كيف تسللت الجريمة إلى دير حنا؟

تبدلت حياة المواطنين في دير حنا بمنطقة البطوف رأسا على عقب في الفترة الأخيرة، إذ باتت مشاهد إطلاق النار مألوفة في الوقت الذي لم يشهد تاريخ القرية جرائم قتل قبل الجريمة التي أودت بحياة الشاب جهاد حمود في شهر تشرين

كيف تسللت الجريمة إلى دير حنا؟

منظر عام في دير حنا (عرب 48)

تبدّلت حياة المواطنين في دير حنا بمنطقة البطوف رأسا على عقب في الفترة الأخيرة، إذ باتت مشاهد إطلاق النار مألوفة في الوقت الذي لم يشهد تاريخ القرية جرائم قتل قبل الجريمة التي أودت بحياة الشاب جهاد حمود في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

ولم تتوقف جرائم إطلاق النار في البلدة في الآونة الأخيرة، وإن تعددت الأسباب، تبقى معالم الجريمة واحدة ويشار إليها بالبنان. لكن تبقى مواجهة الجناة محفوفة بالخوف، كما تُنمّى مخاوف من تعريض المواطنين للأذى تحت غطاء ما يعرف بنفوذ "عائلات الإجرام".


وشهدت دير حنا في الآونة الأخيرة حراكا شعبيا متواصلا ضد ظاهرة العنف والجريمة، وتنديدا بتقاعُس الشرطة وتواطئها مع عصابات الإجرام.

استمع لبودكاست "الإقامة في النزيف: مئة يوم من القتل" والذي نُشر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي:

وفي الوقت الذي يُلحظ فيه تقاعُس الشرطة في لجم الظاهرة التي باتت تهدد مجتمعا بأكمله، تبنّى الأهالي في دير حنا، تشكيل لجنة تمثل عائلات البلدة وقواها السياسية، حتى توجه إنذارا مباشرا لمن تسوّل له نفسه التلاعب بحياة الآمنين وأمن وسلامة البلدة.

إلياس خوري

وقال نائب رئيس مجلس محلي دير حنا، إلياس خوري، لـ"عرب 48" إن "البلدة غير معتادة على أجواء العنف والجريمة، سيما وأنها لطالما عُرفت بالهدوء والأمن والاستقرار، نحن من جانبنا في المجلس المحلي بصدد تنفيذ خطط كبيرة في مجال التربية والتعليم وتخصيص ميزانيات لبناء شبكة كاميرات مراقبة وغيرها".

وأضاف: "كما نحاول بذل قصارى جهودنا الاجتماعية من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي في البلدة، ونطالب الشرطة تحمل مسؤولياتها تجاه المواطن وأمنه، كما النواب العرب من أجل إيجاد صيغ تشريعية صارمة للتعامل مع قضايا السلاح وإطلاق النار".

محمد حسين

وذكر محمد حسين لـ"عرب 48" أنه "أعتقد أن ما يحدث في دير حنا وغيرها من البلدات العربية هو تفكك للقيم التي اعتدنا عليها ونظمت حياتنا على مدار السنوات، وعدم استبدالها بنظم وقوانين تؤمن الحد الأدنى من الأمن والاستقرار وتنظيم حياة المجتمع".

وتابع: "في دير حنا كانت صراعات عائلية قديمة عايشناها وتجاوزناها بسلام، ولا أذكر جريمة قتل واحدة وقعت طوال 75 عاما من حياتي، فقد حكمتنا القيم والتقاليد على مدار سنوات ولم تسفك دماء أحد، بخلاف ما نراه اليوم من تفكك كامل للمجتمع".

د. مازن علي

وقال د. مازن علي لـ"عرب 48" إنه "مع الأسف الشديد، هذه الجرائم إنما هي حصاد ما نفشل به في مجال التربية والتعليم، فقد بات التدخل المباشر للأهالي في مسار العملية التعليمية والتربوية من جيل الطفولة المبكرة مرورا بمراحل الابتدائية، سببا مباشرا لتفشي العنف، فالأطفال يكبرون على التنمر على بعضهم البعض، والعائلات تنمي العنف وتحميه بدلا من نبذه، والمعلمون لا حيلة لهم مقابل هذا النهج الجماعي الذي يفتك بمجتمعنا".

سامي خطيب

وذكر مدير مشروع البلد الآمن في دير حنا، سامي خطيب، لـ"عرب 48" أن "الأحداث الأخيرة في البلدة باتت تهدد سلامة وأمن البلد، ونحن نسعى جاهدين من خلال برامج التوعية لخفض منسوب العنف، البعض يفهم هذا المشروع وكأنه بديل للشرطة أو مكانها، فما يتوفر لدينا هو أدوات توعية وبعض الوسائل التكنولوجية مثل تركيب نظام مراقبة الكاميرات، ونحن نقوم بهذا العمل ولكن التحديات كبيرة وتحتاج إلى تكافل مجتمعي لنبذ هذه الظاهرة من بلدنا واستعادة الأجواء الآمنة التي لطالما عهدناها في دير حنا".

يذكر أن حصيلة ضحايا جرائم القتل بالمجتمع العربي في العام المنقضي، بلغت 111 ضحية بينها 16 امرأة؛ لا تشمل ضحايا الجرائم التي ارتُكِبت في منطقتي القدس وهضبة الجولان المحتلتين.

ويُستدل من المعطيات والإحصائيات، أن جرائم القتل ازدادت بشكل مقلق للغاية، غالبيتها اقتُرفت باستخدام السلاح الناري، وأخرى ارتكبت بالاعتداء والطعن بالسكاكين، والآلات الحادة، والدهس، وغيرها.

التعليقات