عيلوط غارقة بالحزن.. ووالد عاصم سلطي يتساءل: ما ذنبي ليحرقوا قلبي على ولدي؟

غمامة سوداء لا تزال تخيم على بلدة عيلوط، المثقلة بمشاعر الهم والحزن على فقدان الشاب عاصم عصام سلطي (28 عاما) ابن القرية والذي كان يسكن مع أسرته حي الجليل في الناصرة، الذي قتل برصاصة طائشة استقرت في جسده

عيلوط غارقة بالحزن.. ووالد عاصم سلطي يتساءل: ما ذنبي ليحرقوا قلبي على ولدي؟

القتيل عاصم عصام سلطي

غمامة سوداء لا تزال تخيم على بلدة عيلوط، المثقلة بمشاعر الهم والحزن على فقدان الشاب عاصم عصام سلطي (28 عاما) ابن القرية، والذي كان يسكن مع أسرته حي الجليل في الناصرة، وأصيب مساء أول أمس، السبت، برصاصة طائشة استقرت في جسده حين كان متوجها بسيارة والده عصام من بيتهم في حي الجليل، إلى منزل عائلة زوجته في عيلوط.

وكان المجلس المحلي في عيلوط قد أعلن الإضراب والحداد العام في البلدة احتجاجا على الجريمة وأعمال العنف والنزاعات الدائرة في البلدة والتي باتت تخطف أرواح الأبرياء، وتعرض سلامة الأهالي للخطر.

والتزم معظم أهالي بلدة عيلوط بالإضراب والحداد، وأغلقت المرافق الحيوية والمؤسسات أبوابها، وتعطلت المدارس، وسادت القرية أجواء كئيبة، وتوقفت الحركة التجارية حتى بدت عيلوط خالية تماما إلا من سيارات الشرطة التي انتشرت عند مداخل القرية وأخرى كانت تجوب الشارع الرئيس.

خيّم "صمت قاتل" على البلدة إلى أن تم تشييع جثمان عريس عيلوط وابنها البار المعروف بدماثة أخلاقه وطيبة قلبه، "الشاب الموهوب ورجل الأعمال الصغير الذي أحبه الجميع، واحتفلوا بزفافه فقط قبل خمسة شهور"، على حد قول أهالي من البلدة تحدثوا لـ"عرب 48"، ليشارك المئات منهم في تشييع جثمانه إلى مقبرة القرية، أمس، الأحد.

"عرب 48" زار منزل عائلة الفقيد سلطي. في لحظة تحوّل المنزل الآمن إلى مأتم يتوافد إليه الآلاف من كل قطر وناحية، لتقديم واجب العزاء بالمصاب الجلل. وفي حديث مع والد الفقيذ، عصام سلطي، قال: "مساء السبت، كان عاصم هنا في البيت (في حي الجليل) حتى أدركته صلاة المغرب، فصلاها في البيت وقال إنه متوجه لتناول طعام العشاء في بيت حماه (والد زوجته) بعيلوط المجاورة، وغادر البيت بسيارتي بينما بقينا نجلس هنا أنا وأخوتي وأفراد العائلة".

عصام سلطي

وأضاف أنه "كنت على علم بوجود إطلاق نار بين أفراد من عائلتين في ساعات النهار بقرية عيلوط، لكن الأمور هدأت لاحقا. بعد الساعة الحادية عشر حين غادر إخواني البيت، تلقيت اتصالا غريبا من شخص يسأل عن عاصم، فقلت له إن عاصم في بيت حماه فأغلق المتصل الهاتف!".

وأكد سلطي أنه"بعد ذلك تكررت الاتصالات من عدة أشخاص يسألون عن عاصم، حينها حاولت الاتصال بعاصم دون أن أتلقى أي رد، فشعرت بالقلق. ركبت السيارة وتوجهت إلى عيلوط، وأنا في الطريق إلى هناك تلقيت اتصالا من ابن شقيقي يبلغني بأن عاصم أصيب بالرصاص وتم نقله بسيارة حماه إلى مستشفى الناصرة (الإنجليزي) وأنه هناك معه، فاستدرت بسيارتي وتوجهت إلى المستشفى".

