يافا: حركة تجارية تقاوم الخوف والقلق ودعوات المقاطعة

بعد مرور نحو شهرين على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والهبة في أراضي الـ48 التي اندلعت نصرة للقدس، لا تزال الحركة التجارية في مدينة يافا متأثرةً بالأحداث

يافا: حركة تجارية تقاوم الخوف والقلق ودعوات المقاطعة

دوار الساعة ("عرب 48")

بعد مرور نحو شهرين على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والهبة في أراضي الـ48 التي اندلعت نصرة للقدس ورفضا للتهجير الذي يتهدد عشرات العائلات الفلسطينية في أحياء وبلدات المدينة المقدسة، لا تزال الحركة التجارية في مدينة يافا متأثرةً بالأحداث التي عصفت في البلاد، إذ شهدت المدينة أيامًا عصيبة من اعتداءات المستوطنين وعناصر الشرطة، والتي أسفرت عن عشرات الإصابات وحملة اعتقالات واسعة ضمن الملاحقة السياسية للناشطين في أعقاب الهبة.

ولا تزال الأجواء في شوارع وأزقة يافا تشهد حالةً من التوتر الملموس، تتلخص بحركة تجارية ضعيفة، وشوارع تكاد تكون خالية في ساعات طويلة على مدار اليوم، بالإضافة الى الصعوبة الملموسة لدى أصحاب المحال التجارية للعودة إلى ما قبل الأحداث في شهر أيار/ مايو الماضي.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها أصحاب المحال التجارية في يافا بسبب شبه انقطاع الزوار التوافدين على المدينة من خارجها إثر الأحداث التي أدت إلى اتساع الهوة وتعميق الشرخ بين المجتمعين العربي واليهودي في المدينة، تنتشر دعوات لمقاطعة المحال التجارية العربية من قبل مجموعات يهودية يمينية عنصرية متطرفة.

وفي هذا السياق، أوضح أصحاب المحال التجارية في يافا لـ"عرب 48"، أن الحركة التجارية تتحسن رويدا مع كل يوم يمر "دون أحداث أمنية استثنائية"، فيما عبروا عن أملهم في "استقرار الحال كما كان سابقا"؛ ويعوّل أصحاب المحال التجارية لتجاوز هذه الأزمة والعودة إلى الحياة الطبيعية على عاملين، النسيان، من جهة، والوحدة والتكاتف من جهة أخرى، في وقت لا تزال فيه المخاوف من تفجر الأوضاع مجددا، قائمة.

تهميش ومضايقات

لم تكن الهبة الأخيرة هي المسبب الأول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها مدينة يافا، فيشير النشطاء وأصحاب المحال التجارية والأهالي إلى أن المدينة تعاني من سياسية التهميش على كافة الأصعدة منذ سنوات طويلة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الفقر واستفحال الجريمة، مرورا بأزمات السكن التي خلفّتها سياسات الحكومة.

عند تجولنا في مدينة يافا، وتحديدا في منطقة دوار الساعة، كانت بعض الأزقة والأسواق المتاخمة خالية تمامًا، ولكن بعضها الآخر كان يعج بالمارين، وكأنما نسير في بلدين مختلفين. الأمر الذي فسره جهاد شويكي، صاحب مقهى في يافا تحدث لـ"عرب 48"، بأن "هذه الحركة في الشوارع غالبا ما تكون خداعة، غالبية المارين يعبرون من تل أبيب ويافا أو بالعكس، أو يتجولون في شوارع يافا فقط، دون التسوق وهذا ما نشهده في الفترة الأخيرة".

جهاد شويكي

وأوضح شويكي أنه "خلال العدوان على غزة والأحداث الأخيرة، كان الوضع متأزما، لا حركة تجارية، الشوارع خالية، والشوارع مليئة بعناصر الشرطة وقوات الأمن، والخوف والقلق يسود بين الناس".

ورأى أن وضع الحركة التجارية والسياحية يتحسن مع مرور الأيام، واستردك قائلا: "لكن حتى الآن الأوضاع لم تعد إلى سابق عهدها، ما قبل الحرب كان التجول في يافا مستحيلا في نهاية الأسبوع بسبب كثرة الزوار، والمحال التجارية تسترزق جيدا، ولكن الآن الحركة ضعيفة على المحال التجارية وخاصة خلال أيام الأسبوع".

تسمية

وبحسب شويكي فإن الخوف والقلق الناتج عن الأحداث الأخيرة لا زال قائما؛ "هناك أجواء من القلق والتوتر تسود الناس، والوضع الاقتصادي أيضا متوتر، ولكن دعوات المقاطعة من قبل اليهود أيضا أثرت سلبا على الحركة للتجارة ولو بشكل ضئيل".

وأضاف أن "أجواء التحريض هذه نعاني منها في يافا بشكل مستمر، المضايقات من الشرطة ومن المتطرفين اليهود الذين يحرضون علينا ليلا ونهارا، ولكن ها نحن لا مكان لنا غير يافا".

من جهته، رأى مدير مطعم أبو العافية في يافا، هاني هوارين، في حديث لـ"عرب 48"، أنه لا بد من أن تعود المياه إلى مجاريها في يافا، بدأنا نلمس التحسن وخاصة في أيام الجمعة والسبت". وأوضح أن "الخسائر كبيرة جدا على المحال التجارية وخاصة على قطاع المطاعم والمقاهي. ولكن إذا استمر الهدوء هكذا نتوقع أن تعود الأمور طبيعية خلال أسابيع قليلة".

هاني هوارين

ووصف هوارين الحال بعد انتهاء الأحداث، قائلا "نفوس الناس كانت سيئة جدا، لا تجول في الشوارع، محلات تجارية ومرافق عامة مغلقة. الناس من داخلها لا تريد المواجهة والحرب، ولكن ما حصل كتب عليها، هنا الأهالي طلاب حياة، بعكس ما يحاولون تصويرنا بالإعلام العبري".

وأضاف أن "دعوات المقاطعة والتحريض على المحال التجارية العربية من قبل مجموعات يهودية لن ولم تؤثر علينا، لأننا نعول على دعم أهلنا من يافا والمجتمع الفلسطيني بشكل عام. ومن يقرأ التاريخ يفهم أن يافا عصية على كائن من كان يحاول أن يمس بها".

من جانبه، شدد الناشط عبد شقرا من مدينة يافا على الأهمية الكبيرة الكامنة في دعم المصالح التجارية العربية في يافا، بسبب حملات المقاطعة التي تشنها جماعات يهودية عنصرية متطرفة ضد العرب في المدينة.

عبد شقرا

وقال شقرا في حديث لـ"عرب 48" إن "دعم المصالح العربية في يافا هو واجب وطني على المجتمع الفلسطيني، وليس على أهالي يافا فقط، هناك محاولة لحصار يافا اقتصاديا والجمعيات العنصرية تحاول استغلال الأحداث الأمنية من أجل تمرير هذا المخطط".

وتابع أنه "قمنا في حملات داعمة للمصالح التجارية العربية في يافا، هي حملات محلية مباركة ولكن نقول إنها لا تكفي. وأيضا أصحاب المصالح التجارية العرب تجاوبوا مع الحملة و خفضوا الأسعار من جهتهم لأجل إعادة الزبون تدريجيا وإنعاش الاقتصادي المحلي".

التعليقات