النقب: الشباب يقود النضال ضد التشجير والتهجير

على مقربة من أراضي نقع بئر السبع وتحت أشجار الزيتون، جلس الشاب فؤاد الأطرش (18 عاما) ابن قرية الأطرش مسلوبة الاعتراف، يحدق في المساحات التي جرّفتها وحرّشتها السلطات الإسرائيلية.

النقب: الشباب يقود النضال ضد التشجير والتهجير

خاصة بـ"عرب ٤٨" (وليد العبرة)

على مقربة من أراضي نقع بئر السبع وتحت أشجار الزيتون، جلس الشاب فؤاد الأطرش (18 عاما) ابن قرية الأطرش مسلوبة الاعتراف، يحدق في المساحات التي جرّفتها وحرّشتها السلطات الإسرائيلية، وذلك ضمن مخطط ما تسمى الـ"كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق الدائم لإسرائيل - "كاكال")، والذي يهدف لتجريف وتحريش ومصادرة أراضي المواطنين العرب في النقب.

وفي هبة أهالي النقب ضد تحريش أراضيهم، وخصوصا في قريتي سعوة والأطرش، برز دور الشباب في التصدي لتهويد الأرض، إذ اعتقلت الشرطة الإسرائيلية أكثر من 130 شابا وفتاة من النقب، وذلك بعد قمعهم بطرق وحشية واستخدام العنف المفرط بحقهم، ولا يزال شاب يخضع للعلاج في المستشفى إثر إصابته الخطيرة من جراء اعتداء الشرطة.

وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الأخيرة، تفاعلا واسعا مع أهالي النقب، إذ استعان الجيل الشاب في النقب هذه الشبكات لنقل معاناتهم إلى العالم، وبرز وسم "أنقذوا النقب" في "تويتر" و"انستغرام"، وذلك بسبب التفاعل الكبير على هذا الوسم.

هدى أبو عبيد

وفي النقب، 35 قرية عربية تسلبها السلطات الإسرائيلة حق الاعتراف، يقطن في هذه القرى قرابة 150 ألف فلسطيني منذ عقود، يعيشون في ظروف معيشية صعبة جدًا، دون كهرباء وماء، وبنى تحتية، ومؤسسات تعليمية، وصحية. ويستدل من الإحصائيات الأخيرة أن أعلى نسبة وفاة للأطفال بسبب الحوادث في النقب، بالإضافة إلى أن أعلى نسبة فقر في البلاد في النقب أيضا، وذلك نتيجة التمييز والعنصرية ضد العرب في النقب.

وتواصل السلطات الإسرائيلية تجريف أراضي المواطنين العرب في النقب وحرث محاصيلهم الزراعية، مصدر رزقهم الأساسي، بالإضافة إلى هدم بيوتهم وتشريد العائلات العربية، إذ تم هدم مساكن أهالي قرية العراقيب 196 مرة لغاية اليوم، وفي كل مرة يعود الأهالي لبناء مساكنهم من جديد.

أصحاب الأرض

قال الشاب فؤاد الأطرش، من قرية الأطرش، لـ"عرب 48" إن "قريتي الأطرش هي كل شيء بالنسبة لي، فقد ولدت وترعرعت فيها وهنا كل ذكرياتي. لا يمكن أبدًا أن أتنازل عن شبر واحد منها، ولذلك من المهم جدًا أن يتواجد الشباب النقباوي في الميدان للدفاع عن أرضنا من المحاولات الإسرائيلية التي تهدف للاستيلاء على أراضينا. نحن أصحاب الأرض الأصلانيين، إذ هنا أجدادي ولدوا وترعرعوا، ولا يمكن الاستغناء عن أرضنا أبدًا".

وتطرق إلى أهمية الدفاع عن الأرض، وقال إنه "لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي والقوات الإسرائيلية تجرف وتحرش أراضينا التي ورثناها عن أجدادنا. هذه الأراضي لنا، وستبقى كذلك، لذلك من الواجب التصدي لهم، حتى لو انتهى الأمر بالاعتقال واستخدام القوة والسلاح ضدنا. كل هذه الممارسات والسياسات لا تخيفنا ولن تردعنا، وسنبقى نتصدى للتجريف حتى نحافظ على أرضنا، فهذه الأرض لنا وستبقى لنا".

وعن مشاركة الفتيات في النضال، قال الأطرش إن "الفتيات لن دور كبير في النضال والتصدي، ومشاركتهن واجب، ومن المهم أن يقف المجتمع النقباوي بكل أطيافه أمام هذه الممارسات والتصدي لها. أقدّر كل فتاة تقف أمام هؤلاء لأن الفتيات أيضًا صاحبات الأرض، والسياسة الإسرائيلية لا تميز بين شاب وفتاة عربي فلسطيني".