وأشار إلى أنه "ما أن دخلت إلى غرفة الطوارئ حتى شاهدته يمر من أمامي وهو يُنقل من غرفة الطوارئ إلى المصعد المؤدي إلى غرفة العمليات، وكنت أنتظر خبرا يطمئنني، رغم أنه قيل لي بأن الإصابة جاءت في بطنه، فهذا لم يخفف من قلقي وبقيت أنتظر على أحر من الجمر، لم أكن أعلم أنه أصيب بشريان رئيسي وأنه فقد كمية كبيرة من الدم في الطريق إلى المستشفى. انتظرنا حتى ما بعد منتصف الليل حتى تم إبلاغنا بأن عاصم فارق الحياة".

وردا على سؤال "عرب 48" حول كيف كان يبدو وجهه ابنه حين استدعي لمشاهدته بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة؟ أجاب الوالد الثاكل: "كان يبدو وكأنه نائم، كان مفتوح العينين ووجهه مبتسما. لم أصدق أنه ميت، وكذلك زوجتي قالت لي إنه حي ووجهه ضاحِك. لا يمكن أن يكون قد مات!".

وعن الرصاصة التي أصابت الفقيد، قال والده إن التقديرات تشير إلى أن الرصاصة التي استقرت في جسد ابنه أطلقت من مسافة ما لا تقل عن 700 متر؛ وأكد أن "ابني عاصم كان سندي، وبدأ منذ سنوات قليلة يدير أعماله، وهو وحيد بين أخواته. درس موضوع الهندسة في الأردن وتخرج قبل ست سنوات. لقد حرقوا قلبي... منذ أن بلغ أشده بدأ يرافقني إلى ورشات العمل، كان مليئا بالنشاط والحيوية وحب الحياة. أحبّه الكبير قبل الصغير له أصدقاء من مختلف الأجيال، ومؤخرا أسس جمعية لتعليم الدبكة وأنا اعتمد عليه في كل شيء وأدعمه في كل مشاريعه".

حداد على عصام.. أهالي بلدة عيلوط يلتزمزن بالإضراب ("عرب 48")

وعن جرائم القتل في المجتمع العربي وما إذا كان لديه شكوك أو هاجس من أن تصل جرائم القتل إلى بيبته وتخطف ابنه قال عصام، قال: "لا والله ما توقعت في يوم من الأيام أن يحدث هذا، أنا شخص يحب الناس، وبيتي مفتوح دائما وأبدا، وعاصم كذلك الأمر يحب الجميع ومحبوب من قبل الجميع، ولم أتوقع ولا حتى في أسوأ أحلامي أن يموت ابني بالرصاص! لو كنت قد فقدته نتيجة مرض أو حادث سير لما كنت قد تأثرت بهذا الشكل، لكن أن يقتل بالرصاص من قبل أبناء بلدته وأهله في مسقط رأسه! هو أمانة عندهم، أهكذا يحفظون الأمانة".
وتابع "أدعو كل من يحمل السلاح إلى تسليم سلاحه اليوم قبل الغد، لأن السلاح يقتلنا نحن ولا يقتل أعداءنا ولا يحرر أراضينا ولا مقدساتنا".

وانتقد عصام أداء الشرطة قائلا: "لو كان الضحية يهوديا لكانوا قد حرثوا البلدة"؛ كما انتقد أسباب الخلاف والنزاعات بين العائلات المستمرة منذ عشرات السنين دون أن يوضع حد لهذا النزاع، "ما ذنبي لكي يحرقوا قلبي؟!" تساءل عصام سلطي لكنه أبدا لن يحصل على إجابة!

التعليقات