اللد: مُطالبة المنظمات الحقوقية بحماية معتقلي الهبة الشعبية

يتشبثُ العرب الفلسطينيون في اللد بهويتهم القومية رافضين الانكسار والخضوع أمام محاولات السلطات الإسرائيلية فرض وقائع للنيل من عزيمتهم وإصرارهم على الذود عن أبنائهم، بعدما تصدوا لعصابات المستوطنين ودافعوا عن أنفسهم إبان الهبة الشعبية في أيار/ مايو 2021.

اللد: مُطالبة المنظمات الحقوقية بحماية معتقلي الهبة الشعبية

تظاهرة أمام سجن مجيدو مطالبة بتسريح معتقلي الهبة، الأحد الماضي (عرب 48)

يتشبثُ العرب الفلسطينيون في اللد بهويتهم القومية رافضين الانكسار والخضوع أمام محاولات السلطات الإسرائيلية فرض وقائع للنيل من عزيمتهم وإصرارهم على الذود عن أبنائهم، بعدما تصدوا لعصابات المستوطنين ودافعوا عن أنفسهم إبان الهبة الشعبية في أيار/ مايو 2021.

وكسائر الشبان العرب في أراضي الـ48، شارك أبناء اللد في التظاهرات دعما وإسنادا لأبناء شعبهم في القدس والشيخ جراح وقطاع غزة، فقوبلوا بحملة اعتقالات نفذتها الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) طالت أكثر من 280 شخصا من المدينة، منذ انطلاق شرارة الهبة الشعبية، ولا يزال 41 منهم رهن الاعتقال في المعتقلات والسجون الإسرائيلية.

وقدمت النيابة العامة 41 لائحة اتهام ضد شبان عرب من اللد، بينهم معتقل إداري يُدعى عيد حسونة، وهو شقيق الشهيد موسى حسونة الذي قُتل بنيران مستوطن، يوم 11 أيار/ مايو 2021.

وقُدمت لوائح اتهام ضد 40 معتقلا، وهُم: خالد حسونة، إياد المراحلة، يوسف القديم، وليد القديم، كريم بهلول، أحمد دنون، كمال ضيف الله، محمد حسونة، أدهم شعبان، بشار شعبان، علي شعبان، سَلمَة شعبان، أكرم شعبان، محمد النقيب، آدم أبو عبيد، علي أبو عبيد، محمد حجازي، مهند أبو قطيفان، سامي أبو موس، محمود وتد، محمد العبيد، جاسر أبو زايد، نصار أبو زايد، جلال أبو زايد، طلبي الطوري، (معتقل قاصر)، سلامة الطوري، مسلم الطوري، رأفت الطوري، محمد شهاب حسونة، أيوب مالك حسونة، عبد الحميد حسونة، موسى عبود حسونة، محمد المصري، محمد العاوور، بشار العسيوي، عبد العزيز قدورة، الشيخ يوسف الباز ورامي شعبان.

وقالت صفية العاوور، والدة المعتقل محمد (24 عاما)، لـ"عرب 48" إن "أسرى اللد هم أبطال صابرون، نعتز ونفتخر بهم، لكن هذا لا يعني أن نصمت أمام الظلم الذي يتعرضون له، من تعذيب جسدي ونفسي، وتنكيل بعائلاتهم من خلال منعنا من التواصل مع أبنائنا المعتقلين".

وأضافت أنه "خلال زيارتي الأخيرة لابني ومن مسلسل التنكيل بعائلات المعتقلين، بقيت خارج السجن بانتظار السماح لي بالدخول، لأتفاجأ بخروج ثماني عائلات من ذوي المعتقلين دون إمكانية اللقاء بأبنائهم، مما زاد من قلقي على أبنائنا داخل السجن، وانتفض قلبي من مكانه خوفا على ابني ورفاقه في المعتقل، فإحساس الأمومة لا يخيب، وشعرت بأن الأسرى في ضيق كبير، وصُدمت بعدما رأيت ابني محمد وقد تعرض للضرب والتعنيف الجسدي، إلا أنه أبلغني بصلابة وثبات بأن ما تعرض له رفاقه معتقلو اللد هو عنف أكثر وحشية، ومنهم من تعرض لتشويه في الوجه".

