بؤرة استيطانيّة في المدينة... "حتّى لا يتكرّر ما يحدث في حيّ الشيخ جراح بشفاعمرو"

تتصاعد مخاوف أهالي مدينة شفاعمرو، بشأن البؤرة الاستيطانية التي تشهد أعمال ترميم وتوسعة بالمدينة || رئيس البلدية لا يعرف هويّة المجموعة || مطالبات بتصعيد الاحتجاجات للتصدي للبؤرة وتحذيرات من كارثة محتملة

بؤرة استيطانيّة في المدينة...

مستوطن والشرطة البلدية أمام المبنى بشفاعمرو ("عرب 48")

تتصاعد مخاوف أهالي مدينة شفاعمرو، بشأن البؤرة الاستيطانية التي تشهد أعمال ترميم وتوسعة، بزعم أن المنطقة التي تقع في حيّ "عثمان" بالمدينة، تعود لحاخام يُدعى "يهودا بن بابا"، فيما ادّعى رئيس بلدية المدينة، عرسان ياسين، أن مجموعات المستوطنين التي تصل بشكل دوريّ إلى المكان "لا تتسبب بأي أضرار لأبناء المدينة"، الذين أكّد بعضهم في حديث مع "عرب 48"، أنهم "يعانون من مجموعات اليهود الذين يتوافدون في حافلات، جراء الإزعاج الذي يسببونه".

يأتي ذلك فيما يتابع عدد من أعضاء البلدية واللجنة الشعبية في المدينة، بالإضافة إلى ناشطين، تطوّرات القضية "التي تهدد مخططات تطوير الحيّ".

وقالت الناشطة السياسية جمانة حاج علي من جمعية "نساء القلعة" في شفاعمرو، إنها شاركت برفقة عضو البلدية نجمة عباس في زيارة لأهالي حي عثمان الذين يسكنون بمحاذاة البؤرة الاستيطانية، مشيرة إلى "حالة الخوف التي تسيطر على المواطنين خاصة في ذلك الحي، مما يحول دون تقديم اعتراض، أو المشاركة في أي نشاط لمنع تأسيس هذه البؤرة في حيّهم، لأنهم يعانون من مشكلة البناء غير المرخص لعدم حصولهم على رخص للبناء".

ترميم المبنى بادعاء أنه ضريح لحاخام

وأضافت حاج علي في حديث مع "عرب 48": "لهذا يحاولون (سكّان الحيّ) تجنّب التصادم مع السلطة المحلية، خوفا من تعرضهم لتصعيد من قِبلها، رغم أنهم يعانون من مجموعات اليهود الذين يتوافدون في حافلات، جراء الإزعاج الذي يسببونه، إذ يقومون بتشغيل الموسيقى الصاخبة (في الحيّ)... ويطلقون الصراخ الدائم في ساعات الليل المتأخرة ولغاية ساعات الفجر".

وذكرت أنّ المستوطنين "يقومون بإغلاق الشارع في مدخل حي عثمان، بإيقاف سيارتهم في منتصف الطريق، الأمر الذي يعيق حركة السير أمام أهالي الحي... كما يرمون بالنفايات في الشارع، حتّى تتراكم على مداخل بيوت سكان الحي".

عضو البلدية نجمة عباس والناشطة جمانة حاج علي

وتساءلت حاج علي حول "كيفية تلقي هؤلاء المستوطنين خدمات من شركتي المياه والكهرباء، بشكل سريع ومغاير لتوجُّه المواطنين العرب لهذه المؤسسات، التي تماطل بطبيعة الحال في تقديم الخدمات للمواطنين العرب؟"، داعيةً أهالي الحيّن إلى "عدم الصمت والسكوت والمطالبة بحقهم، فلا يُعقل الصمت على الظلم الذي سيهدد مستقبل أبنائنا".

"محاولة لكمّ الأفواه"

من جانبه، أكّد عضو اللجنة الشعبية في شفاعمرو، مراد حداد لـ"عرب 48"، أنّه "يبدو وكأن هناك محاولة لكم الأفواه، فلا يوجد تاريخ أو رواية موثقة بمستندات حقيقية تؤكد صحة الادعاء بأن القبر يعود لحاخام يهودي"، مشيرا إلى "تهديد المحدِق (يتمثّل بـ) المجموعات اليهودية غير معلومة الهوية، لا للسلطة المحلية، ولا للوزارات المختلفة".

وأضاف حدّاد: "حاولت الوصول للأرشيف التركي لإثبات ذلك، بالرغم من ذلك فإن وجود قبر لحاخام يهودي كما يدّعون، ليس مبرِّرا لبناء بؤرة استيطانية في المكان".

وتابع: "أتوقع حراكا أكبر ضدّ خطر داهم للحيّ، وعلينا أن نمنع الخطر والمصيبة قبل أن تقع"، مضيفا: "أناشد أهالي حي عثمان بمواصلة اعتراضهم على هذه البؤرة الاستيطانية التي تهدد أمن وسلامة أبناء الحي خاصة وشفاعمرو بشكل عامّ".

