناقصة التي تعلن عنها الدولة (المبادر) هذا المقاول الكبير الفائز بالمناقصة يبدأ ببيع المناقصة لمقاولين ثانويين، وأحيانا تجد في ورشة بناء واحدة ما يزيد على 12 مقاولا ثانويا ينفذون أعمال البناء وما يسمونها بالأعمال "الرطبة" ألا وهي البلاط والقصارة والطلاء، وكل واحد من المقاولين يسعى إلى التقليل من مصاريفه ليوفر لنفسه الربح الأقصى. وهنا يكون "التوفير" في وسائل الأمان والوقاية.

"عرب 48": أليس في هذا الكلام تجني على المقاولين واتهام خطير باستباحة دم العمال؟

حامد: أنا لا أقول هذا الكلام جزافا، ففي موضوع السقالات، على سبيل المثال، كل الدراسات التي أجريت تؤكد أن السقالات التي تستعمل في البلاد يمنع استخدامها في أوروبا وفي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) منذ عشرات السنين، وواحد من بنود الاتفاقية بين الهستدروت والحكومة هو موضوع السقالات واستبدالها بتلك التي تراعي المواصفات الأوروبية. لكن ما يحدث هنا أن بعض أصحاب النفوذ في الكنيست، ومن لديهم مجموعات ضغط (لوبي ضاغط) ويحتفظون في مخازنهم بسقالات يقدر ثمنها بعشرات ملايين الشواقل فإنهم يضغطون لتأجيل العمل بموجب المواصفات الأوروبية من أجل منفعتهم الخاصة.

"عرب 48": كم حصة حوادث السقوط من هذه السقالات حسب معلوماتكم؟

حامد: سأعطيك رقما قد لا يخفى على أحد، 50% من حوادث العمل سببها السقوط من ارتفاع أو من علو أو من سقالة، والأسباب متنوعة - أحيانا بسبب غياب سبل الأمان وأحيانا أخرى بسبب غياب التوعية والإرشاد لموضوع كيفية العمل على ارتفاع. وبالمناسبة منذ بداية السنة الحالية نسبة الضحايا من عمال البناء تتعدى الـ 50%، حوالي 12% بسبب سقوط أجسام ثقيلة على العمال من ارتفاع، بالإضافة إلى حوادث دهس بآليات ثقيلة وتماس كهربائي وإصابات بأدوات عمل وسقوط في برك مياه وانهيارات ترابية وغيرها.. ولكن يبقى السبب الرئيسي هو سقوط من ارتفاع.

"عرب 48": ماذا عن موضوع الرقابة والإشراف على ورشات البناء الذي لطالما عانى من نقص في عدد المفتشين والمراقبين؟

حامد: في عام 2018 كان عدد المفتشين 22 مفتشا، عليهم مهمة التفتيش على 13 ألف ورشة بناء، بمعنى أن هنالك ورشات بناء يباشر العمل فيها وينتهي ولا تحظى بزيارة واحدة من قبل مفتش! والأهم من ذلك أن المفتشين يتنقلون بين الورشات بواسطة المواصلات العامة، بمعنى أنه لو تم استدعاء مفتش من حيفا للوقوف على حادث عمل وقع في نهريا فإن ذلك يستغرق بضع ساعات يكون فيها المقاول قد غيّر من كل الظروف المحيطة والتفاصيل على الأرض! لذلك نحن نطالب ليس فقط بزيادة عمل المفتشين بل بتحسين ظروف عملهم وتأمين وسائل نقل سريعة لهم.

وحسب ادعاءات مديرية الأمن الصحي التابعة لوزارة العمل والرفاه فإن عدد المفتشين اليوم يصل إلى 85 مفتشا، ولكن هؤلاء تقع عليهم مهمة التفتيش ليس فقط على فرع البناء وإنما على كل الفروع الصناعية والتجارية والبناء، وحسب مواصفات (OECD) يجب أن لا يقل عدد المفتشين في دولة كإسرائيل عن 350 – 400 مفتش.

معطيات أعدها حامد حول ضحايا حوادث العمل منذ العام 2000:

  • عام 2000 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 61 عاملا، من بينهم 33 عاملا في قطاع البناء.
  • عام 2001 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 61 عاملا، من بينهم 33 في قطاع البناء.
  • عام 2002 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 63 عاملا من بينهم 32 في قطاع البناء.
  • عام 2003 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 61 عاملا من بينهم 39 في قطاع البناء.
  • عام 2004 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 52 عاملا من بينهم 17 في قطاع البناء.
  • عام 2005 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 52 عاملا من بينهم 27 في قطاع البناء.
  • عام 2006 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 61 عاملا من بينهم 31 في قطاع البناء.
  • عام 2007 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 54 عاملا من بينهم 30 في قطاع البناء،
  • عام 2008 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 56 عاملا من بينهم 25 في قطاع البناء.
  • عام 2009 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 42 عاملا من بينهم 18 في قطاع البناء.
  • عام 2010 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 52 عاملا من بينهم 26 في قطاع البناء.
  • عام 2011 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 64 عاملا من بينهم 38 في قطاع البناء.
  • عام 2012 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 60 عاملا من بينهم 31 في قطاع البناء.
  • عام 2013 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 62 عاملا من بينهم 32 في قطاع البناء.
  • عام 2014 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 64 عاملا من بينهم 31 في قطاع البناء.
  • عام 2015 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 54 عاملا من بينهم 34 في قطاع البناء.
  • عام 2016 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 58 عاملا من بينهم 47 في قطاع البناء.
  • عام 2017 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 52 عاملا من بينهم 35 في مجال البناء.
  • عام 2018 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 70 عاملا (ارتفاع حاد في عدد الضحايا) من بينهم 41 في قطاع البناء.
  • عام 2019 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 87 عاملا (ارتفاع حاد مجددا) من بينهم 47 في قطاع البناء.
  • عام 2020 بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 67 عاملا من بينهم 35 في قطاع البناء.
  • عام 2021 (عام كورونا) بلغ عدد ضحايا حوادث العمل في مختلف القطاعات 38 عاملا (لغاية 15 تموز/ يوليو الجاري) من بينهم 23 في قطاع البناء.

التعليقات