وتساءلت العاوور: "لماذا يعتدون على أبنائنا وقد انتهوا من التحقيق معهم وقُدمت ضدهم لوائح اتهام، أيعتقدون أن أولادنا وحدهم أمام ظلم السجان والمؤسسة الإسرائيلية؟ كافة المعتقلين هم أبناؤنا، لن نسمح بإهانتهم أو إذلالهم. نحن أمهات لشباب أبطال لن يكسرونا، ولن نبكي ولن تذرف دمعة قد تحزن أولادنا، بل نحن نمدهم بقوة الصبر لأن الحق سينتصر ليس الا".

وختمت والدة المعتقل بالقول إن "ابني هو رب الأسرة بعد أن فقد والده. لقد أصبح بمثابة الأب لأخوته والسند لي، هو ابني الحنون الذي افتخر به في كل مكان وزمان، وأشكر كل من وقف إلى جانبنا".

وتطرقت سُكينة حسونة، وهي زوجة المعتقل أيوب حسونة، إلى التعذيب الذي مارسوه على زوجها، وقالت لـ"عرب 48" إنه "لم أتعرف على زوجي بسبب تشويه وجهه من شدة الاعتداء الوحشي عليه داخل السجن".

وأضافت: "أن أعيش دور زوجة أسير ليس بالأمر السهل، فسابقا كنت أرى زوجات الأسرى وأشعر بمعانتهن، ولكني اليوم أًصبحت واحدة منهن أتلوع مر الصبر على ما يمر بزوجي من ظلم داخل المعتقل، فليس من السهل تحمل تغيّب رب البيت قسرا تحت وطأة الظلم في السجن. أيوب هو الأب الحنون لأبنائنا، والزوج الداعم المرافق لجميع النجاحات، وقد بنينا أسرتنا سوية منذ عشر سنوات بدعم وشراكة متينة".

ووصفت حالة أبناء أسرتها بعد لقائهم بزوجها والكشف عن الاعتداء الذي تعرض له بالقول إنه "فقدنا القدرة على النوم لشدة الأرق والتفكير بأيوب، فصورة وجهه التي رأيتها في الزيارة الأخيرة، وقد بقيت آثار التعذيب عليه، لا تفارقني أبدا، فكيف لي أن أغمض عيني وأنا قلقة عليه ولا أعرف ما الذي يمر عليه من ظروف اعتقال وحشية؟".

وأشارت إلى أنه "نحن عائلات الأسرى نطالب بتدخل دولي فوري لمؤسسات حقوق الإنسان، لأن ما يتعرض له المعتقلون أشبه بالتعذيب في سجن ‘غوانتنامو’. لقائي بزوجي في الزيارة الأخيرة جعلني أعيش صدمة، لكني حافظت على تماسكي أمام زوجي كي يبقى صامدا ومتماسكا".

وعن مطلب عوائل المعتقلين، قالت حسونة إن "مطلبنا الحرية للأسرى بشكل عام، ونطالب بتدخل مؤسسات حقوق الإنسان دوليا في قضية معتقلي الداخل الفلسطينيي، ومطلبي لأبناء مجتمعي أن احتشدوا في جلسات المحاكمات ليرى أبناؤنا أنهم ليس لوحدهم ويقف خلفهم شعب ثابت على الدفاع عنهم".

زوجة وطفلا المعتقل أيوب حسونة (عرب 48)

وقال المحامي خالد الزبارقة من اللد لـ"عرب 48" إن "ما تهدف إليه المؤسسة الإسرائيلية من خلال سياستها العنصرية واعتقال الشباب وتقديم لوائح اتهام قاسية ضدهم، كذلك التنكيل والتضييق على العائلات ومداهمة البيوت، ليس إلا لزرع الخوف عند العرب من أية يهودي قد يراه، لكننا نقول إن هذا الهدف لن يتحقق".