عضو اللجنة الشعبية، حدّاد

وقال حدّاد، إنّ "تصريح بلدية شفاعمرو بأن المجموعة القائمة على ترميم القبر مجهولة الهوية، يُعزّز الشكوك حول النوايا الخبيثة عند هذه الفئة، إذ أن المستوطنين باتوا يعززون من استيطانهم في مدن الداخل (الفلسطيني)، من خلال ما يُسمّى بـ’النواة التوراتية’ لمواجهة فلسطينيي الداخل منذ عام 2000، وتصعيد التضييقات ضدهم"، محمّلا "بلدية شفاعمرو ولجنة التنظيم، مسؤولية ما قد يحدث من كارثة على المدينة التي شهدت قبل بضع سنين كارثة على يد مستوطن"، في إشارة إلى استشهاد 4 من أبناء وبنات المدينة في المجزرة التي ارتكبها الإرهابيّ ناتان زادة عام 2005.

رئيس البلديّة: لا أعرف هويّة المجموعة!

بدوره، قال رئيس بلدية شفاعمرو، عرسان ياسين لـ"عرب 48"، إنّ "تاريخ القبر يعود لحاخام يهودي تعرض للأذى في فترة الرومان، ومنذ عام 1998 وُجِّهت لي كرئيس بلدية دعوة من قِبل مجموعة يهودية أقامت برنامجا دينيا هناك، ولو وُجد هذا القبر في دولة عربية لتمّ ترميمه".

المستوطنون يصلون بحافلات للبؤرة

وأضاف: "توجهت في الفترة الأخيرة مجموعة يهودية لا أعرف هويّتها بطلب ترميم القبر، وقد أقاموا بناء مراحيض وغرفة (أخرى) علما بأن حي عثمان يضم بيوتا عديدة بُنيت بدون رخص بناء، كما أنّ الإضافة التي أُجريَت في محيط القبر، غير مرخّصة، إذ ستتقدم المجموعة لطلب رخصة للإضافات التي تم بناؤها، وعندها سنتعرف على هوية هذه المجموعة".

وتابع ياسين: "أؤكد بأنني في حال تأكدت بأن الأمر يتسبب بإزعاج لأبناء بلدي فإن مصلحة أهالي شفاعمرو فوق كل شيء، ولكن هذه المجموعة لا تتسبب بأية أضرار لأبناء المدينة"، على حدّ قوله.

"سلطة عليا تمنح المستوطنين القوّة لمواصلة البناء"

من جانبه، أشار عضو البلدية، عامر أرملي إلى أنه " تم عقد جلسة بلدية لرفض هذا المخطط، وتعيين لجنة لمتابعة وتقصي الحقائق حول المجموعة التي تشرف على هذا المكان، وحول الأضرار التي يتعرض لها أبناء الحي، وحتى الآن لم تعرض اللجنة ما قامت به".

وأضاف في حديث مع "عرب 48": "بدورنا سنستجوب هذه اللجنة، وأُوضِح عدم معارضتنا للحفاظ على مواقع أثرية ودينية، ولكننا ضدّ بناء إضافات غير قانونية بدون إحضار التصاريح اللازمة"، لافتا إلى أنه "يظهر بحسب فخامة البناء والإضافات بأنه يوجد سلطة عليا تمنح مجموعة المستوطنين القوة لمواصلة البناء، ولا أحد قادر على ردعهم".

عضو البلدية، أرملي

وطالب أرملي "بتصعيد الحراك الشعبي بالتنسيق مع اللجنة الشعبية، حتى لا تقع مصيبة في المدينة، ولأجل منع الأيدي الخفيّة من مواصلة العمل في هذه البؤرة".

وشدّد على أنّ أبناء الحيّ "يشهدون وصول الحافلات التي تعجّ بمجموعة تقوم بأعمال شغب، وبدورنا كأعضاء بلدية، سنواصل التصعيد حتى نصل إلى حلّ لهذه القضية، حتى لا يتكرر مشهد ما يحدث في حي الشيخ جراح (في القدس المحتلة، والمُهدَّد بالتهجير لصالح مستوطنين يزعمون ملكيّتهم لمنازل الحيّ) في شفاعمرو".

بدوره، ذكر عضو البلدية، زهير كركبي، أنّ "المطلوب انضمام أهالي حي عثمان للحراك الشعبي وتنظيم تظاهرات أمام البلدية، ومكاتب التنظيم، حتى يتم اقتلاع هذه البؤرة الاستيطانية التي تهدد مخططات تطوير الحي".

وتابع كركبي: "سنطالب اللجنة التي تم تعيينها لتقصي الحقائق بتسليمنا تقريرا حول نتائج عملها، إذ لم نتسلّم أي تقارير عن عملها، وأؤكد أن هذه الفئة من المستوطنين، مدعومة من جهات غير معروفة، وعلينا كأعضاء بلدية، عدم السكوت وطرح القضية بشكل متواصل أمام البلدية، وتعزيز الضغط الشعبي أمام البلدية ومكاتب التنظيم لتنفيذ أوامر الهدم ضد المبنى الجديد بجانب القبر".

التعليقات