تغيير الطبيعة

وقالت ابنة النقب، هدى أبو عبيد، لـ"عرب 48" إنه "في كل سنة يكون هناك حرث وتخريب للأراضي التي يزرعها المواطنون في النقب، لكن الأمر نختلف، اليوم، إذ يهدف لتحريش الأراضي من قبل ما تسمى الـ"كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق الدائم لإسرائيل - "كاكال")، المعروفة تاريخيًا بهذه السياسية من أجل الاستيلاء على الأراضي ومصادرتها من أصحابها، وأيضًا من أجل تغيير المناطق، إذ أنه معروف بأن المواطنين العرب يزرعون أراضيهم بالزيتون، ولكن السلطات تهدف للاستيلاء على الأراضي ومصادرتها، وتحاول أن ثثبت نفسها على النقب والأرض، ولن نسمح لها بذلك".

محمد الأطرش

وعن دور الفتاة النقباوية، أكدت أنه "من المهم والواجب تواجد الفتيات والشبان من أجل منع مصادرة أراضينا التي هي كل شيء بالنسبة لنا، ومن الواجب أن يتصدى جميع أهالي النقب لهؤلاء الذين يحاولون سرقة أراضينا منا".

وختمت أبو عبيد بالقول إنه "من المهم أن يعبّر الجيل الشاب والصاعد في النقب عن نفسه، وعدم السماح للمؤسسة الإسرائيلية بتكميم أفواهنا، على الرغم من كل المحاولات التي تهدف لإسكاتنا من قبل الشرطة، وعدم السماح لنا بالتعبير عن ذاتنا، ومن المهم أن نبقى صامدين على أرضنا، ونحن نعبر عن أنفسنا دون عنف وبطرق سلمية".

صامدون

وقال الفتى محمد الأطرش الذي اعتقلته الشرطة الإسرائيلية أثناء عمليات التحريش، إن "الشرطة اعتقلتني بطريقة عنيفة ووحشية جدًا أثناء تحريشها أراضينا في الأطرش، والتي بملكية أجدادي منذ عشرات السنين، ونحن صامدون عليها، على الرغم من التضييق الذي يمارس بحقنا منذ قيام عام النكبة 1948".

وعن الاعتقال، قال لـ"عرب 48" إن "أفراد الشرطة هددوني وطالبوني بعدم التصدي للتجريف والتحريض في أرضنا، وهم يرودونني ألا أدافع عنها، لكنني قلت لهم إنني سأبقى أدافع عن أرضنا الثمينة حتى آخر نفس، ولن نتنازل عنها أبدًا، لأن الأرض لنا وليست لكم".

ورفض الأطرش فكرة العيش في مكان آخر، مؤكدا أنه "لن نقبل أبدًا أن نترك أرضنا ونتوجه للعيش في مكان آخر، لأننا ولدنا هنا وسنبقى هنا، مهما قمعوا واعتقلوا، فكل هذه الطرق لن تثنينا عن حقنا، وسنبقى هنا بثبات وصمود، ولن ترهبنا تصرفات الشرطة القمعية والوحشية".

اعتقالات

وقال الشاب أحمد الأطرش، لـ"عرب 48" إن "هذه الأرض لنا منذ أكثر من قرن من الزمان، أي قبل قيام هذه الدولة ومؤسساتها العنصرية، إذ قلعت قوات الشرطة خلال التجريف قبل يومين شجرة عمرها أكبر من عمر إسرائيل، والتي كان قد زرعها جدي قبل أكثر من قرن. السلطات تمنعنا من مصدر رزقنا من خلال تحريش الأراضي".

فؤاد الأطرش

وعن قمع الاحتجاجات، أكد أنه "لا نخاف أبدًا، بل على العكس تمامًا، هم الذين يأتون مدججين بالأسلحة، وعلى الرغم من ذلك لا نخافهم، وكل هذا لن يثنينا وسنبقى صامدين على أرضنا، وهذا حال الشبان في القرى النقباوية. وإذا تم اعتقالنا ونحن ندافع عن أراضينا فهذا شرف كبير لنا، واعتقال الفتية الصغار والفتيات يدل أنهم يخافون من الصغار أكثر من الكبار".

وختم الأطرش بالقول إنه "لا يعقل أنه خلال التحريش والاعتداءات علينا كان هناك بين الجنود عرب من أبناء جلدتنا، يقومون بالاعتداء علينا بوحشية مفرطة. التحريش ومصادرة الأراضي حاليًا في قريتنا، لكنه سينتقل إلى بيوتكم، وعلينا الوحدة والتكاتف من أجل التصدي لمصادرة الأرض، وفي النهاية قوتنا بوحدتنا".

التعليقات