وأكد أن "الشباب في المعتقل هم أولادنا، يقف من ورائهم شعب داعم لحقوقهم ومساند لعائلاتهم، بإذن الله تعالى. هؤلاء الشباب ينتمون لشعب وليس لعائلة، لذلك علينا منح شعور لعائلات الأسرى والشهداء الذين يعانون معاناة شديدة بأننا شعب واحد وهُم ليس وحدهم، نؤازرهم ونوفر لهم احتياجاتهم، ونحتشد في جلسات المحاكمة حتى نرفع من معنوياتهم. المعتقلون لم يدفعوا فاتورة باهظة الثمن من حريتهم وحياتهم واستقلالهم وراحتهم لأجل قضية شخصية، بل لأنهم وقفوا دفاعا عنا وعن وجودنا وخاصة في المدن المختلطة، وعلينا نحن رد هذا الجميل لهم. أدعو أبناء شعبنا في كل مكان أن تفاعلوا مع قضية الاسرى وقفوا إلى جانبهم".

محمد العايسم (عرب 48)

وختم الزبارقة بالقول إن "الدولة جلبت المستوطنين الإرهابيين الذين تربوا في دفيئة العنف والكراهية والإرهاب، من الضفة الغربية المحتلة إلى اللد والرملة ويافا وعكا، وتريد أن تزرع الرعب في أبناء شعبنا الفلسطيني، ولأنها فشلت بذلك ووقف أبناء شعبنا وقفة بطولية لأنه شعب بطل يحب الحياة الكريمة والعزيزة تريد الدولة أن تُدفعنا ثمن فشلها، ولكن ليس نحن من يجب أن يدفع ثمن فشل الدولة ومؤسساتها، بل على الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية والسياسية والشرطة والتحقيقات والمخابرات دفع ثمن فشلهم".

والدة المعتقل محمد العاوور (عرب 48)

وأشارت عضو بلدية اللد، فداء شحادة، إلى "حاجة عائلات المعتقلين للمساندة وخاصة أمهات بعد الكشف عن التعذيب في السجون، وقرار عدم الصمت".

وقالت شحادة لـ"عرب 48" إنه "قررنا في اللد كحراك داعم للمعتقلين مساندة الأمهات وزوجات المعتقلين بشكل خاص في هذه الفترة، فمن غير المنطق أن يتم ترهيب واعتقال شبابنا دون أية سبب، إذ أن الشرطة قامت في البداية بحملة اعتقالات للشباب بشبهة رمي البصل في الشارع".

خالد الزبارقة (عرب 48)

وأضافت أن "الشباب في اللد يتعرضون للتضييق حتى في أبسط الأمور الحياتية، إذ يتم رفضهم للعمل في أماكن كثيرة، لمجرد أنهم تعرضوا للتحقيق سابقا ولو لساعات قليلة، وذلك بهدف زرع الترهيب في قلوب الشباب، لكن نحن مستمرون في الحراك لأجل تقوية بعضنا البعض، فالهوية الفلسطينية هي التي توحدنا، ونعمل حتى إطلاق سراح آخر معتقل. فالحراك يضم ناشطين وأمهات معتقلين. لا يوجد أية تفكير بالتراجع عن حراكنا المشروع، إذ أنه حتى الآن لم يتم معاقبة أو محاسبة أية فرد من قتلة ابن اللد، الشهيد موسى حسونة".

وناشدت شحادة كافة الأهالي بـ"متابعة نشاطات الحراك الشبابي في كل بلد لأجل المعتقلين، إذ نخطط لتنظيم نشاطات مشتركة بين اللجان الشبابية التي انبثقت في أعقاب حملة اعتقالات شباب الداخل، إذ سيتم نصب خيمة تضامن أسبوعيا كل يوم خميس في منطقة معينة، نبدأ من مدينة اللد ثم إلى حيفا ومن ثم إلى عكا وباقي المناطق، حتى ننطلق بمظاهرة ضخمة مساندة للمعتقلين".

فداء شحادة (عرب 48)

وقال الشاب محمد العايسم من اللد لـ"عرب 48" إنه "انبثقت في المدينة حركة شباب البلد التي قامت بتجنيد دعم مادي لعائلات المعتقلين الذين فُرض عليهم دفع مبالغ طائلة للمحامين، خاصة في ظل تعطيل أعمالهم والانشغال بمتابعة ملف الاعتقال لذويهم".

وأكد أن "الشباب ماضون في النشاطات ضمن القانون للوقوف إلى جانب المعتقلين".

التعليقات